يعتبر الفرق بين الابتلاء والعقوبة من المواضيع التي تهم الكثيرين، حيث يحتوي الدين الإسلامي على مجموعة من المصطلحات التي تحتاج لتوضيح.
فهناك مصطلحات وردت مع الإسلام وأخرى كانت موجودة قبله. يمتلك الدين الإسلامي العديد من المفاهيم الأساسية التي تساعد في توضيح الأمور الغامضة. في هذا المقال، سنستعرض مفهوم الابتلاء والعقوبة، وما يميز كل منهما في الإسلام.
ما هو الابتلاء؟
إليكم تعريف الابتلاء كالتالي:
- الابتلاء هو شكل من أشكال الاختبار، حيث يُقال إن الله قد ابتلى شخصاً، ما يعني أنه يختبر صبره. والابتلاء لا يقتصر على الأمور السلبية كما يعتقد البعض.
- يمكن أن يتضمن الابتلاء الخير والشر، وهو اختبار من الله للعبد في مختلف جوانب الحياة.
- يعني أيضاً التجريب والمعرفة، وهو ما يمر به الإنسان من محن. قال الله تعالى في كتابه العزيز: “وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ”.
- كل إنسان يبتلى بما يختاره الله له، وعلى العبد أن يكون صابراً وراضياً بحكمة الله وقضائه، وينتظر رحمته في ذلك.
- من الضروري أن نؤمن بأن كل ما يحدث لنا هو ما كتبه الله وأن نتمسك بأركان الإيمان بقضاء الله وقدره، وأن ندرك أن كل ما يحدث هو أمر الله سواء كان خيراً أو شراً.
الابتلاء في السنة النبوية
بعد تعريف الابتلاء، سنستعرض بعض الأحاديث النبوية التي تتحدث عن الابتلاء، ونبذل جهدًا لتحفيز المؤمنين على الصبر.
تتضمن النصوص الدينية التي تتناول الابتلاء توجيهات تهدف إلى إرشاد الناس نحو الصبر، ومن أبرز الأحاديث:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “ما يُصيب المسلم من نصبٍ ولا وصبٍ، ولا همٍّ ولا حزنٍ، ولا أذًى ولا غمٍّ، حتى الشوكة تُشاكُه، إلا كفّر الله بها من خطاياه”.
- وروى صهيب بن سنان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سَرّاء شكرَ، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرّاء صبرَ، فكان خيرًا له”.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده وفي ماله وولده، حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة”.
ما هو العقاب؟
قبل أن نناقش الفرق بين الابتلاء والعقاب، سنقدم تعريفاً مختصراً للعقاب للتفريق بينهما:
- العقاب في الإسلام هو مصير المرء نتيجة أفعاله. وقد جعل الله العقاب لمساعدة الناس في الحفاظ على أنفسهم ودينهم وعقولهم وأموالهم وأبنائهم، وهذه الأمور الخمسة هي ما قد يتعرض الإنسان للضرر بسببه.
- جعل الله العقاب لجميع من ارتكبوا أخطاء، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، وذلك لتحقيق العدالة.
- شرع الله الحدود كحد الردة وحد الخمر وحد الزنا وحد السرقة، للحفاظ على الدين والعقل والممتلكات.
- قبل أن يُعاقب الناس، أرسل الله الأنبياء ليبينوا الفرق بين الحلال والحرام، فكما ورد في سورة الإسراء: “وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً”.
الفرق بين الابتلاء والعقاب
بعد استعراض تعريف كل من الابتلاء والعقاب بشكل مفصل، نستعرض الآن الفروق بينهما:
- الكثير من الناس يظنون أن كل مصيبة تحدث لهم هي عقاب نتيجة التقصير في حق الله، وهذا مفهوم خاطئ. فكما قال الله تعالى: “وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم”، مما يدل على أن المصيبة قد تكون نتيجة الأفعال.
- في الواقع، المصائب تُنزل على العبد لاختباره وامتحانه، كما حدث مع أيوب عليه السلام ليظهر صبره وقدرته.
- الابتلاء هو اختبار من الله لتعزيز الإيمان ورفع الدرجات، بينما العقاب يحدث نتيجة الأخطاء.
- يلحظ أن البلاء قد يصيب المؤمنين فقط في الحياة الدنيا، حيث لا يبتلي الله المشركين برفع درجاتهم.
ما هو الفرق بين العقاب والابتلاء؟
- جاء في القرآن الكريم أن الله لا يترك مؤمناً إلا ويبتليه. كما قال: “أحسِب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتَنون”.
- بينما العقاب هو نتيجة الذنوب والأفعال الخاطئة.
- كما يحكي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله: “أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل”.
- يبدو أن البلاء والعقاب قد يتشابهان في كونهما مصائب، لكن الابتلاء هو اختبار، بينما العقاب نتيجة تقصير.
كيف يُرفع البلاء سريعاً؟
الصبر
الصبر هو العامل الأساسي لرفع البلاء عن المؤمن، حيث أن الابتلاء هو اختبار من الله، وفيما يلي بعض الآيات التي تحث على الصبر:
- قال الله تعالى: “إنما يُوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب”.
- وقال أيضاً: “ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يُلقّاها إلا الذين صبروا”.
- قال سبحانه: “ولنبلُوَنّكُم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشّر الصابرين”.
- أيضًا قال: “اصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم”.
التقوى والتقرب من الله سبحانه وتعالى
يعتبر الابتلاء وسيلة للتقرب من الله من خلال الأعمال الصالحة. وبعض الآيات التي تحث على التقوى تدل على ذلك:
- قال تعالى: “ومَن يتَّقِ الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب”.
- وقال: “ومَن يتَّقِ الله يجعل له من أمره يسرا ويكفّر عنه سيئاته”.
اقرأ أيضاً:
الابتلاء والصبر
الابتلاء في الإسلام هو اختبارٌ من الله يرسلُه إلى العبد ليُظهر مدى صبره وثباته، ويعتبر جزءًا من سنة الله في الحياة. يُشيد الإسلام بالصبر في مواجهة الابتلاءات ويعتبره من الفضائل.
أصعب أنواع الابتلاء
- ابتلاء الدين: مثل التهديد بالإجبار على ترك الدين.
- ابتلاء الصحة: كالأمراض المزمنة.
- ابتلاء المال: فقدان المال أو الفقر.
- ابتلاء الأحبة: فقدان الأشخاص الأعزاء.
- ابتلاء النفس: مواجهة الاكتئاب أو اليأس.
هل البلاء عقوبة؟
البلاء ليس بالضرورة عقوبة؛ بل قد يكون اختباراً لصبر المؤمنين. وفي بعض الحالات، قد يكون نتيجة لذنب أو خطأ لكن يمكن أن يُعتبر أيضًا وسيلة لرفع الدرجات.
الابتلاء في القرآن
يشير القرآن الكريم إلى الابتلاء كجزء من اختبار الإنسان. ومن الآيات التي تناولت هذا الموضوع:
- سورة البقرة، الآية 155: “ولنبلُوَنّكُم بشيء من الخوف والجوع”.
- سورة العنكبوت، الآية 2: “أحسِب الناس أن يُترَكوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتَنون”.
الابتلاء
الابتلاء هو اختبار من الله، ويمثل جانباً إيجابياً وسلبياً في الحياة. وقد يكون نتيجة للنعم أو المصائب.
دعاء رفع البلاء
- اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، ومن العجز والكسل، ومن الجبن والبخل، ومن غلبة الدين وقهر الرجال.
- اللهم اكشف عني البلاء، وارزقني الصبر والرضا.
- ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ولا تحمل علينا إصراً، ولا تُحملنا ما لا طاقة لنا به.
كيف يعرف المصاب إن كانت مصيبته عقوبة أو ابتلاء لرفع درجاته؟
لا يوجد قاعدة ثابتة لتحديد ما إذا كانت المصيبة عقوبة أو ابتلاء. لكن يمكن التحقق من خلال:
- التوبة والإصلاح: إذا جاءت المصيبة بعد فعل محرم، فقد تكون عقوبة.
- الصبر والاحتساب: إذا أدت المصيبة إلى زيادة في الإيمان، فهي قد تكون ابتلاء.
- التفكر في الأسباب: النظر في سياق المصيبة وتأمل الحياة قد يساعد في فهم الأمر.