تُعد عبارة “أما بعد” من العبارات الشائعة في زمننا الحالي، خاصة في الخطابات الرسمية وغيرها من السياقات المختلفة. تعتبر هذه العبارة مقدمة للكلام وتستخدم في بداية الأحاديث. وقد اختلف الكثيرون حول أول من نطق بها، ومن خلال هذا المقال، سنستعرض من هو أول من قال “أما بعد” وأين ذُكرت.
مَن أول من قال “أما بعد”؟
تباينت الآراء حول أول من نطق بعبارة “أما بعد”، حيث قيل إن الشخص الأول الذي استخدمها هو نبي الله داود، بينما ذكر الشعبي أنها كانت فصل الخطاب الذي أُعطي لداود. وهناك آراء أخرى تشير إلى أن يعقوب أو يعرب بن قحطان، وكعب بن لؤي، وقس بن ساعدة، وسحبان بن وائل هم من قد يكون لهم علاقة بهذه العبارة.
الرأي الأكثر ترجيحًا هو أن نبي الله داود هو أول من قال “أما بعد”، استنادًا إلى قول الله سبحانه وتعالى: “شَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ” [سورة: ص][الآية: 20]. وقد أشار الشعبي إلى أن فصل الخطاب هو “أما بعد”.
تحديدات لأوائل من قال “أما بعد”
قام العلماء بجمع تحديدات لأوائل من استخدموا عبارة “أما بعد” وهم سبعة شخصيات، وبيانهم كما يلي:
- آدم عليه السلام: قال الله تعالى في كتابه الكريم: “وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنَبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ” [سورة: البقرة][الآية: 31]، مما يشير إلى تفضيل الله تعالى لسيدنا آدم في تعلم الأسماء، بما في ذلك “أما بعد”.
- داود عليه السلام: “شَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ” [سورة: ص][الآية: 20]، كما ذكر الشعبي أن “فصل الخطاب” هو “أما بعد”.
- يعقوب عليه السلام: جاء في الحديث الشريف: “لمَّا جاء مَلَكُ المَوتِ إلى يعقوب عليه السلام قال يعقوب في جملة كلام: أما بعد فإنَّا أهلُ بيتٍ موكَّلٌ بنا البلاء” [المحدث: ابن الملقن].
- قس بن سعادة: يُعتبر أول من استخدم “أما بعد” في خطبة العرب.
- كعب بن لؤي: كان يلتقي بعدد من الناس ويقول: “أما بعد اسمعوا، وافهموا، وعملوا وتعلموا”.
- يعرب بن قحطان: قيل إنه هو من قال “أما بعد” لأول مرة.
- سحبان بن وائل: ذُكر في بعض الروايات كأحد الأوائل الذين قالوا “أما بعد”.
معنى “أما بعد”
تعتبر “أما بعد” صيغة مستخدمة في الخطابات، حيث تأتي بعد التحية في الرسائل، وتعبّر عن الانتقال من موضوع إلى آخر. يستخدمها العرب في تبادل الآراء في الخطابات، وتعتبر بمثابة لفت انتباه، مما جعلها تعرف بمعنى “فصل الخطاب”.
ويستند قول الله تعالى “وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ” [سورة: ص][الآية: 20] كدليل على أن الذي استخدمها هو سيدنا داود عليه السلام. وتُستخدم هذه العبارة لتفصيل الخطاب السابق عن حديث أو حدث جديد، حيث تحافظ على تنظيم الحديث.
المواضيع التي استخدم فيها الرسول عبارة “أما بعد”
لقد استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبارة “أما بعد” في خطبه ومراسلاته عند الحاجة، وأبرز المواضع التي وردت فيها هذه العبارة هي:
- ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتاب الذي أرسله إلى هرقل ملك الروم، داعيًا إياه للإسلام.
- كما ذكرها في قصة بريرة الشهيرة، حيث تساءل عن اشتراط الرجال لشرائط لم يرد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال “أما بعد” في بداية أو نهاية حديثه.
وفي الختام، لقد تناولنا في هذا المقال من هو أول من قال “أما بعد” وأين ذُكرت، كما تطرقنا إلى المواضع التي استخدم فيها الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم هذه العبارة ومعناها.