أمثلة توضح مفهوم توحيد الألوهية

نماذج من توحيد الألوهية في دعوة الأنبياء

يُعتبر الأنبياء والرسل الأكثر معرفة بالله -سبحانه وتعالى-، وهم الأشد خشوعاً له، وأكمل الناس إيماناً، ولا يمكن المقارنة بينهم وبين الصحابة أو التابعين أو العلماء أو الأولياء رغم عظم مقامهم. لقد كانوا الأميز في تأليه الله -عز وجل- وتطبيق توحيد الألوهية بصدق.

لقد بدأت دعوة التوحيد منذ زمن النبي نوح -عليه السلام-، الذي حذر قومه من عاقبة الشرك، ودعاهم إلى عبادة الله -عز وجل- وإفراده بالطاعة. قال الله تعالى: (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا). وقد امتدت دعوة التوحيد عبر العصور حتى آخر المرسلين محمد -صلى الله عليه وسلم-. ومن الأمثلة البارزة على توحيد الألوهية ما يلي:

إفراد الله تعالى بالنذر

يجب على المسلم عند أداء العبادة أن يخلصها لله -سبحانه وتعالى- ولا يشرك بها أحداً. لا يجوز النذر لغير الله، فلا يُقال: “علي نذر لفلان، أو للنبي فلان أو الولي”. لأن النذر لا يجوز صرفه إلا لله -تعالى- خالصاً دون شريك، كما قال الله تعالى: (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ).

إفراد الله تعالى بالذبح

قال الله تعالى: (قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّـهِ رَبِّ العالَمينَ). في هذه الآية، يأمر الله -عز وجل- نبيه بإبلاغ المشركين الذين يعبدون غيره وذبحهم لغيره بأنه -صلى الله عليه وسلم- لا يتبع طريقتهم، وأن العبادة يجب أن تكون لله وحده، ومن ذلك الذبح الذي لا يجوز إلا لله -تعالى-.

إفراد الله تعالى بالطواف

لا يجوز التقرب إلى الله -عز وجل- بغير ما أُمر به في الكتاب والسنة، لذا لا يُقبل الطواف في غير مكانه المحدد وهو الكعبة. كما لا يجوز الطواف حول قبر أحد الصالحين أو الأنبياء أو أي عبد من عباد الله. ومن يفعل ذلك فقد وقع في الشرك، كما قال الله تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ).

توحيد الألوهية في القرآن الكريم

بعد أن انتشر الشرك في قريش وباقي أرجاء العرب، أرسل الله -تعالى- نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وأنزل عليه القرآن الكريم، ليبين دعوة نبذ الشرك والتوجيه نحو التوحيد الخالص. وقد وردت آيات عديدة تشدد على أهمية التوحيد. فيما يلي بعض هذه الآيات:

آية (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ)

يقول الله تعالى: (شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). تشهد هذه الآية على وحدانية الله -سبحانه وتعالى-، حيث يشهد له الجميع، بما في ذلك الملائكة وأولو العلم، مثل الأنبياء وعلماء المسلمين. وتؤكد الآية على التوحيد من خلال نفي الألوهية عن غير الله بصورة جازمة.

آية (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)

قال الله تعالى: (هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَـنُ الرَّحِيمُ). في هذه الآية، يثبّت الله -تعالى- وحدانيته، متجاوزًا إلى الإشارة إلى علمه الشامل بكل ما هو مشهود وغائب، وأنه الرحمن الرحيم. وتجمع الآية بين أنواع التوحيد الثلاثة: الربوبية والألوهية وأسماء الله وصفاته.

توحيد الألوهية في السنة النبوية

لقد أرسل الله -تعالى- نبيه -صلى الله عليه وسلم- وأنزل عليه القرآن الكريم لتأكيد حقيقة التوحيد بأشكاله المختلفة. وكانت حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- مليئة بالتوجيهات التي تدعو إلى عبادة الله وحده. وفيما يلي بعض الأحاديث التي تدعو إلى التوحيد:

حديث: الإسلام قائم على خمسة

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ ‌الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ). ووفقًا لما قاله المهلب، فإن هذه الخمس هي أسس الإسلام وأعمدته.

لقد قاتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دفاعاً عن دعوة التوحيد لإيصالها للناس، وأيضًا لإزالة العقبات التي تعترض سبيلها. ومن هنا جاء تأكيد الخليفة أبو بكر بأن دين الله -تعالى- لا يكتمل إلا من خلال هذه الأمور، حيث قاتل مانعي الزكاة كما قاتل أهل الردة، مظهرًا فهمًا دقيقًا بأن الدين لا يتأسس إلا على هذه الأمور الخمسة.

وتظهر تفاصيل الحديث أهمية توحيد الألوهية، حيث يشير إلى أن العبادة لا تصرف لأحد غير الله -تعالى-.

حديث: (ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله)

جاء في الحديث الشريف: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: ادْعُهُمْ ‌إِلَى ‌شَهَادَةِ ‌أَنْ ‌لَا ‌إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ…). يبرز الترتيب في الأمور الواجبة في هذا الحديث أهميتها، حيث يبدأ بالتوحيد، وهو أساس العبادة، وآخرها صدقة الأموال.

وفي تعليقه على هذا الحديث، قال ابن عثيمين: “شهادة أن لا إله إلا الله تستلزم إخلاص العبادة لله”، وهو ما يعرف بتوحيد الألوهية، أو توحيد العبادة الذي يعني عدم عبادة غير الله.

أثر توحيد الألوهية على استقرار حياة الفرد المسلم

للإيمان بتوحيد الألوهية تأثيرات عديدة في حياة المسلم، منها:

  • تعتبركمال توحيد الألوهية سبباً سهلاً لتفريج الكرب كما حدث مع النبي يونس -عليه السلام- في بطن الحوت.
  • يعتبر توحيد الألوهية وسيلة للنجاة من عذاب النار للمسلم الموحد.
  • تُعطي الله الأمان للمؤمنين، كما قال الله تعالى: (الَّذينَ آمَنوا وَلَم يَلبِسوا إيمانَهُم بِظُلمٍ أُولـئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدونَ).
  • يساعد تحقيق توحيد الألوهية على تيسير طاعات العبد ويجعله أكثر استعدادًا لترك المنكرات.
  • يُخفّف التوحيد من تأثير صدمات الحياة، ويجعل المؤمن أكثر تقبلاً لما يقدره الله -تعالى- له.
  • يحرر التوحيد العبد من الاعتماد على غير الله، مما يجعله أكثر توكلاً وأعتماداً على الله -عز وجل-.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *