تعريف الصدقة وأحكامها
الصدقة في اللغة تعني العطاء، وجمعها صدقات، إذ يُقال: تصدقت عليه أي أعطيته صدقة. وقد ذُكرت الصدقة في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى: (وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ). وفي الاصطلاح الشرعي، تُعرّف الصدقة بأنها العطية التي يُراد بها ثواب الله تعالى. قال الأصفهاني إن الصدقة هي: “ما يُخرج الإنسان من ماله بنية القربة، مثل الزكاة، لكن الصدقة بالأساس هي تطوعية، بينما الزكاة واجبة. ومع ذلك، يمكن أن تُسمى الأمور الواجبة صدقة إذا كان صاحبها يقصد بها الصدق في فعله.” وتعتبر الصدقة مستحبة، وهناك أدلة من القرآن والسنة وإجماع العلماء على هذا الحكم. قال الله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
أنواع الصدقة
تتعدد أنواع الصدقة، ومن أبرزها:
- الصدقة المخفية: تُعتبر أفضل أنواع الصدقة، كونها أقرب إلى الإخلاص وتحمل مزايا أكثر للمتصدق مقارنة بالصدقة العلنية.
- الصدقة أثناء الصحة والقوة، حيث تُعد أفضل من الوصية بعد الوفاة أو أثناء المرض.
- الصدقة التي تتبع أداء الواجبات المالية.
- إنفاق المسلم مما يحتاجه في حدود استطاعته.
- الإنفاق على الأولاد، حيث أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن نفقة الرجل على أهله تُعتبر صدقة إذا احتسبها عند الله.
- الصدقة على الأقارب، حيث تُعتبر صدقتان: الأولى صدقة، والثانية صلة رحم، ويُفضل في البداية الإنفاق على أقرباء من تجب عليهم النفقة مثل الأيتام.
- الصدقة على الجار، فقد أوصى الله سبحانه وتعالى بها، وكذلك على الأصدقاء.
- الإنفاق في سبيل الجهاد، حيث يُعبر عنه بأنه أعظم ما يُنفَق في سبيل الله، وقد ذُكر في القرآن الكريم أكثر من مرة.
- الصدقة الجارية: التي تستمر أجرها بعد وفاة صاحبها، كما قال رسول الله: (إِذا مَاتَ الإنسانُ انقَطعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَلَاحٍ يَدْعُو لَهُ).
فضائل الصدقة
تُعتبر الصدقة على الفقراء والمحتاجين من أفضل الأعمال وأحبّها إلى الله تعالى، وهي دلالة على صدق إيمان العبد ويقينه بأن الرزق بيد الله وحده. المولى عز وجل قد جعل للمتصدق فضائلاً وفوائد عديدة، ومنها:
- الصدقة دليل على إيمان العبد؛ فقد وصف الله عباده المؤمنين بإنفاق أموالهم للخير.
- تسبب البركة وتنزل الرزق؛ فالله يُضاعف لمن يؤدي حق ماله بما لا يُحصى.
- تؤدي إلى حصول السعادة والحماية من الأمراض والمشكلات.
- تنشر البهجة في القلب وتبعث على السرور؛ فالذين يقومون بالصدقة يشعرون بالطمأنينة.
- تساعد على دفع غضب رب العالمين، كما ثبت في العديد من الأحاديث.
- تساهم في تطهير النفس من الصفات السلبية مثل الشح والبخل.
آداب الصدقة
للصدق آداب ينبغي مراعاتها، وأهمها الإخلاص لله سبحانه وتعالى؛ إذ أن عدم الإخلاص يُبطل الأجر. ومن آداب الصدقة:
- تقديم الفرائض على المستحبات، حيث يجب إتمام الزكاة الواجبة في وقتها.
- عدم إبطال الصدقة بالمن والأذى، كما ورد في قوله تعالى.
- أن تكون الصدقة من كسب طيب حلال.
- التركيز على المحتاجين وتجنب إعطائها لمن لا يعرفه.
- تفضيل الأقارب المحتاجين على غيرهم.
- تقديم الخير الجيد للصدقة دون إحضار أي شيء رديء.
- استشعار نعم الله أثناء عملية التصدق.
- العطاء بشغف وبدون إكراه.
المن والأذى في الصدقة
قد ذم الله -عز وجل- في كتابه المنفقين الذين يمنون على غيرهم، والذين يُظهرون رياءهم في عمل الخير. المن هو عندما يعطي الشخص ويطالب الآخر بتذكر فعله. أما الأذى فيكون بالقول أو الفعل الذي يجرح مشاعر الفقراء. ويجب على المتصدق أن يتجنب هذه السلبيات، حيث إن المال يُعتبر مال الله.