قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدّم من ذنبه).
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأديت الصلوات الخمس، وأخرجت الزكاة، وصمت رمضان وقمت صلاته، فمن أكون؟ قال: (من الصديقين والشهداء). رواه البزار وابن خزيمة وابن حبان وصححه الألباني.
خرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه في ليلة رمضان الأولى، والقناديل تُشعل في المسجد، وكتاب الله يُتلى، فنادى: نوّر الله لك يا ابن الخطاب في قبرك كما نوّرت مساجد الله بكتاب الله.
إنّ قوله (الصوم لي) يُظهر فضل الصيام على سائر العبادات.
قد علمنا أن جميع أعمال البر لله وهو الذي يجزي عنها، ومن هنا نرى، والله أعلم، أنه خصّ الصيام لأنه يتعلّق بالقلب، فالأعمال تتطلب حركات، بينما الصيام يعتمد على النيّة التي تخفى عن الناس، وهذا ما أراه في الحديث.
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أريد عملاً، قال: (عليك بالصيام، فإن لا عدل له). رواه النسائي وصححه.
توصّل الصلاة صاحبها إلى نصف الطريق، فيما يوصله الصيام إلى باب الملك، والصدقة تأخذه بيده لتدخله على الملك.
قال ابن جرير في تفسير قوله تعالى: (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين)، روي أن الصبر في هذا السياق يعني الصوم، والصوم أحد معاني الصبر عندنا.
كان السلف يتلون القرآن أثناء شهر رمضان في صلواتهم وغيرها.
عن طليق بن قيس أنه قال: قال أبو ذر: إذا صمت، فاحفظ ما استطعت، وكان طليق إذا كان يوم صومه لا يخرج إلا للصلاة.
الصوم ينقسم إلى ثلاثة أنواع: صوم الروح وهو قصر الأمل، وصوم العقل وهو مخالفة الهوى، وصوم الجوارح وهو الامتناع عن الطعام والشراب والجماع.
قال بعض السلف: أهون الصيام هو ترك الشراب والطعام.
اللهم اجعلني سالمًا الى رمضان، واجعل رمضان سلمًا لي، وتقبله مني.
روى الحسن البصري أنه مرّ بمجموعة من الأشخاص وهم يضحكون فقال: إن الله -عز وجل- جعل شهر رمضان مضمارًا للخلق، يتسابقون فيه لطاعته، فتفوق قومٌ وفازوا، وتخلف آخرون فخابوا، والعجب في ذلك للضاحك في اليوم الذي انتصر فيه المخلصون وفشل فيه المخطئون. والله لو كُشف الغطاء، لأشغل المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
قيل لبشر: إن هناك من يتعبّد ويجتهد في رمضان فقط، فقال: بئس القوم لا يدركون حق الله إلا في رمضان، إن العبد الصالح هو الذي يتعبد ويجتهد طوال العام.
السنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، وأنفاس العباد ثمارها، فشهر رجب أيام توريقها، وشعبان أيام تفريعها، ورمضان أيام حصادها، والمؤمنون هم قُطانها.
كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقرأ في المصحف في بداية النهار بشهر رمضان، وعندما تشرق الشمس، كانت تنام.
قال عليه الصلاة والسلام: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، فيقول الصيام: أي رب، منعتُه الطعام والشهوات أثناء النهار، فاشفع لي فيه، ويقول القرآن: رب، منعته النوم بالليل، فاشفع لي فيه، فيشفعان). حديث صحيح.
قال ابن الحكم: كان مالك يفرّ من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم عند دخول رمضان.
كان محمد بن إدريس الشافعي يختم القرآن ستين مرة في رمضان.
روى ابن أبي داود بإسناده الصحيح أن مجاهدًا (رحمه الله) كان يختم القرآن خلال رمضان بين المغرب والعشاء، وكانوا يؤخرون العشاء في رمضان حتى يمضي ربع الليل.
كان قتادة يختم القرآن كل سبعة ليالٍ مرة، وعندما يأتي رمضان يكمل ختمة كل ثلاث ليال، وعندما تأتي العشر الأواخر، يختم في كل ليلة مرة.
إذا كنت لا تستطيع قيام الليل ولا صيام النهار، فتأكد أنك مُحرم، وقد أُسرتك الذنوب والخطايا.
سُئل الحسن البصري يوماً: يا أبا سعيد، ما الذي يدخل الحزن في القلب؟ فقال: الجوع. وسُئل: وما الذي يخرجه؟ فقال: الشبع. وكان يقول: توبوا إلى الله من كثرة النوم والطعام.
قدّم بعض السلف الصيام على باقي العبادات، وسُئل عن ذلك فقال: لأنه أحب إليّ أن يُطلع الله على نفسي وهي تنازعني للطعام والشراب، من أن يُطلع عليها وهي تشتهي معصيته عندما أكون شبعان.
تكون رائحة تروح على أهل الجنة فيقولون: ربنا، ما وجدنا رائحة في الجنة أطيب من هذه الرائحة، فيُقال: هذه رائحة أفواه الصائمين.
الصائم في عبادة حتى لو كان نائمًا على فراشه، فكانت حفصة تقول: يا حبذا العبادة وأنا نائمة على فراشي، فالصائم في ليله ونهاره في عبادة، ويُستجاب دعاؤه أثناء صيامه وعند فطره، فهو في نهاره صائم صابر، وفي ليله طاعم شاكر.
أقوال حول شهر رمضان
الصيام فريضة تفتح الأفق وتزيد الإرادة وتزيل أسباب الهمّ، وترتقي بصاحبها إلى أعلى المراتب، فيقدر الشخص نفسه وتنحسر بقية الأمور.
هي حالة من السمو الروحي التي لا يدركها إلا من يفكّر في حكمة الله وراء هذه الفريضة.
في رمضان، أغلق أبواب الكراهية في ذاتك وافتح أبواب الرحمة والمودة، فأرْحم القريب وودّ البعيد، وازرع المساحات البيضاء في داخلك وتخلّص من السواد.
حكم مأثورة حول شهر رمضان
في رمضان صافح قلبك، ابتسم لنفسك، صلح نفسك، وأطلق جميع أحزانك، علّم همومك أن تطير بعيدًا عنك.
الصيام ينظف أجسامنا من السموم الضارة. في رمضان، أعد ترتيب نفسك، اجمع شتات أفكارك، اقترب من أحلامك البعيدة واكتشف جوانب الخير داخلك، واهزم نفسك الأمارة بالسوء.
في رمضان، افتح قلبك المغلق بمفاتيح التسامح، وطرق الأبواب المغلقة بينك وبين الآخرين، وضع باقات الورود على عتباتهم، وتأكد من أن تبقى المسافات بينك وبينهم نقية كثلج.
أجمل الأقوال عن شهر رمضان
يُعتبر الشهر العظيم الذي تتعاظم فيه الدرجات، شهر البركة والسلام، وهو الذي يبعث فرحة الخير والمحبة لطاعة الرحمن.
ومع بداية الشهر، يبدأ القلب يعانق نسائم رمضان.
ومما قيل إن الصائم في عبادة وإن كان نائمًا على سريره، فكانت حفصة تقول: يا حبذا عبادة وأنا نائمة على فراشي، فالصائم ليلاً ونهارًا في عبادة، ودعاؤه مستجاب أثناء الصيام وعند الفطر، فهو صابر في النهار وطاعم في الليل.
قيل أيضًا: رمضان جاء إلينا متساهلًا، مرحبًا بك، رمضان، لقد نقلتنا إليك مشاعر الحنين، نتمنى لك الاستمرار لنفوز بجنة هبة الكريم معنا.
مع شوق دائم، يبقى الشوق إلى رمضان يتكرر كل سنة، اللهم بلغنا رمضان وأنت راضٍ عنا، واجعله شهرًا تتبدل فيه ذنوبنا إلى حسنات وهمومنا إلى أفراح.
اللهم بلغنا رمضان وبارك لنا فيه، وارزقنا التوبة النصوح، وأعنا فيه على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
في رمضان، حاور نفسك طويلاً، وسافر في أعماقك، وابحث عن نفسك، واعتذر لها أو ساعدها على الاعتذار لأنفسهم.
ما أفسدته السنة في أرواحنا المثقلة، تصلحه أيام رمضان بإذن الله.