يُمثل بيت الشعر “إن كان منزلتي في الحب” للشاعر العريق ابن الفارض نموذجاً يتجلى فيه منهج التصوف وعشق الذات الإلهية. وقد وُلِد ابن الفارض ونشأ وتوفي في مصر، ويُعدُ من أبرز الشعراء في هذا المجال.
قد أبدع ابن الفارض في تقديم مجموعة من الأشعار التي تساهم في إحياء ذكراه، وسنستعرض في هذا المقال بيت الشعر الذي حقق شهرة واسعة، بالإضافة إلى معناه وبعض المعلومات الهامة عن الشاعر.
محتوى البيت الشعري “إن كان منزلتي في الحب”
يُعتبر بيت الشعر “إن كان منزلتي في الحب” من أشهر ما كتب ابن الفارض، وتتألف هذه القصيدة من ستة أبيات، وسنقوم بتفصيلها فيما يلي:
إذا كان منزلتي في الحب عندكم ما قد رأيت فقد ضيعت أيامي
أمنية ظفرت روحي بها زمنًا واليوم أحسبها أضغاث أحلام
وإن يكن فرط وجدي في محبتكم إثمًا فقد كثرت في الحب آثامي
ولو علمت بأن الحب آخره هذا الحمام لما خالفت لوامي
أودعت قلبي إلى من ليس يحفظه أبصرت خلفي وما طالعت قدامي
لقد رماني بسهم من لواحظه أصمي فؤادي فوا شوقي إلى الرامي
تفسير بيت الشعر “إن كان منزلتي في الحب عندكم”
يحتل بيت الشعر “إن كان منزلتي في الحب” الرقم 13 في ديوان ابن الفارض. وفيما يلي شرح مفصل لأبعاد ومعاني هذا البيت الشعري:
- إن كان منزلتي: تشير إلى مكانتي ورسالتي عندكم.
- في الحب: هنا تتعلق بالمحبة الإلهية، وليست محبة بشرية.
- عندكم بضم حرف الميم: تشير إلى حضوركم ورؤية المحبوب.
- ما قد رأيت: تعني زخارف الكائنات الأخرى.
- فقد ضيعت أيامي: يُظهر أن الشاعر يُفني وقته في العبادات دون جدوى.
الشاعر ابن الفارض
يُعتبر ابن الفارض مؤلف البيت الشعري المعروف “إن كان منزلتي في الحب عندكم”، وهو واحد من أبرز الشعراء الذين اتبعوا منهج التصوف وعشق الذات الإلهية، لذا تم تسميته “سلطان العاشقين”.
اسمه أبو حفص شرف الدين عمر بن علي بن مرشد، ولقب “ابن الفارض” نسبةً إلى مهنة والده.
بدأ ابن الفارض حياته في دراسة الفقه الشافعي، ثم انتقل نحو التصوف، حيث رحل إلى مكة بهدف الاعتزال في مكان بعيد عن البشر، وكان ذلك خارج موسم الحج.
أثناء فترة عزله، أبدع في كتابة الشعر الذي يُعبر عن حبه لله، وبعد 15 عاماً عاد إلى مصر.
اقتباسات شهيرة من أعمال ابن الفارض
لا تقتصر أعمال ابن الفارض على بيت شعر “إن كان منزلتي في الحب” فقط، بل كتب العديد من الأبيات الشعرية الأخرى التي ما زالت تتردد في أذهان عشاق الشعر، ومنها الاقتباسات التالية:
أرج النسيم سرى من الزوراء
لم أخش وأنت ساكن أحشائي
قد راح رسولي وكما راح أتى
نعم بالصبا قلبي صبا لأحبتي
روحي للقاك يا مناها اشتاقت
أهوى رشأ كل الأسى لي بعثا
ما بين معترك الأحداق والمهج
أوميض برق بالأبيرق لاحا
يا ليلة وصل صبحها لم يلح
فهم الحب الإلهي
ظهر مفهوم الحب الإلهي في القرن الثاني الهجري، حيث سعى إلى تعزيز الحياة الروحية بدلاً من التركيز على الخوف من عقاب الله. وفيما يلي توضيح لهذا المفهوم:
- أول من ساهم في تغيير مفهوم الخوف إلى الحب كانت “ت 185 ه”، التي استخدمت بشكل صريح لفظ “الحب” في معظم أقوالها.
- ساعدت على تأسيس نظرية العبادة التي تتمحور حول حب الله وعدم الخوف من النار أو الطمع في الجنة.
- يُعتبر الحسن البصري من أبرز الشخصيات التي اتبعت حياة الزهد، حيث كان يبكي خوفًا من الله، وقد قال: “كأن النار لم تُخلق إلا له”.