نقص هرمون الكورتيزول
يعتبر هرمون الكورتيزول (بالإنجليزية: Cortisol) من الستيرويدات القشرية (بالإنجليزية: Glucocorticoids) التي يتم إنتاجها بواسطة قشرة الغدة الكظرية (بالإنجليزية: Adrenal glands). ينتقل هذا الهرمون عبر الدم إلى مختلف أجزاء الجسم، حيث يؤثر على العديد من الخلايا. تشمل تأثيرات هرمون الكورتيزول ضبط مستوى السكر في الدم وتنظيم عمليات الأيض، ويعمل أيضًا كمضاد للالتهابات. كما يلعب دورًا في الذاكرة، إضافة إلى تنظيم توازن الأملاح والموارد المائية، وضغط الدم، ونمو الجنين، فضلاً عن الاستجابة للضغوط النفسية. وتدار عملية إفراز الكورتيزول بشكل أساسي من خلال ثلاثة مراكز رئيسية في الجسم، وهي تحت المهاد (بالإنجليزية: Hypothalamus) في الدماغ، والغدة النخامية (بالإنجليزية: Pituitary gland)، والغدة الكظرية. عندما ينخفض مستوى الكورتيزول في الدم، تنشأ ردود فعل على مستوى خلايا تحت المهاد، التي تفرز هرمونًا محفزًا لإفراز موجه القشرة (بالإنجليزية: Corticotrophin-releasing hormone)، مما يُحفّز أيضًا إفراز الغدة النخامية للهرمون الموجّه لقشر الكظر (بالإنجليزية: Adrenocorticotropic hormone)، الذي يُحفز الغدة الكظرية لإنتاج الكورتيزول ومن ثم إفرازه في الدم. وعندما تبدأ مستويات الكورتيزول بالارتفاع، فإن تحت المهاد يتوقف عن إنتاج الهرمون المطلق لموجهة القشرة، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات الكورتيزول. تعرف هذه الآلية بأنها حلقة التغذية الراجعة السلبية (بالإنجليزية: Negative feedback loop).
يُلاحظ أن مستويات الكورتيزول تتباين في الدم بشكل كبير، حيث تصل إلى ذروتها في الصباح الباكر بعد الاستيقاظ، ثم تبدأ بالانخفاض تدريجياً على مدار اليوم. القيمة الطبيعية لمستوى الكورتيزول في الدم عند قياسه في الساعة الثامنة صباحاً تتراوح بين 6 و23 ميكروغرام/ديسيلتر. ومن المهم الإشارة إلى أن القيم الطبيعية قد تختلف بناءً على طريقة القياس المستخدمة في المختبر.
أعراض نقص هرمون الكورتيزول
تظهر أعراض نقص الكورتيزول بشكل تدريجي، مما قد يجعل المرضى غير مدركين أنهم يعانون من هذه الحالة إلا عند التعرض لموقف معين، مثل الإصابة بمرض أو حادث، مما يؤدي إلى تصعيد هذه الأعراض. تُعرف هذه الظاهرة بأزمة أديسون (بالإنجليزية: Addison crisis). يمكن القول إن الأعراض قد تظهر لأول مرة خلال أزمة أديسون لدى 25% من المرضى، في حين يعاني الكثير من المرضى من أعراض شديدة قد تحتاج إلى تدخل طبي قبل حدوث الأزمة. فيما يلي تفصيل الأعراض والعلامات التي تُظهِرها الحالات التي تعاني من نقص الكورتيزول:
- أعراض نقص الكورتيزول المعتادة: تشمل:
- الإرهاق المزمن الذي يتفاقم مع مرور الوقت.
- ضعف العضلات.
- فقدان الشهية.
- فقدان الوزن.
- الغثيان والقيء.
- الإسهال.
- انخفاض ضغط الدم، خاصة عند الوقوف، مما يسبب الشعور بالدوخة أو الإغماء.
- تغيرات في لون الجلد، حيث يمكن أن يظهر فرط التصبغ في مناطق معينة، خاصة في الأماكن التي تحتوي على ندوب، وأجزاء من طيات الجلد ونقاط الضغط كالمرفقين والركبتين والمفاصل وأصابع القدم، بالإضافة إلى الشفتين والأغشية المخاطية.
- التهيج والاكتئاب.
- هبوط مستوى السكر في الدم، والذي يكون أشد لدى الأطفال مقارنة بالبالغين.
- عدم انتظام الدورة الشهرية أو غيابها لدى الإناث.
- أعراض أزمة أديسون: تشمل الأعراض التي تظهر على المصابين بهذه الأزمة:
- زيادة معدل ضربات القلب.
- الطفح الجلدي.
- القشعريرة.
- انخفاض شديد في ضغط الدم.
- فقدان الشهية.
- ألم مفاجئ في أسفل الظهر أو الساقين.
- حمى.
- ألم في البطن.
- الغثيان والتقيؤ.
- الدوخة.
- التشوش الذهني.
- ضعف عام شديد.
- زيادة التعرق.
- فقدان الوعي.
أسباب نقص هرمون الكورتيزول
تشمل أسباب نقص هرمون الكورتيزول ما يلي:
- مرض أديسون (بالإنجليزية: Addison’s disease)، الذي يُعتبر أحيانًا مرضًا مناعيًا ذاتيًا (بالإنجليزية: Autoimmune disease)، حيث يقوم جهاز المناعة بمهاجمة خلايا الغدة الكظرية، مما يؤدي إلى نقص الكورتيزول في 80-90% من الحالات. بينما ترجع بقية حالات مرض أديسون إلى أسباب أخرى، مثل الإصابة ببعض أنواع العدوى كعدوى السل (بالإنجليزية: Tuberculosis) وفيروس نقص المناعة البشرية (بالإنجليزية: Human immunodeficiency virus (HIV) المسبب للإيدز (بالإنجليزية: Acquired immune deficiency syndrome)، ومن الأسباب الأخرى الأقل شيوعًا: نمو خلايا سرطانية في الغدة الكظرية، استئصال الغدد الكظرية لأغراض علاجية، ونزيف الغدة الكظرية، واضطرابات وراثية تؤثر في نمو أو وظيفة الغدد الكظرية، واستخدام بعض الأدوية كالأدوية المضادة للفطريات أو التخدير.
- قصور الغدة الكظرية الثانوي (بالإنجليزية: Secondary adrenal insufficiency): يحدث عندما تؤثر حالات معينة على قدرة الغدة النخامية على إنتاج الهرمون الموجه للقشرة، ومن هذه الأسباب: بعض الأمراض المناعية الذاتية، وأورام الغدة النخامية، والعدوى التي تتعارض مع وظائفها، ونزيف الغدة النخامية، وأمراض وراثية تؤثر في تطور الغدة النخامية، واستئصال الغدة النخامية نتيجة لعلاج حالات أخرى، وإصابات الدماغ.
- قصور الغدة الكظرية الثالثي (بالإنجليزية: Tertiary adrenal insufficiency): يتمثل السبب الأكثر شيوعًا في هذا النوع من القصور في التوقف المفاجئ عن تناول الستيرويدات القشرية بعد فترة طويلة من الاستخدام، مما يؤدي إلى تثبيط إنتاج الهرمون الموجه للقشرة، مما يسبب توقف الغدة الكظرية عن إنتاج الكورتيزول. عند التوقف عن تناول الستيرويدات بشكل مفاجئ، تبدأ الغدة الكظرية بإنتاج الكورتيزول ببطء قد لا يلبي احتياجات الجسم. لمنع حدوث هذا النوع من القصور، يجب تقليل جرعة الستيرويدات تدريجياً على مدى أسابيع أو أشهر. وأحيانًا يمكن أن يظهر القصور بعد الشفاء من متلازمة كوشينغ (بالإنجليزية: Cushing’s syndrome)، التي تسبب ارتفاع مستويات الكورتيزول نتيجة لأورام الغدة النخامية أو الغدة الكظرية التي تؤدي إلى زيادة إنتاج الهرمون الموجه للقشرة أو الكورتيزول.