قد لا يكون معروفًا لدى الكثيرين، وخصوصًا بين الشباب، الصحابي الذي كلمه الله تعالى، وهو “عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري السلمي”.
ويحتفظ التاريخ بقليل من المواقف الخاصة لهذا الصحابي، إلا أن مكانته كصحابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمكن إنكارها.
الصحابي الذي كلمه الله دون حجاب
- عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري السلمي، المعروف أيضًا بـ “أبو جابر”، وكان من النقباء ليلة العقبة.
- شهد \”عبد الله\” غزوة بدر، واستُشهد خلال غزوة أحد.
- إذ عاش لمدة ست سنوات وهو مسلم؛ ثلاثة قبل الهجرة وثلاثة بعدها.
- بايع الرسول الكريم في ليلة العقبة وشارك في صفوف النقباء.
- نال عبد الله بن حرام، مثل العديد من الصحابة الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الله، مكانة عالية وأجرًا جزيلًا.
- حيث ذكر الرسول أحد هؤلاء الصحابة وقد تمنى لو أنه شهد الموت معهم.
قصة إسلام الصحابي عبد الله بن حرام
- يقول “كعب بن مالك” إنه في يوم من الأيام خرجوا إلى الحج، وقد شهدوا ليلة العقبة.
- بعد انتهاءهم من فريضة الحج في تلك الليلة، كان معهم عبد الله بن حرام الذي لم يكن قد أسلم بعد.
- ولم يفصحوا لأحد عن إسلامهم ولكنهم تحدثوا إلى عبد الله بن حرام وأخبروه:
- \”يا أبا جابر، إنك سيد من سادتنا وشريف من أشرافنا، ولا نرغب أن تكون حطبًا للنار يوم القيامة.\”
- ثم دعوه للدخول في الإسلام وأخبروه بموعد مبايعة الرسول في ليلة العقبة، فأجابهم بأنه أسلم وشاركهم في العقبة.
- وعندما قرر الرسول الخروج إلى غزوة “أحد” مع ألف رجل من الصحابة، نادى عبد الله بن حرام ابنه “جابر”، قائلًا:
- \”ما من أحد على وجه الأرض أحب إلي منك يا جابر إلا رسول الله، ولكنني ذاهب إلى الجنة.\”
- \”سأدخل معركة أحد وسأكون شهيدًا، بل أنا أول الشهداء.\”
- \”يا جابر، إن حبّي لك يتجاوز الجميع، وعلىّ دين، فاتمنى أن تقوم بسداده وأوصيك بأخواتك.\”
- وكان لجابر تسعة أخوات بنات، وكان عمره حينها 14 عامًا فقط.
وفاة الصحابي عبد الله بن حرام
- عند بدء الغزوة، كان \”عبد الله بن حرام\” هو أول شهيد، حيث تم التمثيل بجثته من قبل المشركين.
- علم الرسول الكريم باستشهاد “عبد الله” وظروفه، لكن جابر ابنه لم يستطع رؤية والده بسبب المنظر المؤلم.
- كما منع جابر من رؤية أبيه لحماية مشاعره، إلا أن الرسول أمره برؤيته.
- عندما أُزيح الغطاء عن “عبد الله بن حرام”، بكى جابر وعمة جابر، سمع الرسول بكاءهما فقال:
- \”ابكِ أو لا تبكِ، فإن الملائكة تظلله من حرارة الشمس حتى أُزيح.\”
- \”يا جابر، ألا أخبرك بما قال الله تعالى لأبيك؟\” ثم قال: \”يا جابر، ما لك ترى منكسراً؟\”
- قلت: \”يا رسول الله، استشهد أبي وترك دينًا وعيالًا\”، فقال: \”أفلا أُبشرك بما لقي الله به أباك؟\”، فقلت: \”بلى يا رسول الله\”.
- قال: \”ما كلم الله أحدًا قط إلا من وراء حجاب، وكلم أباك كفاحًا\”.
حديث الله عز وجل مع الصحابي عبد الله بن حرام
- فقال الله تعالى له: \”تمنى عليّ يا عبدي أعطيك\”، فقال: \”يا رب، تُحيني فأُقتل فيك مرة أخرى\”.
- فقال الله تعالى: \”قد سبق مني القول أنهم إليها لا يرجعون\”.
- قال: \”يا رب، فأبلغ مَنّ ورائي\”، فأُنزل الله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169).
- فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (آل عمران).
- نزلت هذه الآيات في حق عبد الله بن حرام وكل شهيد يأتي بعده.
- كان الرسول صلى الله عليه وسلم يهتم بجابر بن عبد الله، وعندما يراه حزينًا يسأله:
- \”ما لك يا جابر منكسراً؟\” قال: \”يا رسول الله، مات أبي وعليه دين\”.
- تشفع له النبي صلى الله عليه وسلم عند أصحاب الدين، لكنهم أبوا ورفضوا.
- سأله النبي: \”أين المكان الذي تُجمع فيه التمر؟\” فقال له جابر: \”يا رسول الله، التمر قليل ولا يكفي الغرماء\”، فذهب معه.
- قال: \”أحضرهم إليّ يا جابر\”، وعندما حضروا، وقف النبي على التمر وبدأ يُكيل لهم منه.
- حتى أعطاهم حقهم بالرغم من قلة التمر الموجود عند جابر، ببركة النبي صلى الله عليه وسلم.
- كرّمه الله تعالى مع الصحابة الذين ضحوا بأنفسهم في سبيله، ونالوا مكانة عظيمة وأجرًا جزيلًا.
- لكن بعد مرور 40 عامًا، وفي عهد معاوية، ظهرت قبور الصحابة وطفت أجسادهم على السطح.
- حيث وُجد جثمانه وجثمان عمرو بن الجموح كما هما، وكأنهما دُفِنا بالأمس وكانا مبتسمين، رضي الله عنهما.
الدروس المستفادة من قصة إسلام الصحابي الذي كلمه الله
تجسد هذه القصة أهمية العبادة الصادقة لله عز وجل والإخلاص فيها، فضلاً عن أهمية خشوع القلب وجميع أعضاء الجسم قبل النفس لله. كما تؤكد على محبة الله ونبيه الكريم أكثر من النفس والأسرة والثروة وما في الدنيا كلها.