يُعتبر الجيش الإنكشاري في فترة حكم سليمان القانوني من أبرز الفرق في الجيش العثماني، وكان يشكل جزءاً أساسياً من المشاة. تم تأسيسه لأول مرة في عهد السلطان مراد الأول، بينما أُلغي لاحقاً على يد السلطان محمود الثاني.
الجيش الإنكشاري في عهد سليمان القانوني
- يمثل الجيش الإنكشاري أحد أقوى الفرق العسكرية في الدولة العثمانية، حيث تميز بنظام خاص في تنظيم الثكنات والرواتب والشعارات الخاصة به.
- يتكون الجيش الإنكشاري بشكل رئيسي من أسرى الحرب الأطفال الذين يتم انتقاؤهم من عائلاتهم وتربيتهم وفقاً لقوانين الشريعة الإسلامية داخل المعسكرات العسكرية.
- مع تطور الجيش، بدأت الدولة العثمانية في اتباع أسلوب جديد في تجنيد الإنكشاريين من خلال استقطاب أطفال الأسر المسيحية وفق نظام معروف باسم “الدويشرمه”، الذي يُلزم بتجنيد هؤلاء الأطفال سنوياً أو بين الحين والآخر.
- يعد السلطان بمثابة الأب الروحي للإنكشاريين، حيث كانت مهامهم تقتصر على القتال، ويحظر عليهم الانخراط في التجارة أو أي مهنة أخرى بخلاف العسكرية.
اقرأ المزيد هنا:
موقف تاريخي يعكس قوة الجيش الإنكشاري في فترة سليمان القانوني
- عُرف الجيش الإنكشاري كأحد أقوى الجيوش على الصعيد العالمي، وعندما أعلنت إسبانيا نيتها في احتلال هولندا، توجه حاكم هولندا إلى السلطان سليمان القانوني لطلب الدعم العسكري.
- رداً على ذلك، أرسل السلطان سليمان 40 زيًا خاصًا بالجيش الإنكشاري، الذي ارتداه الجنود الهولنديون خلال المعركة.
- أدى هذا الأمر إلى إثارة رعب الجنود الإسبانيين الذين اعتقدوا أن الجيش العثماني يساندهم، مما أدى إلى توقف إسبانيا عن هجومها على هولندا لمدة ثلاثين عاماً.
تدريب الجيش الإنكشاري في عهد سليمان القانوني
تميزت عملية تجميع أفراد الجيش الإنكشاري بأنهم كانوا يبدأون في سن صغيرة، مما مكن القادة من تشكيلهم وتعليمهم متطلبات الحياة العسكرية والقيم التي تواكب احتياجاتهم.
تم تعليمهم مبادئ الدين الإسلامي واللغات المختلفة، ثم تم تقسيمهم إلى ثلاث فئات، والتي تشمل:
- الفئة الأولى: تُخصص للعمل في القصور العثمانية.
- الفئة الثانية: تعمل في الوظائف المدنية داخل السلطنة.
- أما الفئة الثالثة: فهي تضم الجنود الإنكشاريين الذين يقومون بوظيفة المشاة في الجيش العثماني، وتُعتبر هذه الفئة الأكبر من حيث العدد والقوة.
بدأ الجيش الإنكشاري في خوض المعارك تحت قيادة السلطان، إلا أن سليمان القانوني أدخل تغييرات، إذ أذن للإنكشاريين بالقتال تحت قيادة قائد من بينهم.
أدى هذا التغيير إلى تهاون السلاطين الذين تلوه في خوض الحروب، حيث اعتمدوا على قادة الجيش الإنكشاري في قيادتهم بدلاً من قيادتهم المعارك بأنفسهم.
نمط حياة الجيش الإنكشاري في فترة سليمان القانوني
- اُعتمدت نظام صارم في التعامل مع أفراد الجيش، حيث مُنعت كل أشكال التواصل مع الأقارب أو المعارف.
- تم توفير ثكنات خاصة للمعيشة تشمل أماكن للنوم ومتطلبات الحياة اليومية، بالإضافة إلى إعداد الطعام ومخازن للأسلحة.
- شُيدت العديد من الخدمات الأخرى داخل الثكنات لضمان عدم اضطرارهم للخروج لأي سبب، مما يجعلهم مستعدين للقتال والتدريب في كل الأوقات.
- كل مجموعة من الإنكشاريين كانت تحمل شارة خاصة تُعرف بها على أبواب الثكنات أو أثناء الحروب، مما دفعهم لاحقاً لنقش هذه الشارة على أجسادهم.
- نظام الترقيات في الجيش استند إلى الأقدمية، بحيث يكون الأحق بالترقية هو الأقدم في الخدمة.
- تم إحالة بعض الجنود الأكبر سناً أو ذوي الإصابات الدائمة إلى التقاعد، مع ضمان صرف معاش شهري لهم، إذ كانت الدولة تمنعهم من العمل في التجارة أو الصناعة للحفاظ على تركيزهم على المسار العسكري.
- كان قائد الجيش الإنكشاري يُعرف بـ”أغا الإنكشارية”، ويتمتع بسلطة ونفوذ كبيرين ضمن الدولة العثمانية لقيادته إحدى أقوى الفرق العسكرية.
اقرأ المزيد هنا:
أهمية الجيش الإنكشاري وميزاته
- اُعترف الجيش الإنكشاري في عهد سليمان القانوني بفاعليته القتالية وكثرة أفراده.
- وصفه المؤرخون بأنه أقوى الفرق العسكرية، حيث تجاوزت قوة أفراد الجيش الإنكشاري قوة الفرسان في الجيش العثماني.
- عُدّ الجيش الإنكشاري في تلك الفترة أداة فعالة في يد الدولة العثمانية لتحقيق انتصارات عظيمة في الحروب والفتوحات.
- تم تدريب الجيش الإنكشاري على حب الجهاد، مما زاد من حماستهم للقتال وفتح المعارك، حتى أصبحوا يتواجدون في مقدمة الصفوف في غالبية الحروب.
- كان السلطان العثماني يقود جيشه وسط جميع صفوفه في المعارك.
دور الجيش الإنكشاري في السياسة العثمانية
- ومع تطور قوة الجيش الإنكشاري، بدأ قادته يتطلعون إلى مجالات جديدة لم تكن من مسؤولياتهم.
- لم تقتصر مهامهم على ساحات المعارك، بل تدخلوا في الشؤون السياسية للدولة، مطالبين بخلع السلاطين الذين لم يوافقوا على آرائهم.
- تضاعفت تدخلاتهم في السياسة، وأسهمت في عزل بعض السلاطين، بل واغتيالهم أحياناً، كما حدث مع السلطان عثمان الثاني والسلطان إبراهيم الأول.
محاولات إصلاح الجيش الإنكشاري
- مع تزايد ضعف الدولة العثمانية، قرر السلاطين إدخال إصلاحات على الجيش الإنكشاري.
- إدخال وسائل التدريب الحديثة المستخدمة في الجيوش الأوروبية القوية كان هدفاً لاستعادة قوة الجيش العثماني.
- إلا أن الإنكشاريين عارضوا هذا التغيير بشدة، مما جعل جميع محاولات السلاطين تهدف إلى تطوير النظام تفشل.
نهاية الجيش الإنكشاري
- بدأت نهاية الجيش الإنكشاري مع تولي السلطان محمود الثاني المعروف بتأييده للإصلاح، حيث حاول إقناعهم بالتغيير من خلال أساليب لطيفة ولكن تمردوا عليه.
- حاول فرض التدريبات الجديدة في ثكناتهم، غير أن محاولاته التوفيقية باءت بالفشل، مما جعله يتخذ إجراءات صارمة.
- تتالت محاولات السلطان محمود الثاني حتى انتهت بمواجهة عنيفة، أسفرت عن قتل الجنود المعارضين له، ليصدر مرسوماً بإلغاء الفرقة الإنكشارية من الجيش العثماني إلى الأبد.
يمكنك قراءة المزيد هنا: