يُعتبر الثقب الأسود وفكرة سورة النجم ظاهرة رائعة أثارت دهشة العالم أجمع، حيث تطرق القرآن الكريم إلى هذه الظاهرة الكونية الفريدة، وقد أقسم الله تعالى بها، مما جعل العلماء، وخاصة علماء الفلك، متأثرين من هذه الإشارة.
ما هو الثقب الأسود، وماذا يخبئ من أسرار ومعلومات قد أشار إليها القرآن الكريم قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة؟ سنتناول هذه المواضيع بشكل أعمق من خلال الفقرات التالية.
الثقب الأسود في القرآن الكريم
تناول القرآن الكريم ظاهرة فلكية بارزة، رغم كونه ليس كتابًا مختصًا بعلم الفلك، إلا أنه قد عرضها بطريقة مفهومة ومشوقة للقراء. وقد تم ذلك في سياق سورة النجم، التي بدأت بقسم إلهي جاء على هذا النحو:
(وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى* وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْىٌ يُوحَى* عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى* ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى* وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى* ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى* فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى* فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى).
في هذه الآيات، أقسم الله تعالى بالنجم، مما يسلط الضوء على أهمية هذه الظاهرة الكونية في سياق الوحي الذي أتى به النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
التعريف بالنجم الثاقب وصفاته
رغم أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد رأى جبريل عليه السلام في عدة مواقف، إلا أنه خلال رحلة الإسراء والمعراج رأى ملك الوحي بشكل واقع في السماء العليا. في هذه الرحلة، وصف القرآن الكريم منطقة معينة في الفضاء تتميز بصفات فريدة، ومنها:
-
تعتبر تلك المنطقة مظلمة جداً، على الرغم من أن الفضاء بأكمله غارق في الظلام، إلا أنها تُعتبر أكثر مناطق الفضاء ظلامًا.
- قال تعالى (إذ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى)، مما يدل على شدة ظلام تلك المنطقة مقارنة بغيرها.
-
لا يمكن للإنسان العادي النظر إلى هذه المنطقة بعينيه، إذ يصعب رؤية ما هو داخلها.
- أما أن يرى ما يحيط بها، أو ما هو بعيد عنها، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان الوحيد الذي استطاع رؤيتها دون أن يؤثر بصره بشيء (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى).
- تعتبر هذه المنطقة منفذاً لعالم آخر، كما ذُكر في القرآن (عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى).
- تتمتع هذه المنطقة بمكانة عظيمة في الكون، كما يقول القرآن الكريم (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى).
دلالات الثقب الأسود
توجد العديد من المعلومات والأدلة في سورة النجم تتعلق بالثقب الأسود، ومنها:
- أكد العلماء على وجود منطقة في الفضاء تُعرف بالثقب الأسود، حيث تسقط النجوم، وتعتبر ظاهرة كونية تشير إليها الآيات.
- تعد قسم الله تعالى في سورة النجم تأكيداً على وجود حقيقة كونية كان العلماء يعرفونها وختامها يثبت صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
لون الثقب الأسود
تمت مناقشة العديد من الخصائص المتعلقة بلون الثقب الأسود، ومن أبرز هذه المعلومات:
-
بالرغم من أن الفضاء يغمره الظلام، فإن الثقب الأسود يمثل منطقة سوداء بصورة مكثفة، ليس بسبب طلاءه باللون الأسود، بل بسبب جاذبيته الهائلة.
- هذه الجاذبية تمنع الضوء من الإفلات، مما يؤدي إلى ظهور الظلام فيه بشكل صارخ، لذا سُمي ثقبًا أسود.
- لتصور حجم الثقب الأسود، يمكن أن نعلم أن الشمس تساوي كتلة واحدة، بينما الثقب الأسود يمكن أن يحتوي على مليون كتلة شمسية.
- يوجد ثقب أسود حجمه يعادل حجم الشمس 12 مليار مرة، مع العلم أن قطر الشمس يزيد عن قطر الأرض بـ109 أضعاف.
- لذا فإن الثقب الأسود يعد من أعظم آيات الله في الكون.
ماذا يوجد داخل الثقب الأسود؟
- في الحقيقة، يتواجد داخل الثقب الأسود فقط لون داكن، ولن تكون قادرًا على رؤية نفسك أو أي شيء آخر سواء بعينيك أو عبر تلسكوب، وذلك بسبب الجاذبية العظيمة التي تحيط به.
- يمكن رؤيتك كيف تعمل الجاذبية على انحناء الضوء حول الثقب الأسود، حيث يتجمع الضوء ويشكل عدسة ضوئية محيطة.
- نظرًا للجاذبية الكبيرة، يُعتقد أن الرحلة إلى أحد الثقوب السوداء هي رحلة ذات اتجاه واحد، وهناك اختلاف بين العلماء حول ما إذا كان للثقب الأسود نهاية أم لا.
يدعم بعض العلماء، مثل ستيفن هوكينج وجيرارت هوفت، وجهة نظر أن الثقب الأسود له نقطة نهاية، مما يجعله مدخلاً لعالم آخر.
استكشاف الثقب الأسود
وفي تطورات حديثة، استطاع العلماء رصد نجم ينهار داخل ثقب أسود وشاهدوا بعض المواد المنبعثة منه، وهي تُعتبر دليلًا على وجود ظواهر معينة تتعلق بهذه الثقوب.
- كان الاعتقاد السائد أن الثقوب السوداء تمتلك جاذبية لا توصف، تمنع الضوء من الهروب منها.
- ومؤخراً، تم تصوير عملية سقوط نجم في ثقب أسود بواسطة الأقمار الصناعية المختلفة التابعة لوكالات الفضاء العالمية.