تُعتبر عبارة “الجنة تحت أقدام الأمهات” من العبارات الشائعة التي تحمل دلالات عميقة. يتداولها الكثيرون بيننا، وقد تتوافق بعض من هذه العبارات مع تعاليم الدين بينما تتماشى أخرى مع الأعراف الثقافية. بغض النظر عن المصدر، فإن الفكرة وراء تلك العبارة تظل راسخة.
الجنة تحت أقدام الأمهات: حديث أم مقولة؟
يتساءل الكثيرون حول ما إذا كانت عبارة الجنة تحت أقدام الأمهات حديثاً نبوياً أم مقولة. يمكننا أن نؤكد أن الإجابة عن هذا التساؤل تحمل أهمية كبيرة، ولذا قمنا بإعداد النقاط التالية لتوضيح الأمر:
- فيما يخص التساؤل عما إذا كانت الجنة تحت أقدام الأمهات حديثاً أو مقولة، أفادت دار الإفتاء بأن اللفظ يعود إلى أثر، لكن معناه صحيح ويستند إلى أحاديث تتفق مع هذا المعنى.
- كما أوضحت دار الإفتاء أهمية بر الوالدين، مشيرة بوضوح إلى أن العقوق يعتبر من الكبائر، وأن رد الدين واجب في يوم من الأيام.
- ذكرت دار الإفتاء أيضاً أن الله سبحانه وتعالى قرن بين عبادته والإحسان إلى الوالدين، مما يدل على أن أرفع درجات العبادة هي بر الوالدين، وبالتالي فإن جزاء هذه العبادة سيكون أعلى في جنات النعيم.
أدلة تدعم عبارة الجنة تحت أقدام الأمهات
- ورد حديث يشير إلى أن رضا الله يتواجد في رضا الوالدين، وسخط الله في سخطهما، مما يعني أن الوالدين هما مفتاح الجنة.
- كما رواى ابن عدي في كتابه “الكامل في ضعفاء الرجال” عن ابن عباس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الجنة تحت أقدام الأمهات، من شئن أدخلن ومن شئن أخرجن”.
- تكرر ذِكر عبارة الجنة تحت أقدام الأمهات في عدة روايات، مثل رواية السيوطي في “الجامع الصغير” ورواية الخطيب في “الجامع الراوي”، مما يعطي دلالة على صحتها.
- رغم ذلك، يعتقد الإمام المناوي في “فيض القدير في شرح الجامع الصغير” أن العبارة المذكورة ليست صحيحة كوصف حرفي، لكنها تحمل معنى صحيحاً مستنداً إلى أقوال النبي.
- هذا الاقتباس الذي يتحدث عن الرجل الشاب الذي أراد الجهاد، وسأله النبي عن والدته، حيث أمره بأن يبرها ويقول: “فالجنة تحت قدميها”، يشير إلى عظمة هذه القيمة.
- وجود كلمة “إن شئن أدخلن وإن شئن أخرجن” يدل بوضوح على أن رضا الوالدين هو المدخل الرئيس للجنة.
الآثار العظيمة لبر الوالدين في حياتنا
أولاً
- ينبغي أن نؤكد أن الجنة تحت أقدام الأمهات ليست مجرد سؤال عابر، بل هي نتيجة حتمية لبر الوالدين.
- تشير الآيات القرآنية إلى عيسى وأمه مريم، حيث قال: “وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا”، مما يعني أن كل بار بوالديه لن يكون جباراً ولا شقياً في حياته.
ثانياً
- عقوق الوالدين هو دين ينبغي أن يُرد يوماً ما، فهو يجب أن يُدفع مهما طال الزمن.
- تروي لنا إحدى القصص القديمة عن ابن وضع طعام والده في إناء خشبي، وعندما سأله حفيده عن السبب، أجابه بأنه يريد استخدام ذلك الإناء ليضع فيه الطعام لوالده مثلما يفعل مع جده.
- إن ما نزرعه تجاه والدينا سنحصد مثله، كما أن الزرع يظل مرتبطًا بتربة الجذور، ولا يمكن أن نجني ثماراً مختلفة عن ما زرعناه.
- ظل إبراهيم عليه السلام يدعو بالمغفرة لأبيه آزر، وقد جنى بسبب بره ثمرة رحمة الله له برزقه إسماعيل وإسحاق.
- صبرك على الأذى من والديك قد لا يكون دائماً خياراً سهلاً، لكنه قد يؤدي للاستقرار والفهم بين الأجيال.
ثالثاً
- يأمر الله عبادته وعدم الشرك به، وفي ذات الوقت يأمر بالصبر والإحسان للوالدين، مما يدل على عظمة هذا الأمر في الدين.
- النظر إلى كلمة “قضى” هنا تعني أن هذا هو حكم غير قابل للتغيير.
- يجب أن ندرك أن بر الوالدين هو استثمار حقيقي يجب أن نحرص عليه، فالعطاء لهم يعود علينا بالنعم والبركات.
- بر الوالدين هو عملة ذات وجهين، وهي تجارة مع الله التي لا يمكن لومها، فالله أوفى بعهده دائماً.
- لا ينقطع البر بالوالدين حتى بعد وفاتهما، بل ستظل الدعوات والبركات ترافقك أينما كنت.
- ذهب أحد الرجال ليطوف بأمه حول الكعبة، وسأل الفاروق عمر إن كان ذلك يعفيه من حقها، فأجاب: “ولا زفرة واحدة كانت لك عند ولادتك”.