إنّ دراسة سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم تُظهر مدى أهمية التسامح الديني الذي اتسم به خلال حياته.
لقد جسّد النبي الكريم نموذجًا حيًا للأخلاق الحميدة، والتي لا تزال تمثل مرجعاً للأمة في سعيها نحو تطوير الأخلاق والسمو بها، وتحقيق رضا الله والفوز بالجنة. قال الله تعالى:
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) [الأحزاب:21].
قيم التسامح في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
-
يُعتبر التسامح واحدًا من أبرز الأخلاق التي تميز بها نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، فهو يحمل في طياته معاني العفو والصفح.
- لم يعرف النبي الكريم الحقد، ولم يتسلل إلى قلبه أي شعور بالانتقام من أولئك الذين أساءوا إليه.
- على الرغم من المعاناة الكبيرة التي واجهها في بداية دعوته، لم يفكر يومًا في رد الإساءة بمثلها.
-
كان مثالًا يحتذى في العفو، مُتبعًا قول الله تعالى،
(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم) [فصلت:34].
لقد كان يأمل في أن يخرج الله من نسل من أساء إليه من يعبد الله وحده.
معاني التسامح وأثره
-
تشمل معاني التسامح السهولة والحلم والعفو واللين، وهو خلق نبوي عظيم.
- لقد كان لهذا الخلق أثر كبير في تغيير نفسية من حاولوا إيذاء النبي.
- فقد كان يأتيه أحدهم، وعليه أكبر بُغض، ولكنه يعود بعد ذلك فيصبح من أقرب الناس إليه بفضل تسامحه وطيبته.
قصص عن تسامح النبي صلى الله عليه وسلم
“اذهبوا فأنتم الطلقاء”
-
تُعتبر هذه العبارة واحدة من أعظم مواقف التسامح التي أطلقها النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك خلال فتح مكة.
- على الرغم من ظلم أولئك الذين طردوه وسعوا لإيذائه، لم يفكر النبي في الانتقام.
-
من إحدى مواقف العفو عندما همّ أعرابي بقتل النبي أثناء نومه تحت شجرة، وأخذ سيفه.
- أخبر الأعرابي النبي أنه لا يخافه، فقال له النبي: “لا”، وعندما سأله: “مَن يمنعك مني؟”، أجاب: “الله”، فانخفض السيف من يده.
- أخذ النبي سيفه وطلب من الأعرابي أن يشهد الشهادة، حتى قال الأعرابي: “لا، لكنني أعدك ألا أقاتلك”.
غلظة الأعرابي وتسامح النبي
-
أشار أنس بن مالك إلى موقف عندما جذبه أعرابي بشدة، حتى ترك بصمة على عنق النبي.
- رغم ذلك، ضحك النبي وأعطى الأعرابي من مال الله.
تسامحه مع جاره اليهودي
-
كان النبي محاطًا بجار يهودي الذي حاول إيذاءه، ومع ذلك استمر النبي في التعامل معه بإيجابية.
- عُرف الجار بترك الأشواك والقاذورات على باب النبي، لكنه صادف مرضًا شديدًا جعل النبي يذهب لزيارته.
- استفسر النبي عن حاله، ليقول له الجار: “كيف عرفت بمرضي؟”، فرد النبي مبتسمًا: “توقفت عن رؤية أشواكك”.
- تأثر الجار واعترف بدعوة النبي إلى الإسلام.
الكتابة على الرمل
كان هناك صديقان يسيران في الصحراء، وعندما حدثت بينهما مشاجرة، كتب أحدهما في الرمل: “اليوم صفعني أعز أصدقائي”. وبعد ذلك أنقذ هذا الصديق الآخر من الغرق، فكتب على الحجر: “اليوم أنقذ صديقي حياتي”.
رد الصديق
-
قال أحدهما: “عندما يجرحنا الأحباب، ينبغي أن نكتب ذلك على الرمل ليذهب مع رياح التسامح.
- لكن عندما يقوم الحبيب بشيء عظيم، علينا أن نحتفظ بذلك في قلوبنا كالنقش على الحجر.”
- التسامح سهل التعلم ولكنه صعب في التطبيق، وينبغي أن نمر بمراحل التسامح، بما في ذلك الفهم العاطفي.
“تخيل كل هذه الطاقة فينا ونحن لا ندري”
إن الطاقة التي وهبها الله لك تتجاوز قيمتها 80 مليار دولار، لذا يجب أن ننظر إلى الحياة بشكل إيجابي، ولا نترك للألم والغضب مكانًا في حياتنا.
إن التسامح هو الطريق الأمثل، لذا اعتمد على نشر الطاقة الإيجابية حولك.
ماذا بعد؟
التزم بأخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسامح من حولك لتخفف عن قلبك الأعباء.