أبرز علماء الأندلس المسلمين في الأدب
تاريخ الأندلس يعكس بوضوح دور العلماء والفقهاء المسلمين في تأسيس الحضارة الإسلامية، حيث تعيش البلاد في أزهى عصورها التاريخية. تُعتبر تلك الحقبة من الزمن حقبة تنوير حقيقي بفضل ما أسهم به هؤلاء العلماء من معرفة وعلم في مجالات عدة، ومن بين هذه المجالات كان للأدب مكانة متميزة.
يبرز في هذا السياق عدد من العلماء المسلمين في الأدب:
الإمام القرطبي
هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري القرطبي، وُلد في قرطبة في القرن الثالث عشر، ويُعتبر من أبرز العلماء في مجاله، كونه فقيهًا ومحدثًا، وقد اشتهر بتفسيره للقرآن الكريم المعروف باسم (تفسير القرطبي).
تلقى تعليمه في قرطبة على يد عدد من العلماء مثل ابن أبي حوتشي، والفقيه الأشعري. بعد استيلاء الملك فرديناند الثالث على المدينة عام 1236م، انتقل إلى مصر حيث مكث في الإسكندرية وأكمل دراسته في الحديث والتفسير، ثم انتقل إلى القاهرة واستقر في مدينة منية أبي الخصيب حتى وفاته عام 1273م.
ابن عبد ربه
هو أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه، وُلد في عام 246هـ الموافق 848م في قرطبة، حيث تميز بتعدد معارفه في علوم الفقه، والحديث، والتفسير، والأدب، واللغويات كالشعر والتاريخ.
اكتسب معرفة شاملة في هذه المجالات وعُرف بشغفه بالشعر والموسيقى، انضم إلى حاشية الأمير عبد الله حاكم قرطبة وكتب له العديد من القصائد، وبعد وفاته انضم إلى حاشية الأمير عبد الرحمن الناصر الذي أثنى عليه في كثير من القصائد، وتوفي ابن عبد ربه عام 327هـ.
الشيخ ابن أبي حجة
الشيخ أبو جعفر أحمد بن محمد القيسي، المعروف بابن أبي حجة، وُلد في قرطبة حيث تلقى القرآن الكريم وعلومه، وبعدها بدأ بتدريسه للآخرين، ومن بينهم الشيخ القرطبي الذي تعلم القراءات السبع على يديه.
غادر قرطبة متجهًا إلى إشيلية بعد سقوطها، لكنه تم أسره خلال الطريق وتوفي عام 643هـ نتيجة ما تعرض له من تعذيب. من مؤلفاته المهمة: “تسديد اللسان لذكر أنواع البيان” و”تفهيم القلوب آيات علام الغيوب”.
القاضي أبو بكر ابن العربي
هو العالم والفقيه أبو بكر بن محمد بن ابن العربي الأشبيلي، وهو من أصول قبيلة معافير التي انتقلت من الشام إلى الأندلس بعد انهيار الدولة الأموية على يد العباسيين.
وُلِد ابن العربي عام 468هـ وتوفي عام 543هـ، وكان من العلماء البارزين، وتم تعيينه قاضيًا لمدينة إشبيلية رغم معارضة أهل المدينة لقرارات تلك الإدارة.
أبرز علماء الأندلس المسلمين في الطب
قدّم العلماء المسلمون في الأندلس إسهامات كبيرة في مجالات الطب والعلوم الطبيعية، حيث ازدهر هذا المجال لعدة قرون بفضل جهودهم ودعم الدولة لهم، لا سيما في القرن العاشر مع بداية العهد الأموي لعبد الرحمن الثالث في قرطبة، الذي سعى لتأسيس ثقافة تعليمية شبيهة بتلك الموجودة في بغداد.
أما بشأن أهم علماء الأندلس في الطب، فهم:
أبو القاسم الزهراوي
هو أبو قاسم بن عباس الزهراوي، المعروف في الغرب باسم (الزهرافيوس أو البوقاسيس)، وُلد في مدينة الزهراء عام 936م، وهو ينتمي إلى قبائل الأنصار في المدينة المنورة.
اشتهر كطبيب وجراح وصيدلي، وعمل في بلاط الخليفة نظرًا لعلمه الغزير، ومن مؤلفاته المعروفة كتابه (التصريف لمن عجز عن التأليف)، الذي يتألف من 30 جزءًا ويغطي مختلف مجالات الطب. توفي عام 1013م عن عمر يناهز 77 عامًا.
ابن زهر
هو أبو مروان عبد الملك بن أبي العلاء، وُلد في إشبيليا عام 1090م، ويُعتبر من أبرز الأطباء في الأندلس، حيث حاز لقب طبيب الخلافة الغربية.
ترك العديد من المؤلفات المهمة في الطب، كان يعتمد على ما ناقشه العالم ابن سينا وأبدى معارضته لكثير من آرائه. درس الطب في جامعة قرطبة ثم سافر إلى بغداد والقاهرة قبل بدء ممارسة الطب تحت إشراف والده.
أبرز علماء الأندلس المسلمين في الفلك
برزت علوم الفلك في الأندلس بشكل ملحوظ لما لها من أهمية في حياة المسلمين، فقد كان لها دور في تحديد أوقات الصلاة وتطوير التقويمات الإسلامية. عمل العلماء الفلكيون المسلمون بكل جهد لوضع مفاهيم ونظريات جديدة في هذا المجال.
ومن أهم العلماء المسلمين في الفلك:
المجريطي
هو أبو القاسم مسلمة بن أحمد المجريطي، وُلد عام 950 في مدينة مجريط (مدريد حاليًا) وتوفي عام 1007 في قرطبة. كان عالمًا في مجالات الفلك والكيمياء والرياضيات والاقتصاد، وشارك في ترجمة كتاب بطليموس وأدخل تعديلات على الجداول الفلكية التي وضعها الخوارزمي.
أسهم في تحويل التواريخ الفارسية إلى هجري، وكان من الأوائل الذين استخدموا أكسيد الزئبق، كما اشتهر بمهاراته في الرياضيات.
ابن حزم
هو كامل أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، وُلد في قرطبة عام 994هـ، وكان مؤرخًا وفقيهًا وعالمًا معروفًا باتساع علمه.
تلقى تعليمًا متميزًا، حيث كان والده وجده يعملان في بلاط الخليفة الأموي، وبعد سقوط الدولة الأموية عانى من الضغوط وسُجن لدعمه للأمويين، ويُنسب إليه حوالي 400 عمل، لكن لم يبقَ منها سوى 40 مؤلفًا في ميادين عدة.
ابن الزرقالي
هو أبو إسحاق إبراهيم ابن يحيى الملقب بالزرقاني، وُلد في الربع الأول من القرن الحادي عشر، حيث كانت عائلته تعمل في الحرف مما ساعده على اكتساب مهارات في صنع الأدوات الفلكية.
انتقل للعيش في قرطبة بعد أن تعرضت مدينته للغزو، وعمل في مجالات النظريات الفلكية وحركة النجوم، فضلاً عن تطوير الجدوال الفلكية وصناعة الأدوات الخاصة بها.
أبرز علماء الأندلس المسلمين في الجغرافيا
عمل العلماء المسلمون في الأندلس على بناء مفاهيم جديدة في الجغرافيا مستندين إلى المعرفة اليونانية والرومانية، وفي مقدمتها كتاب الجغرافيا لبطليموس، لكنهم تجاوزوا ذلك بوضع نظريات خاصة تدعمها تقدمهم في الرياضيات والفلك.
من أبرز العلماء المسلمين في الجغرافيا:
الشريف الإدريسي
هو كامل أبو عبد الله بن محمد بن عبد الله بن إدريس الحساني الإدريسي، وُلد عام 1100م في مدينة سبتة بالمغرب وتوفي عام 1165م.
يعتبر من أعظم الجغرافيين العرب، إذ قضى معظم حياته في التنقل بين شمال أفريقيا وإسبانيا، مما أهلّه لجمع معلومات شاملة عن تلك المناطق. ومن أشهر كتبه: “نزهة المشتاق في اختيار الآفاق”.
أبو عبيد البكري
هو أبو عبيد الله بن عبد العزيز بن محمد بن أيوب بن عمر البكري، وُلد عام 1014م وتوفي عام 1094م، واشتهر بعلمه في الجغرافيا، حيث انتقل مع والده إلى قرطبة بعد الإطاحة بوالده.
ألف العديد من الكتب حول أوروبا والمناطق الأفريقية وشبه الجزيرة العربية، ومن أهم مؤلفاته “كتاب المسالك والممالك” الذي كتب في عام 1068م، وشمل معلومات عن غانا وسلالة المرابطين وطرق التجارة عبر الصحراء.
أبرز علماء الأندلس المسلمين في الهندسة
سادت الحياة العلمية في الأندلس، لا سيما في مجالات الهندسة المعمارية والرياضيات خلال الحكم الأموي، حيث ساهمت التعاليم التي جاء بها القرآن الكريم في تعزيز البحث عن المعرفة واستكشاف ما هو خفي.
من أشهر العلماء في مجال الهندسة:
ابن السمح
هو أبو القاسم أصبغ بن محمد بن السمح، وُلد عام 979م وتوفي عام 1035م في قرطبة، واشتهر بلقب المهندس، إذ كان له إسهامات في مجالات الرياضيات والفلك.
غادر إلى غرناطة حيث قضى بقية حياته، وكتب عدة مؤلفات في مجالات الرياضيات والهندسة، حيث وضع الكثير من النظريات وحل المعادلات التربيعية والتكعيبية.
عباس بن فرناس
وُلد عام 810 في مدينة روندا بجوار مالقة، وتلقى تعليمه في مجالات عدة، وبرز في قرطبة كعالم ومخترع.
كان له إنجازات في مجالات الفلسفة، والرياضيات، والهندسة، والفلك، والكيمياء، والشعر، ثم لقب بـ (حكيم الأندلس)، وكان أهم إنجازاته في مجال الطيران عندما قفز من برج مسجد قرطبة مستخدمًا مظلة صنعها بنفسه.