يُعتبر العصر العباسي فترة ازدهار الأدب والشعر والنثر، حيث تواجد فيه أشهر شعراء تاريخ الأدب العربي الذين عُرفوا بعد العصر الأموي. ومن خلال هذا المقال، سنستعرض أبرز الشعراء الذين ساهموا في تشكيل هذا العصر الأدبي المتميز.
نهضة الشعر العباسي
شهد العصر العباسي انتعاشًا أدبيًا كبيرًا في مجالي الشعر والنثر، نتيجة تطورات عدة، منها اتساع رقعة الدولة العباسية عقب العصر الأموي. هذا التوسع أتاح اختلاط الثقافات بين العرب وشعوب العالم القديم، مما أدى إلى نشوء مدارس فكرية وفلسفية متنوعة.
اتجه الشعراء إلى تكثيف اهتمامهم بالشعر بهدف نيل رضا الخلفاء، وقد استخدموا قصورهم كمسارح يعرضون فيها مهاراتهم الشعرية، حيث حقق شعر المدح شهرة واسعة مقارنةً بأنواع الشعر الأخرى السائدة مثل الغزل والفخر والهجاء والوصف.
كما برزت أشكال شعر جديدة أضافها شعراء العصر العباسي، مثل الشعر الوصفي، وشعر الخمريات، بالإضافة إلى شعر الزهد والمجون.
أهم شعراء العصر العباسي
تميز شعراء العصر العباسي بإبداعهم في نظم الشعر الذي عكس استقرار الدولة في ذلك الحين. ومن المبرزين في هذا العصر الشاعر بشار بن برد في شعر الغزل، والبحتري المعروف بوصفه جمال القصور، وأبو نواس الذي أبدع في فن الخمريات، والمتنبي الذي أظهر تفوقه في شعر المدح، وأبو العتاهية الذي عُرف بشعر الزهد بعد ترك المجون:
1- المتنبي
يُعتبر المتنبي واحدًا من أبرز شعراء العصر العباسي، وُلِد عام 303 هـ في الكوفة. يُدعى أحمد بن الحسين الجعفي، ولُقب بالمتنبي بعد أن ادعى النبوة في بادية السماوة، وتم حجزه من قبل أمير حمص ليعود إلى رشده.
عُرف بالتفوق في شعر المدح، وخاصةً عند مدح أمير حلب سيف الدولة الحمداني، حيث كان شعره يُعتبر الأكثر مصداقية حينما كان يتحدث عن سيف الدولة.
تجسد شخصية المتنبي في شعره الكبرياء والثقة بالنفس، حيث تميز بلغة قوية ومعان واضحة دون مبالغة.
2- البحتري
وُلِد البحتري عام 206 هـ في منبج، واسمه أبو عبادة الوليد بن عبيد الله. يُنسب له لقب البحتري، والذي يعني القصير، نظراً لقصر قامته. تأثرت نشأته في منبج ببلاغة وفصاحة الشعر العربي، حيث كان يطلع على أشعار العرب وهو صغير.
لم يستطع التاثير البدوي على شعره إلا أن منح شعره صدق العاطفة ووضوح المعاني بعيدة عن المبالغة.
3- أبو نواس
وُلِد أبو نواس في باستان ماتارد، وهو ليس من أصول عربية. انتقل بعد ذلك إلى البصرة ثم إلى بغداد حيث عاش هناك حتى وفاته بعد مقتل هارون الرشيد.
لقد عُرف أبو نواس بفصاحته وسرعة بديهته، كونه عالمًا بالشعر جميعه. تتجلى شخصيته في حالة من التناقض بين المجون والزهد، ويعتبر من أبرز شعراء العصر العباسي في فن الخمريات.
4- أبو العلاء المعري
وُلِد المعري عام 363 هـ وتوفي عام 449 هـ، واسمه أحمد بن عبد الله بن سليمان. فقد بصره في صغره بسبب الجدرى ولهذا أُطلق عليه “رهين المحبسين” لاعتزاله الناس نتيجة عزلته.
كان شاعرًا وفيلسوفًا، كتب العديد من الكتب في النثر بالإضافة إلى دواوين شعرية تعكس نظرته التشاؤمية ورغبته في الموت. من أبرز أعماله اللزوميات وضوء السقط.
5- أبو العتاهية
اسمه إسماعيل بن القاسم بن سويد، وقد اشتهر بلقب أبي العتاهية، حيث كان من بين أشهر شعراء العصر العباسي بأسلوبه السهل والمعاني الواضحة. عُرف شعره بقربه من البسطاء ولقب بشاعر الشعبي.
كشف شعره عن حكمته وتجربته الحياتية، حيث كان بعيدًا عن التكلف والمبالغة.
6- أبو تمام
وُلِد عام 188 هـ في قرية جاسم في سوريا، ثم انتقل إلى مصر ثم بغداد حيث توفي عام 804 هـ. اسمه حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، وكان من أشهر شعراء ذلك العصر ويتمتع بشهرة واسعة.
7- ابن الفارض
وُلِد ابن الفارض في مصر وتوفي بها، ويدعى عمر بن أبي الحسن. يُلقب أيضًا بشرف الدين. عُرف بفلسفة وحدة الوجود والاتحاد بالذات الإلهية، ما جعله موضع جدل في بعض الأوساط.
تنوعت أنماط الشعر بفضل شعراء العصر العباسي وفقًا لكل بيئة نشأوا فيها، مما أسهم بشكل كبير في إحداث نهضة أدبية في كلا الشكلين، الشعر والنثر.
