تُعرَف الجغرافيا التاريخية بتعريفها، مجالاتها، ومناهجها. يعتبر علم الجغرافيا من العلوم الأساسية التي تتعلق بالمكان والأرض، وهو مصطلح اتفق عليه الكثير من الجغرافيين المخضرمين.
ورغم أن التسميات قد تختلف حسب العلوم المختلفة، إلا أن الجغرافيا في الأساس تتناول جميع العناصر التي تعيش وتتفاعل على كوكب الأرض، سواء كانت بشرية أو طبيعية. لذلك، لا يمكن تجاهل أي عنصر منها. سنستعرض في هذا المقال تعريف الجغرافيا التاريخية، مجالاتها، ومناهجها.
تعريف الجغرافيا التاريخية
-
الجغرافيا التاريخية عبارة عن دراسة العصور الغابرة التي مرت على الأرض.
- كل عصر يشير إلى بصمات محددة، مما يستدعي تدخل علماء الجغرافيا التاريخية لشرح هذه التحولات.
- تجدر الإشارة إلى أن الجغرافيا التاريخية ليست مجرد دليل زمني حول العصور الماضية، بل تقدم أدلة تساعد على فهم الاكتشافات الجغرافية عبر التاريخ وتحليلها.
-
يمكن الاستعانة بمثال مدينة تل الشقافة، المتواجدة في الإسكندرية، مصر، حيث تحتوي على العديد من المقابر اليونانية الرومانية التي غمرتها المياه، ولا زالت آثارها موجودة تحت الماء.
- وهذا يدل على التطورات الجغرافية التي جرت في العصور القديمة، مما تمكنت الجغرافيا من تسليط الضوء عليه من خلال علم الجيولوجيا الذي يدرس هذه التضاريس.
تعريفات إضافية للجغرافيا التاريخية
قام الجغرافي جلبرت بتقسيم تعريف الجغرافيا التاريخية إلى خمسة مفاهيم رئيسية، وهي:
- تاريخ علم الجغرافيا.
- تاريخ الاكتشافات الجغرافية.
- تغيرات الحدود السياسية بين الدول.
- تأثير البيئة على الأحداث التاريخية.
- الجغرافيا الإقليمية الماضية.
تم دمج هذه التعريفات في مفهوم شامل يُعرِّف الجغرافيا التاريخية على أنها دراسة العصور الماضية، مع توضيح أن هدفها ليس فقط الدراسة، بل توعية الدارسين بالعصور التي مرت على الأرض وما أحدثته من تطور.
هذا يُنتج بُعدين: بُعد زمني وبُعد مكاني، مما يسمح للدارس بإدراك الحركة والحياة من خلال الجغرافيا التاريخية. ويُبدد ذلك الفكرة القائلة بأن المباني والمنشآت مجرد هياكل عادية، بل تصبح قصصًا تحمل الحقائق الجغرافية التي تم دراستها.
تعتبر الجغرافيا التاريخية مجالًا علميًا قويًا، ولها أهميتها وهدفها الذي ترسخ في عقول الباحثين، رغم اعتقاد بعض الأشخاص بأنها علم مهمش.
مجالات الجغرافيا التاريخية
-
تهتم مجالات الجغرافيا التاريخية بجوانب معينة، وهي الجغرافيا البشرية والجغرافيا الطبيعية.
- تسعى إلى فهم العصور القديمة التي عاش فيها الإنسان وكيف تطور وتحكم في المواد البيئية لتصبح الأرض بالشكل الذي نراه اليوم.
- تقوم الجغرافيا التاريخية أيضًا بتحليل الإنجازات القائمة اليوم، لاستخلاص الحقائق التي تفسر الجهود التي بذلها البشر لتحقيق هذه التغيرات في الطبيعية.
-
تعمل الجغرافيا التاريخية على تفسير الظواهر الطبيعية التي حدثت في الماضي، التي أدت إلى تشكيل ملامح الأرض بالشكل الحالي.
- يتصعب على أي شخص الاستنتاج حول هذه الظواهر بدون الاعتماد على الجغرافيا التاريخية.
- هذا العلم أتى بمعلومات غنية تساهم في فهم الظواهر الطبيعية.
-
من الأمثلة التي تدعم هذا الأمر هو ظهور العديد من المباني والقصور التي أُنشئت في العصور الماضية.
- تشير العديد من المدن والقرى التي غمرتها المياه إلى تغيرات سطح الأرض، مثل مدينة تنيس.
- كما تُعنى الجغرافيا التاريخية بدراسة الحياة والعصور السابقة باستمرار، نظرًا للاختلافات في الظروف الطبيعية وأثرها على البشر.
تكملة مجالات الجغرافيا التاريخية
-
قد لا يستطيع الإنسان ملاحظة هذه التغيرات خلال نفس الفترة الزمنية.
- إذ تنشأ التغيرات المناخية أو الطبيعية عبر تراكم الأحداث على مر الزمن.
- قد تحدث أيضًا آثار يمكن للناس رؤيتها خلال حياتهم، مثل الزلازل والبراكين، التي تُعتبر ظواهر طبيعية نراها ونتأثر بها.
-
تحدث هذه التغيرات أيضًا في المناخ، مثل التغيرات التي تصاحب الفصول الأربع على أثر الأنشطة البشرية الضارة.
- مثل انبعاثات السيارات التي ساهمت في تآكل الأوزون وزيادة خطورة التغير المناخي.
- النتائج الناتجة عن التغيرات المناخية ظهرت في تحول الغطاء النباتي على سطح الأرض.
- بينما تكون التغيرات في المظاهر الثقافية للحضارة البشرية القديمة أقل وضوحًا، إلا أن التأثيرات لا تزال واضحة في مجالات مثل الزراعة والصناعة والمعمار.
- التطورات السياسية أيضًا تلعب دورًا، حيث قد تظهر تحوّلات في القوانين التي لم تعد تتناسب مع العصر الحديث، ممّا يعكس تأثير الجغرافيا التاريخية في فهم الماضي.
مناهج الجغرافيا التاريخية
تنقسم مناهج الجغرافيا التاريخية إلى منهجين رئيسيين، وهما:
المنهج الموضوعي
- يتركز هذا المنهج على دراسة ظاهرة معينة تؤثر على الأرض، سواء كانت طبيعية أو بشرية، وقد تتسبب في تغيرات قصيرة الأمد أو متتابعة على مدى فترات زمنية.
- فعلى سبيل المثال، يمكن دراسة عملية الترسيب على ضفتي النهر نتيجة لنقل الطين والأتربة، سواء عبر المياه أو تكوين رأس الدلتا.
- كما يمكن دراسة الفيضانات التي تحدث نتيجة لهطول الأمطار الغزيرة.
المنهج الإقليمي
-
يهدف هذا المنهج إلى دراسة مختلف جوانب الجغرافيا لأي إقليم معين خلال فترات زمنية معينة.
- هذا يتضمن تحليل التغيرات في شكل الإقليم وتطوره عبر الزمن.
- يمكن أيضًا دراسة العناصر البشرية والأثر الذي تحدثه على التنمية، مثل التغيرات الاقتصادية والديموغرافية.