سفر راعوث يعد الثامن في ترتيب أسفار العهد القديم ضمن الديانة المسيحية، وأيضًا يُعتبر جزءًا من التناخ في الديانة اليهودية، وهذا الأمر محل اتفاق بين الطوائف المسيحية المختلفة.
تسمية سفر راعوث
- يتميز سفر راعوث بأنه السفر الوحيد الذي سُمي على اسم امرأة، وهي راعوث التي كانت زوجة بوعز وجدة الملك داوود.
- تُعتبر راعوث من أهل موآب، حيث يروي السفر جزءًا من تاريخ عائلة الملك داوود، وقد ذُكرت أيضاً في إنجيل متى.
- تُعتبر واحدة من أسلاف يسوع المسيح، الذي يؤمن المسيحيون أنه هو المسيح المنتظر.
- يتكون سفر راعوث من أربعة فصول، مما يجعله من أقصر الأسفار في العهد القديم.
- ويروي السفر قصصًا تتعلق بثلاث مراحل رئيسية.
تاريخ كتابة سفر راعوث
- على عكس العديد من أسفار العهد القديم، لا يُذكر اسم مؤلف سفر راعوث بشكل صريح، ولكنه يُنسب تقليديًا إلى النبي صموئيل.
- وُلد صموئيل سنة 1070 قبل الميلاد، ولكن بما أن راعوث كانت غير إسرائيلية، فإن هناك حاجة لفهم موقف شامل تجاه الأجانب.
- هذا يشير إلى أن أصل السفر قد يعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد.
- يعتقد العديد من العلماء أن أصل السفر ينتمي إلى الفترة الفارسية بين القرنين السادس والرابع قبل الميلاد.
- هناك اعتقاد بأن سلالات العائلة المذكورة في ختام سفر راعوث قد تم إضافتها في فترة ما بعد الأسر، لأنها لا تُضيف أي جديد على الحبكة.
- وقد تمت صياغة النص بدقة، بما يتناسب مع تاريخ إسرائيل كما ورد في سفر التكوين وسفر الملوك.
أحداث سفر راعوث
- لا يتمتع السفر بأهمية تاريخية كبرى، حيث لا يحتوي على أحداث تاريخية ملحوظة، بل يكتفي بالإشارة إلى الأحداث.
- تدور الأحداث خلال فترة حكم القضاة دون تقديم تفاصيل كافية.
- بحسب ما ورد في السفر، فإن أليمالك، يهودي من سبط يهوذا، انتقل مع زوجته نعمي وولديه كيلون ومحلون للإقامة في بيت لحم.
- توجهوا إلى موآب بسبب الجفاف الذي أصاب بني إسرائيل.
- يبدو أن إقامتهم في موآب استمرت لفترة طويلة، إذ يذكر السفر وفاة أليمالك وزواج ولديه من نساء موآبيات وهما راعوث وعرفة.
- استمر زواجهما لمدة عشر سنوات ثم مات كلاهما، فتقررت نعمي العودة إلى بيت لحم.
- بعد انتهاء المجاعة في أرض يهوذا.
- رافقت نعمي ابنَتيها، وفي طريق العودة طلبت منهما العودة إلى منزل أمّيهما، قائلة: “ليصنع لكما الرب إحسانًا كما صنعتما بالأموات وبيا.”
- وليعطكما الرب أن تجدا الراحة في بيوت أزواجكما.
- رغم أن راعوث وعرفة أصرّتا على البقاء، عادت عرفة بينما تمسكت راعوث بالبقاء مع حماتها، قائلة: “لا تلحي عليّ أن أتركك وأعود، لأن حيثما ذهبتِ أذهب، وحيثما أقمتي أُقيم، شعبك شعبي وإلهك إلهي.”
العودة إلى بيت لحم
- وافقت نعمي على بقاء راعوث وعادت معها إلى بيت لحم، حيث استغرب أهل المدينة من عودتها.
- أخذت نعمي تعبر عن حزنها، قائلة: “إني ذهبت ممتلئة، والرب أرجعني فارغة، لماذا تدعونني نعمى والرب قد أذلني؟”
- بعد أن استقرا في بيت لحم، طلبت راعوث من حماتها أن تذهب لحصاد الشعير، فتوجهت إلى حقل قريب من أحد أقارب حماتها، وهو بوعز.
- عندما عرف بوعز من تكون راعوث وصلة قرابتها بنعمي، طلب منها البقاء والعمل في حقله.
- كما أوصى بها العمال والموظفين للاهتمام بها.
- عندما علمت راعوث بذلك، سجدت له وشكرت الله على تلك النعمة، وبهذا أدركت أن بوعز قد عرف كل ما فعلته من أجل حماتها بعد وفاة زوجها.
- وعندما عادت راعوث إلى حماتها في المساء وروت لها ما حدث، شعرت نعمي لأول مرة بالفرح وأخبرتها بأن بوعز هو وليهما الثاني.
زواج راعوث من بوعز
- بحسب ما ورد في السفر، عند نهاية موسم حصاد الشعير، طلبت نعمي من راعوث أن تتجمل وتذهب إلى بوعز وتضطجع تحت قدميه.
- فأطاعت راعوث، وعندما سألها بوعز من هي، عرضت عليه رغبتها في الزواج منه وفق الشريعة اليهودية.
- أثنى بوعز عليها، وطلب من وليها الذي لم يُذكر اسمه أن يشتري نصيب نعمي من الأرض ويتزوج من راعوث، وفقًا لأحكام الشريعة اليهودية.
- لكن الولي رفض ذلك، وتم زواج بوعز من راعوث وشراء الأرض، وعندما تم الإعلان عن الخبر في المدينة.
- أعرب الناس عن فرحتهم قائلاً: “ليجعل الرب المرأة الداخلة إلى بيتك كراحيل وليئة اللتين بنتهما بيت إسرائيل.”
ختام السفر
- في ختام السفر، يُذكر إنجاب راعوث من بوعز وتهنئة نساء بيت لحم.
- فقالت نعمي: “لأن كنتك قد أحبتك، وهي أفضل لك من سبعة أبناء”، وقد رزقت راعوث بولد اسمه عوبيد.
- وهو والد يسي والد الملك داوود.
- في النهاية، يُذكر نسب عائلة الملك داوود، بدءًا من فارص وصولاً إلى داوود.
- يذكر سفر راعوث عشرة أجداد في عائلة الملك داوود.
أهمية سفر راعوث
- على الرغم من أن الأهمية التاريخية لسفر راعوث قد تكون محدودة، إلا أنه يتيح فهمًا عميقًا للحياة الاجتماعية في تلك الفترة.
- يكشف السفر عن العديد من الجوانب والوقائع في المجتمع اليهودي القديم، موضحاً وجود آلهة متعددة إلههم المتعالي الذي كان يسود المجتمع.
- كما يمكن استنتاج ذلك من تكرار الإشارة إلى لفظ “إلهك” في النص.
- يوضح كذلك النظرة الدونية تجاه الشعوب المجاورة، مبرزًا خوف راعوث من رفض قبولها لكونها مؤابية.
- ولا يُستبعد أن يكون رفض الولي الأول لزواجها بسبب عدم يهوديتها.
- كما أن الزواج من ابني أليمالك من نساء مؤابيات، رغم أن راعوث ليست يهودية، يعكس تأثيرها الكبير على بني إسرائيل وأهل بيت لحم.
- وفيما يتعلق بالملك داوود، فهو ينحدر من نسل غير يهودي صريح، مما يبرز الهدف من كتابة سفر راعوث، وهو دعوة الشعب اليهودي لتعزيز فهمهم بأن الاختيار الإلهي لا يعتمد حصراً على النسب.
- أما بالنسبة للمسيحيين، فإن راعوث تُعتبر رمزًا لسلام الأمم والخلاص لغير اليهود، مما يبرز أهمية السفر في توثيق نسب السيد المسيح، حيث يحتوي نسبه على شخصيات بارزة مثل راحاب الكنعانية، وتامار الكنعانية، وراووث الموآبية، مما يجسد شمولية الإنسان في احتياج الفداء.
- هناك من يرى أن بوعز يُعتبر رمزًا للمسيح وفقًا للاعتقادات المسيحية، إذ يعكس النص العديد من الرموز الدينية والمعاني العميقة.
- يحتوي السفر أيضًا على أمثال وحكم، ويضفي طابعًا مميزًا من الثقة والإيمان.