يعد الطب النفسي من التخصصات الطبية الأكثر تعقيدًا، حيث يتسم بتنوع الأمراض والحالات التي تتطلب جهداً كبيرًا من المختصين للوصول إلى مرحلة الشفاء للمرضى. ومن أبرز الأمراض في هذا المجال هو مرض الشيزوفرينيا، الذي نخصص له هذا المقال.
تعريف الشيزوفرينيا وأنواعها
الشيزوفرينيا، أو ما يعرف بالفصام، هو اضطراب دماغي حاد يؤثر على طريقة تفكير الأفراد وتصرفاتهم وتعبيرهم عن مشاعرهم، كما يؤثر على إدراكهم للواقع وعلاقاتهم مع الآخرين.
يواجه الأفراد المصابون بهذا الاضطراب تحديات كبيرة في مجالات الحياة اليومية مثل العمل والتعليم والعلاقات الشخصية، مما يؤدي إلى انزلاقهم نحو الانطواء والخوف. يُصنف مرض الفصام كحالة مزمنة، حيث يلازم المصاب طيلة حياته، ولا يوجد علاج نهائي له، لكن يمكن السيطرة على أعراضه من خلال العلاج الدوائي المناسب.
غالبًا ما يرى المصابون بهذا اضطراب العالم كتركيبة معقدة، نتيجة تداخل مجموعة من الأفكار والأصوات، مما قد يؤدي إلى سلوكيات غريبة أو حتى مخيفة في بعض الأحيان.
أنواع الشيزوفرينيا
- فصام الاضطهاد: يصاب فيه المرضى بأوهام أنهم مطاردون، مع بقاء أفكارهم ومشاعرهم قوية ومنطقية.
- فصام غير منتظم: يتميز فيه المرضى بالارتباك وتحديات في التواصل، يظهرون تحت انفعال سلوكي غير ملائم، ومشاكل في الكلام.
- فصام جامودي: يظهر فيه المرضى أعراضًا جسدية واضحة، مما يحد من حركتهم واستجابتهم للمؤثرات، وقد تتجلى سلوكيات غريبة أو حالة تصل إلى الانتحار الذاتي.
- فصام غير متميز: وهو نوع فرعي يصنف عندما تكون الأعراض غير واضحة ولا تتطابق مع الأنواع السابقة.
- فصام متبقي: حيث تضعف الأعراض بشكل ملحوظ، ورغم بقاءها إلا أنها تكون أقل حدة.
أعراض الفصام
تتضمن أعراض الفصام تغيرات ملحوظة في شخصية الفرد، وقدراته، وسلوكياته، حيث تكون الأعراض عادةً ظاهرة وحادة عند ظهورها لأول مرة.
تُعرف هذه الأعراض أحيانًا بالأعراض النفسية، وتشمل الأوهام والهلوسة والارتباك، وتظهر كذلك من خلال:
- تكوين جمل غير منطقية أو استخدام كلمات بلا معانٍ، مما يعيق التواصل الاجتماعي.
- الانتقال السريع بين الأفكار أو المواضيع.
- بطء في الحركة.
- عدم القدرة على اتخاذ القرارات بسهولة.
- الانشغال بكتابة معلومات غير ذات قيمة.
- النسيان المتكرر.
- تكرار حركات معينة، مثل المشي ذهابًا وإيابًا.
- صعوبات في التفكير المنطقي وفهم الانطباعات اليومية.
الأعراض السلبية للفصام
تمثل الأعراض السلبية غياب بعض الصفات العاطفية والسلوكية، وتشمل:
- فقدان القدرة على التعبير عن المشاعر والحالات النفسية.
- الانسحاب من الحياة الاجتماعية.
- ضعف الطاقة والدافعية.
- فقدان الاهتمام بالحياة.
- تدهور الأداء الوظيفي.
- تقلبات مزاجية غير متوقعة.
- جمود في المشاعر.
أسباب وعوامل خطر الفصام
ما زالت الأسباب الرئيسية للفصام غير معروفة بدقة، لكن المرض يُعتبر يعود لأصول بيولوجية، ولا ينشأ نتيجة فشل تربوي أو ضعف الشخصية.
تشير الأبحاث إلى أن هناك عدة عوامل قد تساهم في ظهور الفصام، مثل: الاستعداد الوراثي، اختلالات كيميائية في الدماغ، تشوهات هيكلية في الدماغ، والعوامل البيئية المحيطة.
تشخيص مرض الفصام
عند ظهور الأعراض الدالة على الفصام، يقوم الطبيب بإجراء تقييم شامل يشمل الفحص الجسدي وراجع التاريخ المرضي.
نظرًا لعدم وجود فحوصات مخبرية تؤكد الإصابة بالفصام، يُجرى الفحص لتحديد إذا ما كانت الأعراض ناتجة عن مشاكل أخرى.
إذا لم يتمكن الطبيب من استبعاد وجود اضطرابات أخرى، قد يُحيل المريض لطبيب نفسي متخصص لتأكيد التشخيص.
يعتمد الطبيب النفسي على تقييم شامل ويستخدم أدوات خاصة لتحديد ما إذا كان المريض يعاني من اضطراب نفسي. يجب أن تستمر الأعراض الواضحة لمدة لا تقل عن ستة أشهر لتأكيد تشخيص الفصام.
علاج الفصام
يهدف علاج الفصام إلى تقليل الأعراض، تخفيف حدتها، والحد من تكرار النوبات. يشمل العلاج:
- العلاج بالأدوية: لتقليل الأعراض والتحكم فيها.
- العلاج التأهيلي: يسعى لتعزيز المهارات الاجتماعية والمهنية لمساعدة المرضى على التكيف والعيش بشكل مستقل.
- العلاج النفسي الفردي: لمساعدة المريض على فهم حالته وتعلم كيفية مواجهة المشاكل.
- العلاج العائلي: يدعم أسر المرضى في كيفية التعامل مع حالتهم الصحية.
الوقاية من الفصام
- لا يوجد علاج شافٍ للفصام حتى الآن، لكن التشخيص المبكر والعلاج المناسب قد يقلل من نوبات المرض.
- يُساعد العلاج الفعال على تقليل الآثار السلبية للمرض، مما ينفي الحاجة لتلقى العلاج في المستشفى.