محمد علي باشا
نشأته وتربيته
محمد علي باشا، المعروف بلقب عزيز مصر، هو مؤسس الأسرة العلوية. وُلد في عام 1769 ميلادي في مدينة قولة بمقدونيا، وينحدر من أسرة ألبانية، حيث كانت قولة حينها جزءًا من شمال اليونان تحت حكم الخلافة العثمانية. بعد وفاة والده وهو في سن مبكرة، قام عمه برعايته. كان والده، إبراهيم آغا، مسؤولًا عن حماية الطرق وتاجراً في التبغ. توفيت والدته وهو في الرابعة عشرة من العمر، وكفلته بعدها طوسون. بعد وفاة طوسون، تولى الشوربجي إسماعيل حاكم قولة كفالته، وأدخله في دور الجندية، حيث تعلم فنون القتال والفروسية وأظهر شجاعة ومهارة استثنائيتين في صفوف الجيش العثماني. وعندما بلغ الثلاثين، قاد الأتراك حملاتهم ضد الفرنسيين في مصر، حيث تم تعيينه معاونًا لرئيس الكتيبة. بعد انسحاب الفرنسيين من مصر، استمر محمد علي في البقاء وتكوين علاقات صداقة مع المصريين. ومع تحقيق نجاحاته، بدأت مسيرته المهنية في التصاعد حتى أصبح نائبًا للسلطان ثم والياً على مصر. شارك في مجموعة من الحروب ضد المماليك والثوار اليونانيين والإنجليز، وتمكن من بسط سيطرته على الحجاز، والسودان، والشام، وكريت. على الرغم من أن لديه القوة اللازمة للإطاحة بالدولة العثمانية، إلا أنه فضل تجنب ذلك بسبب دعم الغرب الكبير للخلافة.
حياته الشخصية
تزوج محمد علي من أمينة هانم، التي أنجبت له ثلاثة أبناء: إبراهيم، وطوسون، وإسماعيل، وابنتين. بعد فترة وجيزة من زواجه، تم تعيينه والياً على مصر في عام 1805 ميلادي، على الرغم من المقاومة القوية والتهديدات التي واجهها من المماليك، الذين حاولوا الهجوم على القاهرة بعد استلامه الحكم. ومع ذلك، استخدم ذكاءه وفطنته العسكرية ليلتقط زمام المبادرة، حيث تركزت خطته على القضاء على نفوذ المماليك لفرض القانون والنظام في البلاد. وفي عام 1811 ميلادي، نفّذ مذبحة القلعة، والتي خلاله قضى على جميع الزعماء المماليك، مما سمح له بإرساء الأمن والاستقرار في مصر. أنشأ قوة عسكرية كبيرة لحماية مصر من التهديدات الخارجية، وقام بإصلاحات داخلية مهمة، وأسس المدارس، ونشر العلوم الحديثة، وعمل على تطوير أنظمة الزراعة والري، مع التركيز على زراعة القطن وقصب السكر. بعد تحقيق الاستقرار الداخلي، اتجه لضم الأراضي إلى ولاية مصر، وحارب العثمانيين وهزمهم، مما مكنه من ضم ولاية الشام، مما جعله قريبًا من العاصمة العثمانية، إلا أن التدخل الغربي حال دون مواصلة تقدمه.
وفاته
عانى محمد علي من الأمراض خلال سنواته الأخيرة، بما في ذلك مرض الخرف. وقد أوصى بأن يكون الحكم لابنه إبراهيم، لكن لم يُخبره أحد بوفاة إبراهيم تخوفًا عليه من المضاعفات الصحية. بعد فترة قصيرة من وفاة ابنه، توفي محمد علي عام 1848 ميلادي في الإسكندرية في قصر رأس التين عن عمر يناهز ثمانين عامًا. كانت مراسم دفنه متواضعة بسبب اختلاف أفكار الوالي الجديد، عباس حلمي، حفيد علي باشا، عن أفكار جده وعمه إبراهيم.