أجمل القصائد التي تعبر عن حب الوطن

سلامٌ من صبا بردى أرقُّ

سلامٌ مُفعمٌ بالشوق من صبا بردى أرقُّ،

وذاك الدمع الذي لا ينقطع يا دمشقُ.

ومعذرةٌ لقصائدي وأبياتي،

فقد أضحت جلال الرزء أقوى من الوصف الدقيق.

وذكريات خَلَت من خواطر قلبي،

إليكِ تَطلُعُ روحي بخفقٍ دائم.

في قلبي جراحات عميقة من آلام الليالي،

تسللت إلى داخلي، فكان الفجر يلوح.

ووجهكِ يشعّ بِبَسَمَةٍ لطيفة،

تحت جنانكِ تجري الأنهار كالأحلام.

وتمتاز أراضيكِ بأوراقها الجميلة وزهورها،

وحولي شبانٌ نقيّون، صباحُهم يفيض بالفضل والعبق.

هم الشعراء والخطباء، يُنعشون القلب بأشعارهم،

وما أجمل كلماتهم في مجالسنا.

لقد طالعتهم حتى أُشعلت نار الكبرياء في نفوسهم،

واتسعت الآفاق لما يُروى من أمجادهم.

وكل حرٍّ من أصل أميّ، لُقّب بالعزّ والكرامة،

توالت الأخبار الجميلة التي تُبشر به.

تُفصَّل الأخبار إلى جوانب الدنيا،

وتُقال في الأفق كالبرق البعيد.

كأنه إعجازٌ يُرى كالحكايات، رغم كونه صدقاً بعيداً.

وقد قيل أن معالم التاريخ دُمّرت،

وقيل أن الخراب أصابها.

أَلَستِ دمشقُ حضن الإسلام،

ومربية أبوّة الأحرار لا تكفّ عن العطاء؟

صلاح الدين يُزينكِ بتاجه، لم يكن ليُجمّل بشيءٍ سواه.

اختلاف النهار والليل يُنسي

اختلاف النهار والليل يُنسي الأمور،

اذكريني في أحلى أيام الصبا.

صافيني سُلوى الشباب.

صُورتك كنسيمٍ لطيفٍ يتسلل بين عواطفٍ وأفكارٍ،

عصفت بي كنسيمٍ لعوب، عندما مرّت.

كان بين أحضان السنون لذّة وسعادة،

ومصر، هل سلا القلب عنها؟

أم أن الزمان أسى جرحه العميق؟

كلما مضت الليالي على القلب،

رقّت الأوجاع والعهد يصبح أصعب.

تذكّرني بسفائرك حين تبحر،

أو حين تغني ريحٌ في الليل.

راهبٌ ضائعٌ في ضلوع الموجات،

فطنت إليه عندما تلتهمه النار.

يا ابنة اليم، والدك ليس بخيل،

فما له وللمنع أو الجهات؟

أحلالٌ للبلابل أن تُغرد،

وأحرى للطير أن تُحلِّق بلا قيود؟

كل دار أحق بالأهل، إلا في باب الانحرافات،

حتى نفسي تطالبُ بالحرية وقلبي يسير نحو الأمل.

اجعلي وجهكِ المنارة، والسبيل يمضي،

بين ثغور الأرض وسط الرمال.

وطني لو شُغلت بالتأمل فيه،

نازعني إليه حبّ البقاء.

هفا الفؤاد إلى عيون الشوق،

ظمأً لم ينطفئ من أشعة الشمس.

شهادةٌ من الله، لم يغِب عن جفوني،

شخصه في القلب، وذاته بين الحضور.

يشرق الفكر في زمن بهاء،

ويمسي الاجتهاد يتجلى في النور.

أي كأنّي أرى الجزيرة قد أزهرت،

نغم طيورها يطرز الأجواء.

هِيَ بلقيس، صرحٌ يحتضن الجمال،

تلقي برماحٍ، وتحتضن السحر.

كافلٌ للصورة ودعوةٌ للحب،

قبلها لم يُعقد عرس ذو معنًى.

لبست حُلَل الرفاه في الأصواع،

بين صنعاء وراية الشموخ.

قد أظهرها النيل فاستحيت وتوارَت،

بين عراةٍ ولباس.

وأنظر الى النيل كعقيقٍ محفور،

وإن كان كوثراً ملتهباً.

ابن ماء السماء ذو الموكب المهيب،

الذي يُبهج العيون ويُسحر.

لا ترى في قافلته غير المُحبّين،

بخميلةٍ وشاكرين للكرم.

وأرى الجيزة الحزينة ثكلى،

لم تجد بعدُ في الحزن عزاء.

تحيط بها ضجة المساء،

وتسألني الرياح عن أحوالها.

وقيام النخيل يرقصون شعراً،

ويحرصون على الخواطر طربًا.

وكأني أرى الأهرام ميزاناً عتيقاً،

يوم عظيم قد مرّ.

أو كأنّ قناطير الذهب تتأنق،

ألف جابٍ وألف صاحب لمشاهد.

روعةٌ في الضحى بين الجنّ،

حين يرسو الظلام في أغانيهم.

وأنا في الرمال، أفطس إلا،

أنّه صنع جنّة دون فطر.

تتجلّى حقيقة الأفراد فيها،

سبع خلق في أسارير إنسان.

لعب الدهر في ترابه، صغيراً،

والليالي كواعِب لا تُنسَى.

ركبت صيد المقادير بعينيه،

للنقد ومخالب الفرس.

فأصابت المماليك، كسرى وهركلاً،

مع العبقرية الفرنسية تتلألأ.

يا فؤادي، لكل قرارٌ ممتحن،

فيه يظهر ويختفي بعد ارتباك.

عقلتْ لجّة الأمور عقولاً،

طالت الحوت وفقًا للسير والطغيان.

غَرِقٍ حيث لا يُصاح بِشجاعةٍ،

أو غريقٍ ولا يُصخ للحقائق.

فلكٌ يسحق الشموس نهاراً،

ويعّد النجوم ليلاً لو نَكّتُ.

ومواقيت الأمور إذا ما،

بلغتها الأمور أصبحت راست إلى العكس.

دولٌ كالرجل لا يزالون،

بقيامٍ من الأجداد وينتظرون.

وليالٍ من كل ذات سوار،

لطمت كل رب روم وفارسي.

سدّدت بالهلال قوسٌ وسلَّت،

خنجراً يمر من كل الدرع.

حكمت في القرون خوفو ودارا،

وأنسى ئيلًا وآلت بعبس.

أين مروان أسكن المشارِق،

أمويٌ وفي المغارب كرسي.

سَقِمت شموسهم فردّت عليها،

نورها كلّ ثاقب الرأي يُركُس.

ثم غابت وكلّ شمس سواها،

تبتلى وتضمحل تحت رمس.

وعَظّم البحتري إيوان كسرى،

وشفاني المساكن من عدم الشمس.

ربّ ليلٍ شعرت فيه والبرق يحاكي،

وبساطٍ طويت والريحُ تحكي.

أديم الشرق في الجزيرة بوضوحٍ،

وأطوي البلاد حزنًا على الدهس.

في ديارٍ من الخلفاء درسٍ،

ومنارة من الطوائف خفيّة.

وربى كالجنان في كنف الزيتون،

خضرٌ وفي ذرا الكرم تاريخ.

لم يرعني سوى ثرىً قُرطُبي،

لمست فيه عبرة الدهر العميق.

يا وقا الله ما أصبّح منه،

وسقى صَفوة الحياة ما أُمسّي.

قريةٌ لا تُعدُّ في الأرض،

تُمسكُ الأرض أن تَميل وتستقيم.

غشيَ ساحل المحيط وتغطى،

لُجَّة الروم من شراعٍ وقرص.

ركب الدهر خاطري في ثراها،

فأتى ذلك الحمى بعد حدس.

فتجلّت لي القصور ومن في،

هذا من العز في منازل القوم.

ما ضفّت قط في الملوك على نذل،

للمعالي ولا ترددت بنجس.

وكأني بلغت العلم بيتًا،

فيه ما للعقول من كل درس.

قدسٌ في البلاد شرقاً وغرباً،

حجّه القوم من فقيه وقس.

وعلى الجمعة الجلالة والنور،

نور الخميس تحت الدريفس.

ينزل التاج عن مفارق القومي،

ويُحلى بذلك جبين الأمير.

سنةٌ من كرٍ وطيف أمان،

وصحا القلب من ضلالٍ وهرار.

وإذا الدار ما بها من أُنيس،

وإذا القوم ما لهم من مُفسِّس.

ورقيقٌ من البيوت عتيقٌ،

جاوز الألف غير مذخورٍ حماية.

أثرٌ من محمد وتراثٌ،

صار للروح ذي الوَلاء العنيد.

بلغ النجم ذروةً وانتهى،

بين ثهلان في الأساس والقدس.

مرمرٌ تسبح النواظر فيه،

وطويل المدى عليها فتُرسى.

وسوارٌ كأنها في استواء،

ألفات الوزير في عرض الطرس.

فترة الدهر قد كسَت سطري،

ما اكتسى الهَدي من فوتٍ ونعاس.

ويحها كم تزينت لعليم،

واحدٍ من الدهر واستعدت لخمسة.

وكأن الرفيف في مسرح العيون،

ملؤه مُدَنَّرات الدمقس.

وكأن الآيات في جانبَيْهِ،

يتنزّلن في معارج القدس.

منبرٌ تحت منذر من جلال،

لم يزل يكتسيه أو تحت قس.

ومكان الكتاب يغريك ريا،

وردُه غائب فتقرب للمس.

صنعة الداخل المبارك في الظهر،

بآل له مَيَامين شمس.

من حمراء جُللَت بغبار العصر،

كالجُرح بين برء ونكيس.

كأن سنا البرق لو محا الضوء لحظة،

لمحتها العيون من طول قبس.

حصن غريطة ودار بني الأحرار،

من غافل ويقظان نَدس.

جلّل الثلج دونها رأس شيرى،

فبدا منه في عصائب بِرس.

سرمدٌ شَيبه، ولم أَرَ شَيْبًا،

قبله يُرجى البقاء ويُنسى.

ما مشيت الحدثيات في غرف الحمام،

مشيَ النعي في دار عرس.

هَتكَتْ عزّة الحجاب وفَضّت،

سدّة الباب من سمير وأُنس.

عرصاتٌ تخلّت الخيل عنها،

واستراحت من احتراسٍ وعسف.

ومغانٍ على الليالي وإضاءةٌ،

لم تجد للعشيّ تكرار مس.

لا ترى غير وافدين على التاريخ،

ساعين في خشوعٍ ونكس.

نقلوا الطرف في نضارةِ آس،

من نقوش وفي عصارَةِ رس.

وقبابٍ من لازورديٍّ وتبرٍ،

كالرّبى الشَمِّ بين ظلال وشمس.

وخطوطٌ تكفّلت للمعاني،

ولألفاظها بأجمل لباس.

وترى مجلس السُباع خاليًا،

مُقفِر القاع من ظباء وخنس.

لا الثُريّا ولا جواري الثُريّا،

يتنزّلن فيه أقمارهُنَّ.

مرمرٌ قامت الأسود عليه،

كَلَّة الظُفر اللين المتماس.

تَنثرُ الماء في الحِياض جُمانًا،

يتنزى على ترائب ملس.

آخَرَ العهدِ بالجزيرة كانت،

بعد عركٍ من الزمان والفرس.

فترى تقول راية الجيش،

بادَ بالأمس بين أسرٍ وحس.

ومفاتيحها مقاليد مُلك،

باعها الوارث المضيّع ببخس.

خرج القوم في كتائب صُمٍّ،

عن حفاظٍ كموكب الدفن خرس.

يا ساكني مصر

يا ساكني مصر، إنّا لنعاهدكم،

على الوفاء مهما غبنا عنكم.

هلّا أبْعَثْتم إلينا من ماء نهرِكم،

شيئًا نبلّ به أحشاء صدورنا؟

كل المناهل بعد النيل آسنة،

ما أبعد النيل عن أمانينا!

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *