الابتعاد النفسي والاجتماعي عن الأوطان

تُعتبر ظاهرة الاغتراب من الظواهر الإنسانية التي تشهد انتشارًا واسعًا في مجتمعات متعددة، إذ تحمل بعض الجوانب الإيجابية والسلبية في طياتها.

الاغتراب النفسي والاجتماعي

  • تشير حالة الاغتراب إلى تجربة اجتماعية يعيشها الفرد حيث تصبح نشاطاته وقدراته منفصلة عنه وتحت سيطرة عوامل خارجية.
  • يستُخدم مصطلح الاغتراب في علم النفس الاجتماعي لوصف العلاقات الشخصية المتبادلة.
    • هذا التناقض بين أوضاع الفرد وتفاعله مع الآخرين يمكن أن يؤدي إلى شعور بالعزلة والمعاناة.
  • كما تنظر النظرة الإسلامية إلى الاغتراب كحالة انفصال عن الله سبحانه وتعالى.
  • ويبرز القرآن الكريم هذه الفكرة من خلال قصة خلق سيدنا آدم عليه السلام، حيث وقع الاغتراب.
    • تجلّى ذلك في لحظة هبوطه إلى الأرض وعودة النفس اللوامة له، مما أظهر انفصاله عن الله عندما انتقل إلى الوجود الأرضي.

مظاهر الاغتراب النفسي والاجتماعي

  1. يشعر الفرد المغترب بفقدان الاتصال بذاته أو بالمجتمع، أو بكليهما.
  2. تسبب هذه الحالة شعورًا بالعجز وضعف الثقة بالنفس.
  3. يشير أيضًا إلى عدم الرضا عن العلاقات الاجتماعية الموجودة.
  4. يشعر الفرد بعدم جدوى الحياة وافتقارها المعنى.
  5. تسيطر عليه مشاعر السخط والعدوانية، مما يؤدي إلى التوتر النفسي والرغبة في العزلة.
  6. تسود عنده حالة من رفض المعايير والقيم الاجتماعية.
  7. يشعر أيضاً بانفصال ذاته عن هويته والواقع المحيط به.

أنواع الاغتراب

  • لا يقتصر الاغتراب على الاغتراب النفسي فحسب، بل يشمل أشكالًا متنوعة تناولتها العلوم المختلفة، مثل الطب وعلم الاجتماع والفلسفة وعلم النفس والأدب.
    • تشير هذه الدراسات إلى وجود أنواع متنوعة من الاغتراب، منها: الاغتراب الديني، الثقافي، السياسي، التكنولوجي، الإبداعي، الاقتصادي، والقانوني، ولكل نوع سماته الخاصة.
  • أما الاغتراب النفسي فهو مفهوم شامل ينطوي على الحالات التي يتعرض فيها الفرد للانقسام أو الانهيار تحت تأثير العوامل الاجتماعية والثقافية.
    • بمعنى آخر، يمثل الاغتراب تشوهًا في النمو النفسي للفرد، حيث يفقد إحساسه المتكامل بالوجود والمعنى.
  • يعتبر الاغتراب النفسي نتيجة نهائية لأي شكل من أشكال الاغتراب الشاملة، حيث ينتقل الصراع من العوامل الخارجية إلى الصراع الداخلي في الذات الإنسانية.
    • هذا الاغتراب النفسي مترابط مع جميع الأشكال الأخرى من الاغتراب، مثل الاغتراب الديني والثقافي والسياسي والاقتصادي.
  • تمثل شخصية الإنسان وحدة متكاملة في بنيتها البيولوجية والاجتماعية والنفسية، كما أنها تتفاعل مع المجتمع والعالم من حولها.
    • وعلى الرغم من أن مصطلح الاغتراب النفسي هو الأكثر شيوعًا، إلا أنه لا يمكن فصله عن الأنواع الأخرى بسبب تداخلها.

أسباب الاغتراب النفسي

الأسباب النفسية

  • الصراعات النفسية الناجمة عن التوتر بين الرغبات واحتياجات الإنسان التي يصعب تلبيتها في وقت واحد.
    • وهذا يؤدي إلى القلق والاضطرابات النفسية.
  • الإحباط الناتج عن العقبات التي تعيق تحقيق الرغبات، مما يولد شعورًا بالعجز والفشل.
    • بالإضافة إلى مشاعر احتقار الذات.
  • الحرمان الناتج عن ضعف الفرص لتحقيق الرغبات، كذلك الحرمان من الرعاية الاجتماعية والنفسية.
  • الخبرات الصادمة التي تثير عوامل الإغتراب، مثل الأزمات الاقتصادية والحروب.

أسباب اجتماعية

  • التعرض لضغوط اجتماعية يصعب مواجهتها.
  • الثقافة العامة المريضة المعتمدة على الهدم والتعقيد.
  • التطور السريع في الحضارة والتكنولوجيا مع فقدان القدرة على التكيف.
  • اضطرابات في التنشئة الاجتماعية سواء في الأسرة أو المدرسة.
  • تدهور القيم والمعايير الاجتماعية مع تقدم الزمن.
  • تراجع القيم الدينية وغياب تطبيق أسس الدين.

أسباب اقتصادية

  • الفجوة الكبيرة بين طبقات المجتمع، مما يؤدي إلى تفاوت في المعيشة.
  • نتيجة لذلك، يفقد الأفراد المحدودو الدخل الاتصال بمظاهر الحياة في المجتمع مما يسبب شعورهم بالاغتراب.

مظاهر الاغتراب النفسي

  1. فقدان السيطرة: يشعر الشخص بأنه لا يستطيع التأثير في المواقف الاجتماعية.
    1. يسبب ذلك فقدان أهمية تلك المواقف في نظره.
    2. يفقد الفرد القدرة على توقع الأحداث المستقبلية ولا يهتم بالتغييرات الحاصلة في الحاضر.
  2. اللامعنى: يظهر الاغتراب لدى الشخص الذي يفتقر إلى وضوح المعتقدات.
    1. فدائمًا ما يتسم المغترب بقلة التوقعات بالنسبة لأي نشاط يمكن أن يقوم به.
  3. اللامعيارية: يصل الشخص المغترب لمرحلة عدم وجود معايير اجتماعية لضبط سلوكياته.
    1. يفقد احترامه لهذه المعايير مما يؤدي لعدم سيطرتها على تصرفاته.
  4. العزلة الاجتماعية: الحالة التي ينفصل فيها الفرد عن المجتمع، مصحوبة بالشعور بالخوف والقلق.
    1. ينتج عنها تذبذب بين مشاعر الدونية والتعالي.
  5. الغربة عن الذات: تتمثل في شعور الفرد بالانفصال عن ذاته نتيجة لعدم القدرة على إيجاد الأنشطة المحفزة له.
    • يُظهر الفرد هذا الشعور عبر اللامبالاة تجاه الأحداث المحيطة به.

طرق معالجة الاغتراب النفسي

  1. التوعية بأهمية ظاهرة الاغتراب ومخاطرها النفسية.
  2. دمج مختلف الفئات المجتمعية في أنشطة مفيدة.
    1. التأكيد على أهمية تقبل الجميع دون استثناء في الفعاليات الاجتماعية.
  3. التوعية الدينية بأهمية العلاقة بين الإنسان وربه وتطبيق القيم الدينية.
    1. تجنب الوقوع في وساوس تجلب الاغتراب.
  4. تنظيم أنشطة وندوات تسهم في مواجهة الاغتراب من خلال الوعي بخصائصه وكيفية تقديم الدعم للمغتربين.
  5. مساعدة الأفراد المغتربين على الاندماج في المجتمع وتحديد احتياجاتهم.
  6. للآباء دور مهم في تقديم الدعم النفسي وتحقيق التواصل العاطفي مع الأبناء منذ الطفولة لتجنب مشاكل نفسية مستقبلية.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *