البر لا يتلاشى، والذنب لا يُنسى، والديان لا يموت
- ينسب بعض الأشخاص هذا القول “البر لا يتلاشى، والذنب لا يُنسى، والديان لا يموت” إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- ومع ذلك، يوضح علماء الحديث مثل البيهقي والزيلعي وابن حجر بأن هذا الحديث يُعتبر من الأحاديث المرسلة، والتي تُعد من أقسام الأحاديث الضعيفة.
- الحديث المرسل هو الحديث الذي يكون فيه انقطاع في سلسلة الرواة بين التابعي ورسول الله صلى الله عليه وسلم.
- وقد نقل هذا الحديث عن رسول الله كل من الإمام عبد الرزاق والإمام البيهقي.
- أما الإمام أحمد فقد رواه عن الصحابي أبي الدرداء.
- وعليه، فقد وُصف المقطع بأنه موقوف على الصحابي، لكن هذه الرواية، حتى وإن كانت موقوفة، تعاني من الانقطاع.
- وقد أشار الإمام السخاوي إلى هذا في كتابه “المقاصد”.
- كما رواه الإمام ابن عدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن العلماء ضعفوه أيضاً من هذا الطريق.
- ويرجع ضعف روايته إلى وجود راوٍ يدعى محمد بن عبد الملك، الذي اتفق العلماء على ضعفه، كما ذكر الإمام الألباني رحمه الله.
لا تنسَ قراءة مقالنا حول:
هل يجوز قول “البر لا يبلى، والذنب لا يُنسى، والديان لا يموت”؟
- كما ذكرنا، هذه المقولة لا تصح نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- ولا إلى الصحابي الجليل أبو الدرداء أو ابن عمر رضي الله عنهما.
- ومع ذلك، يمكن استخدام هذه العبارات كوسيلة للتذكير، لأن معناها صحيح في جوهره.
- فلا تحتوي على أي معنى مخالف للشريعة.
- ولكن يجب التأكيد على عدم نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أي من أصحابه رضي الله عنهم.
معنى البر لا يبلى
- تعني عبارة “البر لا يبلى” أن فعل الخير يظل أثره قائماً، وثواب فاعله مستمر.
- الإحسان لا يضيع بل يكتبه الله سبحانه وتعالى ويسجله.
- ومن يقوم بأعمال البر والإحسان يبقى اسمه خالداً في قلوب الناس، كما سيكون له تكريم يوم القيامة.
تحقق من مقالنا حول:
معنى الذنب لا ينسى
- المعنى هنا هو أن الذنب، حتى وإن نسيه الناس أو نسيه مرتكبه، فإنه في علم الله لا يُنسى، كما قال تعالى: “لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى” (طه).
- وقد ذكر الله تعالى أيضاً كتابته لأفعال الظالمين في قوله: “وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا” (الكهف).
- ومع ذلك، قد يغفر الله بكرمه وفضله للمؤمنين من عباده، ويمحو ذنوبهم، ويحيلها إلى حسنات، ويكون ذلك من خلال التوبة الصادقة.
- قال الله تعالى: “إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا” (الفرقان).
معنى الديان لا يموت
- عبارة “الديان لا يموت” تشير إلى الله عز وجل، حيث يُطلق عليها صفة الديان، ما يعني أنه سبحانه وتعالى هو المسؤول عن حفظ البر وتسجيل الذنوب.
- فهو المتعالي ذو الحياة الأبدية، الذي لا يموت، ولا يُسمح له بالنوم أو الخطأ، فضلاً عن الموت.
- كما جاء في القرآن الكريم: “وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ۚ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا” (الفرقان).
هل الديان من أسماء الله تعالى؟
- ذكرت السنة الفعلية الثابتة اسم “الديان” لله عز وجل، كما روي عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “يحشر الله العباد يوم القيامة أو قال الناس عراة غرلاً بُهماً”.
- وعند سؤالهم عن “بهمًا” قال: “ليس معهم شيء. ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد، كما يسمعه من قرب: أنا الديّان أنا الملك” وقد حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
- هذا يدل على أن الاسم ثابت للهمنة عز وجل، ويمكن استخدامه للإشارة إليه.
- فإنه يدل على ذات الله سبحانه وتعالى ويشير إلى صفاته.
- بينما يوجد بعض العلماء الذين لم يثبتوا هذا الاسم وضعفوا الحديث المذكور، مؤكدين أن “الديان” ليس من أسماء الله تعالى، مثل العلامة ابن عثيمين رحمه الله.
فوائد من البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت
- نستفيد من عبارة “البر لا يبلى” بأنه يجب علينا ممارسة الخير في كل الأوقات ومع جميع الناس، بمصداقية أن ما نقدمه لله لا يضيع بل يُحفظ حتى يوم الدين.
- وعند توفر فرصة لفعل الخير، ينبغي علينا عدم التردد، حتى لو كان المرء في لحظاته الأخيرة، مثل غرس فسيلة كما جاء في الأثر.
- كما نستفيد من مفهوم “الذنب لا يُنسى” بأنه يجب علينا تجنب الذنوب والمعاصي قدر المستطاع، وعدم الانغماس فيها.
- ومن وقع في الذنب، يجب عليه المسارعة بالتوبة والاستغفار، مما يؤدي إلى مغفرتها بإذن الله.
- أما بخصوص “الديان لا يموت”، يجب علينا أن نعلق توكلنا عليه وحده، ونعهد أم