تاريخ الفلسفة الحديثة والعوامل التي ساهمت في ظهورها

ما هي نشأة الفلسفة الحديثة، وما هي الأسباب التي أدت إلى ظهورها؟ تعد الفلسفة الحديثة أحد التيارات الفكرية التي تستند إلى نتائج منطقية وقابلة للتصديق في بناء مفاهيمها، مما يتمايز بها عن الفلسفة التقليدية. في هذا المقال، سنستعرض بدايات الفلسفة الحديثة وأهم العوامل التي أدت إلى ظهورها.

بدء نشأة الفلسفة الحديثة

تعتبر الفلسفة الحديثة إحدى الفئات الفلسفية التي نشأت في منطقة أوروبا الغربية، حيث بدأت في القرن السابع عشر واستمرت تأثيراتها حتى بداية القرن العشرين، ولا زالت تُعرف حتى اليوم.

أسباب ظهور الفلسفة الحديثة

لا يمكننا الحديث عن نشأة الفلسفة الحديثة دون أن نتطرق إلى أسبابها، التي يمكن تلخيصها في عدة عوامل كالتالي:

1- عوامل تاريخية

تشمل العوامل التاريخية الأحداث والوقائع التي شهدتها مختلف مناطق العالم والتي ساهمت في ظهور الفلسفة الحديثة، وتغيير أنماط التفكير السائدة. ومن أبرز هذه العوامل:

  • استيلاء الإسبان على التراث العربي في الأندلس في أواخر القرن الخامس عشر.
  • اكتشاف طرق التجارة البحرية، كطريق رأس الرجاء الصالح، مما أتاح للأوروبيين الوصول إلى الهند واكتشاف قارة آسيا بطريقة أفضل.
  • انطلاق الحملات الاستكشافية إلى أراض جديدة، مثل اكتشاف الأمريكتين على يد كريستوفر كولومبوس عام 1492.

2- عوامل علمية

يعتبر التطور العلمي من العناصر الأساسية التي سايرت نشأة الفلسفة الحديثة، حيث تم التركيز على مختلف العلوم، لاسيما الرياضيات وعلم الفلك، في القرنين السادس عشر والسابع عشر.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الاكتشافات العلمية أسهمت بشكل كبير في تحديث الأفكار الفلسفية، ومن أبرز هذه الاكتشافات نذكر:

  • تطورات مهمة في العلوم الطبيعية، ومن أبرزها:
  • قانون الجاذبية الذي وضعه إسحاق نيوتن.
  • قوانين حركة الكواكب من قبل هانس كيبلر.
  • اكتشافات في العلوم الفيزيائية كالنظرية الموجية للضوء التي قدمها كريستيان هوغنس.
  • نظرية الدورة الدموية لهارفي.

3- عوامل دينية

تُعزى نشأة الفلسفة الحديثة إلى عدة عوامل دينية، ومن أبرزها:

  • ظهور حركة الإصلاح الديني بفضل الراهب الألماني مارتن لوثر والقس الفرنسي جان كالفن، التي سعت إلى:
  • تقليص نفوذ الكنيسة الكاثوليكية في الدولة.
  • تخفيف سلطة رجال الدين على التفسيرات التي خرجت عن المبادئ المسيحية الحقيقية.
  • نشوء حركات مسيحية جديدة كالبروتستانتية التي تأكدت على الأمور الأخلاقية:
  • تجنب الغلو في الحياة والمعاملات.
  • تعزيز وعي الضمير.
  • إلغاء الرقابة الكنسية على الأفراد.
  • ترجمة الكتاب المقدس إلى لغات أوروبية، مما ساهم في جعله متاحًا للجميع بعد أن كان مقتصرًا على اللغة اللاتينية.

4- عوامل عصر النهضة

عصر النهضة الذي بدأ في عام 1453 له أثر بارز في نشأة الفلسفة الحديثة، حيث تميز بمجموعة من العوامل التي أسهمت في تطور الفكر الفلسفي:

  • فتح الأتراك للقسطنطينية.
  • هيمنة الإسبان على مدينة غرناطة، واستكمالهم للسيطرة على الأندلس.
  • تدعيم الحركة الأدبية في أوروبا لإحياء الأدب اليوناني واللاتيني.
  • نشاط الحركة النقدية التي سعت لتحديث الفلسفة القديمة التي سادت منذ زمن أرسطو، وذلك من خلال العودة لأفكار أفلاطون وأفلوطين والاستفادة من العقل والتجربة.

خصائص الفلسفة الحديثة

تتميز الفلسفة الحديثة عن سابقتها بعدة خصائص، منها:

  • استبدال المنهج الأرسطي بالمنهجين البيكوني والديكارتي، حيث أطلق بيكون على منطقته بـ”المنطق الجديد”.
  • لم تتقيد الفلسفة الحديثة بالفلسفات السابقة أو سلطات الكنيسة، بل اعتبرت تعاليمها جزءًا من التاريخ.
  • فصلت الفلسفة الحديثة بين الدين والفلسفة، معتمدةً على العقل والتجربة كأدوات للمعرفة.
  • تباينت الفلسفة الحديثة مع الفلسفة الإسلامية التي حاولت التوفيق بين العقل والنقل.
  • استبدلت الميتافيزيقا بمباحث المعرفة وأدواتها.
  • اقتربت الفلسفة الحديثة من تعقيدات العلم، ما جعلها تتداخل مع مختلف مجالات العلوم.

بذلك، يتضح أن الفلسفة الحديثة اختلفت جذريًا عن الفلسفة التقليدية، حيث انطلقت في نشأتها من القرن السابع عشر وتأثرت بالتغيرات الفكرية التي سرّعت من تطورات المجتمعات الأوروبية.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *