تعتبر الحروف الأبجدية العربية مفوَّضة بالتشكيل إحدى أكثر الكتابات شهرة وانتشارًا في العالم. إذ تحل اللغة العربية في المرتبة الخامسة من حيث الانتشار، وتعتبر من أبرز وأنضج الكتابات في التاريخ.
تمتاز هذه الكتابة بقدرتها على تمثيل معظم الأصوات الممكنة التي يمكن أن يُنطق بها، وظلت الحروف الأبجدية العربية الأكثر شيوعًا على مر القرون، حيث تتفوق في الاستخدام بعد الحروف اللاتينية. كما تعتمد عدة لغات على الأبجدية العربية مثل الأوردو والعثمانية والكردية والسندية.
ما هي اللغة العربية؟
تعد اللغة العربية موضوعًا مثيرًا للجدل، حيث لم يتوصل العلماء إلى تعريف موحد لها.
يرى بعض العلماء أن اللغة هي ظاهرة إنسانية تمثل فارقًا بين الإنسان وبقية الكائنات الحية، حيث تبقى أصوات الحيوانات كما هي، ولا تصنف كلغة.
أما عن معنى كلمة “لغة” في المعجم، فهي مشتقة من “لغا”، والتي تعني السقط وما لا يُعتد به من الكلام.
تُصنف اللغة العربية كواحدة من اللغات السامية، وقد تطورت حتى أصبحت بصورتها الحالية. كما أن الكتابة تعتبر ظاهرة حديثة لم تكن موجودة في العصور السابقة، وهناك العديد من اللغات حول العالم لا تزال منطوقة دون كتابة.
تعريف الحروف الأبجدية العربية
تُعتبر الحروف الأبجدية العربية واحدة من أقدم وأشهر أشكال الكتابة في مختلف أنحاء العالم، وهي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، وقد تكلم بها نبينا آدم، واهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بتحسين أساليب الكتابة بها.
تكتب الحروف من اليمين إلى اليسار وتمتاز بارتباطها بين الحروف المنفصلة والمتصلة، وتظهر دقتها عند إضافة التشكيل. تتكون الأبجدية العربية من ثمانية وعشرين حرفًا، وتتنوع خطوط كتابتها مثل خط النسخ، والرقعة، والثلث، وغيرها.
وفي اللغة، يُعد الحرف هو الحد أو الشيء، حيث نقول “كتب بحرف القلم” للدلالة على الحد، ويُستخدم مصطلح الحرف في عدة معانٍ مثل “هو على حرف من أمره” للدلالة على القرب.
- الحرف الأصلي: ما يتم تثبيته في تصريف الكلمة لفظيًا ومعنويًا.
- الحرف الزائد: هو ما يسقط من تصريف الكلمة.
- الحرف الجر: ما يُستخدم لإضفاء معنى الفعل على ما يليه.
الحروف الأبجدية العربية بالتشكيل
تمتلك الحروف الأبجدية العربية تناغمًا صوتيًا خاصًا يربطها مع الكلمات التي تشكل الجمل.
وقد عمل الباحثون والعلماء على تحديد الحركات وعلامات التي تساعد على ضبط النطق الصحيح للكلمات، مما يتيح للقراء قراءتها بشكل صحيح ودقيق.
فإن القراءة بطرق متعددة قد تؤدي إلى تغيير معاني الكلمات، ويمكننا تلخيص الضوابط الموضوعة على الحروف العربية كما يلي:
- الفتحة: تُرمز بشرطة مائلة أعلى الحرف مثل بَ، جَ، وهي تعني أن الحرف مفتوح حيث يتم فتح الشفاه قليلاً.
- الضمة: تُرمز بواو صغيرة أعلى الحرف مثل بُ، جُ، وتوحي بأن الشفاه مضغوطة.
- السكون: تُعبّر عن الدائرة الصغيرة أعلى الحرف مثل بْ، جْ، حيث تتوقف عند القراءة.
- التنوين: يُنطق كنون ساكنة في نهاية الاسم، ويتضمن ثلاثة أنواع: تنوين النصب بً، وتنقيب الكسر بٍ، وتنوين الضم بٌ.
- الحركات الطويلة: تُعتبر امتداداً للحركات القصيرة، مثل ألف المد، وواو المد، وياء المد.
- الشدة: هي رأس الشين دون نقاط ويجوز أن تُضاف معها حركات أخرى مثل الفتح والكسر والضم، كمثال بّ، بَّ، بِّ، بٌّ. ومن دون هذه الضوابط، سيكون من الصعب النطق بدقة إذا لم نكن على دراية بهذه الكلمات.
إرشادات القراءة بالتشكيل
قبل البدء في القراءة بالتشكيل، من الضروري الالتزام بالتعليمات التالية:
- الاستماع إلى النصوص المراد قراءتها، وخاصة القرآن الكريم والشعر، ثم التدرب على قراءة النص بشكل دقيق من خلال القراءة الصوتية، والتركيز على الأخطاء المحتملة.
- إذا واجهت صعوبة في قراءة الحرف بالشكل الصحيح، فيجب الرجوع إلى المعجم، وهي التي تعني أعلى مستويات تصحيح اللغة.
- يجب دراسة الصرف والنحو بطريقة سلسة ومفصلة مع الانتباه إلى الجوانب الجمالية التي تميز الحروف والكلمات.
- التدرب على النطق الصحيح وفهم الحركة الإعرابية بشكل سليم؛ فهذا يعد أساسًا لبناء اللغة العربية.
تاريخ التشكيل في اللغة العربية
مر تشكيل اللغة العربية بمراحل متعددة من التطور.
في عصر أبو الأسود الدؤلي، كانت الحركات المستخدمة مختلفة عن التي نعرفها اليوم.
فقد تم تكليفه بوضع ضوابط خاصة للحروف والتشكيل، واتخذ قرارًا باستخدام الكود الأحمر لتمييز الحركات بنقاط.
بصفته حافظًا لكتاب الله، كان لديه القدرة على تطبيق التشكيل الصحيح.
تميزت حركات الدؤلي بكونها نقاط تُحدد على الحروف المفتوحة، ونقطة واحدة للحروف المكسورة.
وفي حالة التنوين، يتم استخدام نقطتين. وعند الانتهاء من كتابتها، كان يحرص على تدقيقها ومراجعتها.
في زمن الخليل بن أحمد الفراهيدي وأثناء العصر العباسي، كان هناك خلط بين النقاط التي وضعها أبو الأسود مما تطلب إعادة صياغة الضوابط.
قرر الخليل بن أحمد تغيير الحركات بحيث تُرسم بدلاً من أن تعبر بالنقاط، وهو تغيير يُعتبر ثوريًا في مجال التشكيل.
أما في العصر الحديث، فلا تزال الحركات التي وضعت في السابق مشابهة لتلك الحالية، ولكن تم إضافة ضوابط مثل الشدة والمد.
تترتب الحركات اليوم وفقًا لقواعد الضبط النحوي والمعاني لكلمات اللغة.
ترتيب الأحرف في اللغة العربية
تم تصنيف الأحرف العربية الثمانية والعشرين وفق نظامين للترتيب وهما الترتيب الأبجدي والترتيب الهجائي.
الترتيب الأبجدي يعتمد على الأصول التاريخية للحروف.
وهكذا تتم تقسيمها إلى حروف سامية وعددها اثنان وعشرون حرفًا: أ، ب، ج، د، ه، و، ز، ح، ط، ي، ك، ل، م، ن، س، ع، ف، ص، ق، ر، ش، ت.
بينما تُعتبر الحروف العربية الستة المتبقية حروفًا رافدة (ث، خ، ذ، ض، ظ، غ)، وسميت بهذا الاسم نسبةً إلى الحروف التي تمثل كلمة “أبجد”.
ومن جهة أخرى، فإن الترتيب الهجائي يُعتمد على شكل الحروف عند رسمها، بحيث يتم تصنيف الحروف المتشابهة معًا.
في عام 90 هـ، كلف الحجاج بن يوسف الثقفي بترتيب الحروف بهذا الأسلوب، وهو النظام الأكثر شيوعًا حاليًا، ويُطلق عليه مصطلح “هجائي” لتمييزه عن الأبجدي.
