التلبينة هي حساء يُصنع من الشعير المطحون والمنخول، وقد سُمي بذلك لأنه يظهر بلون أبيض يُشبه الحليب. يمكن التفريق بينها وبين ماء الشعير، الذي يتم تحضيره من حبوب الشعير الكاملة. وبما أن التلبينة تُحضَّر من الشعير المطحون، فإن لها قيمة غذائية أعلى من ماء الشعير.
التلبينة والعلاقة بصحة الأعصاب
أدى تقدم الطب النفسي إلى اكتشاف العلماء أن أسباب الأمراض النفسية والعصبية لا تقتصر على التحليل النفسي وتطبيق النظريات المختلفة على المرضى.
حيث بدأ الأطباء يفسرون الاكتئاب على أنه يتعلق بخلل كيميائي. وقد أثبتت الأبحاث الحديثة أن بعض العناصر الكيميائية مثل مضادات الأكسدة، الزنك، الصوديوم والبوتاسيوم تلعب دورًا في تخفيف حدة الاكتئاب.
كما تبين أيضًا أن معظم هذه العناصر تتواجد بنسب مرتفعة في حبوب الشعير، مما يجعل التلبينة وجبة غذائية مغذية غنية بالعناصر التي تساعد في التقليل من الاكتئاب، تخفيف التوتر، تحسين الحالة المزاجية، ووقاية من الأمراض النفسية والعصبية نظرًا لاحتوائها على مجموعة من العناصر والمركبات المفيدة.
الكربوهيدرات وفوائدها للأعصاب
تتميز التلبينة بمحتواها العالي من الكربوهيدرات، حيث أظهرت التحليلات أنها تحتوي على 22.9 غرام من الكربوهيدرات لكل 100 سعرة حرارية من المنتج.
أهمية الكربوهيدرات في تحسين المزاج
- أثبتت الدراسات أن للكربوهيدرات أثر فعال في تحسين الحالة المزاجية.
- تؤثر الكربوهيدرات على إنتاج السيرتونين، مما يساعد في تقليل الاكتئاب.
- تشمل التلبينة العسل كمكون رئيسي، والذي يضيف حلاوة للمذاق، حيث ثبت علميًا أن الأطعمة الحلوة تُحسن من المزاج.
الأحماض الأمينية ودورها
تعتبر التلبينة مصدرًا غنيًا للحمض الأميني التريبتوفان، الذي يلعب دورًا حيويًا في تخليق السيرتونين، وهو ناقل عصبي يؤثر مباشرة على المزاج والصحة النفسية.
ترتبط مستويات الأحماض الأمينية، وخاصة التريبتوفان، ارتباطًا مباشرًا بمستويات السيرتونين في الدماغ، مما يعزز من فعالية الشعير في رفع مستوى السيرتونين.
المعادن ودورها في تحسين الحالة النفسية
أظهرت الدراسات أن المعادن مثل الصوديوم والبوتاسيوم تؤثر على النواقل العصبية والهرمونات التي تتحكم في المزاج.
نقص البوتاسيوم وآثاره
الآثار الناتجة عن نقص مستوى البوتاسيوم:
- الشعور بالاكتئاب وتدهور المزاج.
- زيادة العصبية وسرعة الانفعال.
- لذلك، تُعتبر التلبينة فعالة في معالجة حالات الاكتئاب نظرًا لاحتوائها على نسب مرتفعة من البوتاسيوم والصوديوم.
فيتامين ب وتأثيره على الحالة النفسية
يمكن أن تُسبب أعراض الحزن والاكتئاب تأخر نقل الإشارات العصبية، وذلك نتيجة لنقص فيتامين ب الذي يُعتبر أساسيًا في هذه العملية.
لذا ينصح مرضى الاكتئاب بتناول أطعمة غنية في فيتامين ب مثل الشعير، العنصر الأساسي في التلبينة.
مضادات الأكسدة وفوائدها
تحتوي التلبينة على الفيتامينات (A وE) التي تعمل كمضادات أكسدة. لذا، يُعتبر تناول كميات مناسبة منها خلال فترة تتراوح بين شهر إلى شهرين علاجًا فعالًا ضد الاكتئاب، خصوصًا لدى البالغين وكبار السن.
أهمية الزنك
يُعتبر الزنك أحد العناصر الأساسية في تكوين التلبينة. وقد أظهرت الدراسات وجود علاقة قوية بين انخفاض مستويات الزنك في الدم والإصابة بالاكتئاب. يُستخدم الزنك الآن كمكمل غذائي في إنتاج الأدوية المضادة للاكتئاب.
طريقة إعداد التلبينة
المكونات اللازمة لإعداد التلبينة
- شعير كامل الحبة مطحون.
- ماء أو حليب حسب الرغبة.
- عسل.
خطوات التحضير
- أضيفي ملعقة أو ملعقتين من الشعير المطحون إلى كوب أو كوبين من الماء أو الحليب حسب التفضيل.
- قومي بتسخين الخليط على نار هادئة مع التحريك لمدة 10-15 دقيقة حتى تتمازج المكونات.
- أضيفي العسل حسب الذوق.
من الطبيعي أن يزداد كثافة التلبينة خلال الطهي، وإذا كان الخليط سميكاً، يمكن إضافة المزيد من الماء أو الحليب لتخفيفه.
التلبينة في السيرة النبوية
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم التلبينة في أحاديثه الشريفة:
قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: “عندما يموت أحد من أهلها كانت تجمع النساء، وبعد ذلك تفترق إلا من أهل الميت. كانت تأمر بإعداد تلبينة وتصبها على الثريد، وتقول: كلوا منها، فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (التلبينة مَجممة لفؤاد المريض، تذهب ببعض الحزن).”
وفي حديث آخر:
ذكرت السيدة عائشة رضي الله عنها: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه أهل البيت مرض، يأمر بتحضير الحساء، ثم يأمرهم بشربه، وكان يقول: إنه يريح فؤاد الحزين كما يريح الماء الوسخ عن الوجه.”
أقوال مأثورة حول التلبينة
ابن القيم:
قال: “من أراد أن يعرف فضل التلبينة، فليعرف فضل ماء الشعير، لأنها حساء مُخذ من دقيق الشعير بنخالته. والفارق بينهما أن ماء الشعير يصنع من الحبوب الكاملة، بينما تُصنع التلبينة من المطحونة، وهي أنفع من ماء الشعير بسبب استخراج الخواص بفعل الطحن.”
الحافظ ابن حجر:
قال: “التلبينة طعام يتكون من دقيق أو نخالة، وقد يُضاف إليها العسل، وسُميت بذلك لأنها تشبه الحليب في البياض والرقة. الأفضل منها هو اللين الناضج، وليس الغليظ النيء.”
الدكتورة صهباء بندق:
ذكرت أن التلبينة تساهم في الوقاية من أمراض القلب والدورة الدموية، حيث تحمي الشرايين من التصلب، مما يقلل مخاطر الذبحة الصدرية وأعراض نقص التروية، كما أنها تدعم المرضى بالفعل في تحسين حالتهم الصحية.
هذا يظهر الإعجاز في قول النبي صلى الله عليه وسلم: “التلبينة جُممة لفؤاد المريض.” أي أنها تُريح قلب المريض.