حكم صيام المرأة في حالة وجود إفرازات بنية أو دم خفيف

تواجه العديد من النساء مشكلة الإفرازات البنية أو الدم الخفيف، وقد يتساءلن عن حكم الصيام في مثل هذه الحالات. يستعرض هذا المقال من خلال موقعنا الحكم الشرعي للصيام عند وجود هذه الإفرازات.

هل يجوز الصيام مع إفرازات بنية؟

أوضح علماء الطب أن الإفرازات البنية تعود إلى إفرازات صفراوية تتحول إلى هذا اللون الداكن، وغالباً ما يُطلق عليها مصطلح القيح. وقد أفاد الشيخ الراحل ابن عثيمين رحمه الله بأن الدم البني هو عبارة عن إفرازات تظهر خلال فترة الحيض أو قد تكون بعدها مباشرة.

وعن حكم الصيام في حالة نزول الإفرازات البنية أو الدم الخفيف، فقد تنوعت آراء الفقهاء من المذاهب الأربعة على النحو التالي:

  • الجماعة الحنفية:

يرى الحنفية أن هناك ستة ألوان لدماء الحيض هي: الكدرة، الصفراء، الترابية، السوداء، الحمراء، وأكدوا أن الدم البني يعتبر ناتجاً عن الدورة الشهرية، وبالتالي فإنه لا يجوز للمرأة الصيام أو أداء الصلاة عند نزول هذا الدم.

  • الجماعة الحنابلة:

اعتبر الحنابلة أن نزول الدم البني يشير إلى انتهاء فترة الحيض والدخول في حالة الطهارة، ومن ثم فلا مانع من الصوم والصلاة في هذه الحالة، كما أنهم أباحوا عدم اعتبار الطهارة إذا انتهى النزيف البني.

إذا كان نزول هذه الإفرازات خلال فترة الحيض، فإنها تُصنف كحيض، كما ورد عن عائشة رضي الله عنها: “كانت النساء يرسلن الدرجة فيها الشيء من الصفرة إلى عائشة فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء”، وهي أيضاً تتماشى مع قوله تعالى: “ويسألونك عن المحيض قل هو أذى” [البقرة: 222].

  • الجماعة الشافعية: وفقاً لرأي الشافعية، فإن الإفرازات البنية تُعتبر حيضاً، سواء في بدايتها أو نهايتها، ويستند هذا الرأي على قول عائشة رضي الله عنها: “لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، تريد بذلك الطهر من الحيض.”

هذا الرأي يحظى بتأييد الجماعة المالكية، التي تعتبر الإفرازات البنية مثل حكم دم الحيض.

آراء العلماء المعاصرين

تداول العلماء المعاصرون ومجالس الفتوى هذه القضية، وفيما يلي بعض آراء المعاصرين:

  • دار الإفتاء الأردنية: اعتبرت أن الإفرازات البنية تُعتبر حيضاً إذا ظهرت في فترة الحيض، بشرط ألا تتجاوز مدة الحيض خمسة عشر يوماً.
  • دار الإفتاء المصرية: ذكرت أن دم الحيض له عدة ألوان تشمل: الأسود، الأحمر، الأخضر، الترابي، الأصفر، والكدرة. فإذا نزلت الصفراء أو الكدرة، وهي الإفرازات البنية التي تظهر بعد دم الحيض، تُعتبر حيضاً. ولكن إذا نزلت قبل الحيض أو بعد الطهر، فلا تُعتبر حيضاً.
  • رأي الشيخ ابن باز: اعتبر الشيخ ابن باز أن الإفرازات البنية تأتي في سياق الحيض، فإذا كانت قبل الحيض أو بعده، ونظراً لعدم ارتباطها بالحيض، فتُعتبر مستقلة.
  • رأي الشيخ ابن عثيمين: اعتبر أن الإفرازات البنية التي تأتي قبل الحيض أو بعده لا تُعد حيضاً، بينما تُعتبر حيضاً في حال نزولها أثناء الحيض.

حكم صيام المرأة مع نزول إفرازات أو دم خفيف

اتفقت آراء أهل العلم على أن الإفرازات البنية التي تنزل خلال فترة الحيض تُعتبر حيضاً، وبناءً عليه، فإنه لا يجوز للمرأة أن تصوم أو تصلي حتى تطهر أو تمضي خمسة عشر يوماً. وفي حال مضت خمسة عشر يوماً وظلت الإفرازات مستمرة، عليها الاغتسال وأداء العبادات مثل الصوم والصلاة.

من المهم أن تقوم المرأة بعد الطهر بقضاء ما أفطرته من أيام رمضان، كما ورد في الحديث الشريف عن عائشة رضي الله عنها حين قالت: “ما بالُ الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟” ورده للأمر بأن النساء في عهد النبي كن يقضين الصوم ولا يقضين الصلاة.

أشار بعض العلماء إلى أن الإفرازات البنية التي تظهر قبل الحيض أو بعد انقطاعه تصنف ضمن الحيض. وعليها، فإنه يتوجب على المرأة التي ترى هذه الإفرازات أن تمتنع عن أداء الصلاة والصيام. بينما هناك علماء يرون أنه إذا كانت الإفرازات قبل الحيض أو بعد الطهر، فبإمكان المرأة الاستمرار في صيامها وصلاتها، مع وجوب الوضوء لكل صلاة.

عبر هذا المقال، استعرضنا حكم صيام المرأة عند وجود إفرازات أو دم خفيف، وقد تنوّعت آراء العلماء القدماء والمحدثين في مسألة الإفرازات البنية، حيث اتفق الكثيرون على اعتبارها حيضًا إذا حدثت خلال فترة الحيض، لكنها ليست كذلك إذا حدثت قبل الحيض أو بعد الطهر.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *