دبلن
دبلن (بالإنجليزيّة: Dublin) تُعتبر عاصمة جمهوريّة إيرلندا وأكبر مدنها. تُعرف المدينة أيضاً باسم “Dyfflin”، أي البركة السوداء، نسبةً إلى المستنقع المظلم الذي يتدفق نحو نهر ليفي الذي يمر عبرها.
تجمع مدينة دبلن بين الحداثة والتاريخ، حيث تُعكس الحياة الحالية للمدينة المشهد العصري المذهل، بالإضافة إلى ماضيها الغني بالأحداث السياسية والاقتصادية. تشارك دبلن في المنطقة الكبرى المسماة دبلن الكبرى، والتي تضم مدنًا أخرى مثل مقاطعة ميث ومقاطعة كيلدير ومقاطعة ويكلو، وتبلغ المساحة الإجمالية للمدينة 118 كم².
موقع دبلن
تتمتع دبلن بموقع استراتيجي فريد، حيث تقع على الساحل الشرقي لإيرلندا في مقاطعة لينستر. تُعد المدينة ميناءً رئيسيًا للبلاد، وتستقر على حافة خليج دبلن المطل على البحر الإيرلندي، كما تجري على ضفاف نهر ليفي الذي يصب في البحر الإيرلندي عبر سهل محاط بالجبال. جغرافياً، تتموضع إحداثيات المدينة بين خط طول ″59 ′20 °53 شمالاً وخط عرض ″37 ′15 °6 غرباً.
مناخ دبلن
تتميز دبلن بمناخ بحري معتدل، يشمل صيفاً دافئاً وشتاءً بارداً. حيث تُسجل درجات الحرارة في الشتاء أدنى مستوياتها في شهري يناير وفبراير، حيث يصل متوسطها إلى 6 درجات مئوية. بينما تتراوح درجات الحرارة القصوى في شهري يوليو وأغسطس حول 20 درجة مئوية. أما التألق الشمسي في شهري مايو ويونيو فيصل إلى متوسط 4 ساعات يوميًا، في حين تسجل الأمطار بين 760 و1,000 ملم سنوياً، حيث تتركز كميات الأمطار الأكبر في المناطق الجبلية.
سكان دبلن
يبلغ عدد سكان مدينة ومقاطعة دبلن 1,273,069 نسمة. في حين تعيش في منطقة دبلن الكبرى نحو 1.8 مليون نسمة، مما يُشكل حوالي 39% من إجمالي سكان إيرلندا. تُعتبر دبلن أكبر منطقة تضم سكاناً من غير الإيرلنديين في البلاد. خلال النصف الثاني من القرن العشرين، شهدت المدينة نمواً سكانياً بلغ 1%، وذلك نتيجة هجرة السكان من المناطق الريفية إلى المدينة. كذلك، بدأ خلال الربع الأخير من القرن نفسه الاتجاه نحو الضواحي الجديدة في الجنوب الغربي والشمالي من دبلن.
تُعد دبلن مركزاً رئيسياً للجماعات الدينية في إيرلندا، حيث تُعتبر المدينة الأشد تنوعًا من الناحية الدينية في البلاد. يعكس التنوع الديني فيها نمو هجرات السكان وتزايد الجماعات المسيحية الإنجيلية والكاريزمية خلال السبعينيات. تشمل غالبية السكان الروم الكاثوليك، بينما شهدت إحصاءات أوائل القرن الحادي والعشرين زيادة ملحوظة في عدد البروتستانت والمسلمين في المدينة. وفي الآونة الأخيرة، يلاحظ تزايد أعداد السكان الذين لا ينتمون إلى أي دين، لا سيما بين الشباب.
اقتصاد دبلن
تتمتع دبلن باقتصاد قوي، حيث يمثل النشاط الاقتصادي في المدينة 47% من الناتج المحلي الإجمالي لإيرلندا، وهو رقم مرتفع جداً مقارنةً بمساهمة مدينة مثل لندن التي تُساهم بـ20% فقط من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة. وفقًا لإحصائيات عام 2011، توفر دبلن فرص عمل لحوالي 925,000 نسمة، أي بنسبة 49% من الشعب الإيرلندي. كما تجذب المدينة شركات عالمية كبرى، حيث تُمثل مكاناً لوجود مقرات لأفضل 10 شركات عالمية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، و9 من أصل 10 من أكبر شركات البرمجيات.
تاريخ دبلن
تأسست أول مستوطنة في دبلن تحت اسم “كلاث”، وفي القرن السادس الميلادي أُسس دير في المدينة، مما جذب قبائل الفايكنغ الذين أطلقوا عليها اسم “Dyflinn”. شهد القرن العاشر تطوراً لهذه المنطقة، وفي عام 1170 ومع بداية الاحتلال الإنجلو نورمان، كانت المدينة تمتلك نظام شوارع وأسوار تحيط بها للحماية، مع بناء كاتدرائية وكنائس رعية ومنازل رهبانية على ضفاف نهر ليفي. وفي العام نفسه، أصبحت دبلن عاصمة سلطة إيرلندا، واستوطنتها أعداد كبيرة من القادمين من إنجلترا وويلز.
في بداية القرن السادس عشر، عانت المدينة من الاضطرابات الناتجة عن صراع الملك هنري الثامن مع الكنيسة، مما أدى إلى حركة نهب وتفتيت للمؤسسات الدينية الموالية للبابا. وقد أُمرت بحرق الآثار المقدسة، وإغلاق الأديرة ما أدى إلى تغييرات كبيرة في المدينة. ومع نهاية القرن السابع عشر، أصبحت دبلن عاصمة المملكة الإيرلندية تحت حكم الأقلية البروتستانتية الإنجليزية الجديدة.
بعد تطور المدينة سياسيًا وزيادة الاتصالات مع إنجلترا، أصبحت دبلن تحتل المركز الثاني كأهم مدينة في الإمبراطورية البريطانية. أُسس فيها برلمان خاص ولكن أُلغِيَ في القرن التاسع عشر خلال حرب الاستقلال التي استمرت بين عامي 1919 و1921، مما أدى إلى حدوث دمار كبير في المدينة. وبعدها، شهدت دبلن دماراً آخر أثناء الحرب الأهلية في عام 1922، مما أسفر عن استقلال إيرلندا واعتبار دبلن عاصمتها.
معالم دبلن
تتميز دبلن بقطاع سياحي حيوي، حيث استقبلت المدينة حوالي 3.9 مليون زائر في عام 2013، مع تحقيق إيرادات تبلغ 1.4 مليون يورو. كما تُعد السياحة الداخلية نابضة بالحيوية؛ حيث بلغ حجم إنفاق السياح المحليين 67% من إجمالي الإنفاق السياحي الداخلي في إيرلندا في عام 2014. تساعد المعالم السياحية والتاريخية في دبلن على تحفيز الاقتصاد بشكل كبير. ومن أبرز هذه المعالم :
- قلعة دبلن: تُعتبر قلعة مشهورة لا تزال تحتفظ بشكلها الخارجي حتى اليوم. بُنيت في القرن الثالث عشر على مستوطنة تعود للفايكنغ، وكانت بمثابة المركز الحكومي للبريطانيين لقرون عديدة. تُستخدم القلعة حالياً من قبل حكومة إيرلندا وتُتاح جولات سياحية داخلها في أوقات محددة.
- متحف كيلمينهام جول: افتُتح المتحف في عام 1796، ولكنه أُغلق في عام 1924 وأعيد افتتاحه في عام 1996. يُعتبر المتحف من العلامات التاريخية المهمة في دبلن، ويقدم تصويرًا للأحداث العسكرية والتاريخية في إيرلندا، مُعبرًا عن الوطنية الإيرلندية التقليدية والدستورية بدءاً من تمرد عام 1798 وصولاً إلى الحرب الأهلية الإيرلندية في عام 1922-1923.
- فينكس بارك: تُعتبر أكبر حديقة ترفيهية مغلقة في عواصم أوروبا، بمساحة تبلغ 707 هكتارات (7.07 كم²). تأسست في عام 1662 بأمر من الملك تشارلز الثاني، وتغطي الأشجار حوالي 30% منها، مُحتويةً على أشجار متنوعة مثل البلوط والرماد والجير والزان، بالإضافة إلى عدد من الحيوانات والثدييات والطيور المتنوعة.