فهم إصلاح ذات البين
إصلاح ذات البين هو عملية إنهاء الخلافات بين المتخاصمين، سواء كانت النزاعات لفظية تتمثل في القول السيء أو الشتم، أو فعلية كالضرب. يُعد إصلاح ذات البين من أعظم الأعمال الصالحة في الإسلام، حيث قال الله تعالى: (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).
أمثلة على إصلاح ذات البين
- يتجلى الإصلاح بين الزوجين المتخاصمين في قوله تعالى: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ). وينبغي للمصلحين أن يتوخوا الحكمة، فقد يُسمح لهم بالكذب لإصلاح العلاقة، حيث يُمكنهم إخبار أحد الزوجين بأن الآخر يُظهر له اهتمامًا حتى في خضم النزاع. وهذا ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ليس الكذّاب الذي يُصلح بين الناس، فيقول خيرًا، أو يُنمي خيرًا”.
- ومن الأمثلة أيضًا في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه شهد خلافًا بين بعض الصحابة الذين تشاجروا ورموا بعضهم بالحجارة، وعندما سمع بذلك، قام بالذهاب بنفسه لإصلاح الأوضاع بينهم، مما يعكس مدى أهمية إزالة النزاعات بين المسلمين حتى وإن تأخر في صلاة الجماعة.
- تشير ضرورة الصلح بين المسلمين إلى أي نزاع يحدث بين الدول أو القبائل، مثل الخلاف الذي قد ينشأ بين قبيلتين نتيجة حادث غير متعمد، مما يستدعي الإصلاح بينهما لتجنب تفاقم النزاع وزيادة عدد الضحايا، وذلك قول الله تعالى: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا).
- كما أن إصلاح ذات البين ضروري بين الإخوة والأقارب الذين يتخاصمون، خاصة عند توزيع الميراث أو في المناسبات كالأعراس، حيث يتوجب عليهم الحوار للصلح ومحاولة تجنب تفاقم الخلاف، لأن ذلك قد يؤدي إلى قطع الروابط الأسرية. ويجب التنبه إلى أن الخلافات قد تستمر حتى وفاة أحد المتخاصمين، مما يترك الآخر في حالة من الندم على عدم تصالحه قبل فوات الأوان.
أهمية إصلاح ذات البين
تكمن أهمية إصلاح ذات البين في الإسلام، حيث يجب مراعاة عدم تناقض الصلح مع ما أباحه الله -تعالى- أو حرّمه، وبالتالي ينبغي أن يتم الصلح برضا الله. وتظهر أهمية هذا الإصلاح من خلال النقاط التالية:
- يساهم في حماية دماء المسلمين عند نشوء أي نزاعات أو مشاكل بينهم.
- يحافظ على تماسك المجتمع المسلم ويقيه من الانحلال والتفكك وانتشار الفساد.
- يعزز قيم المحبة والتعاون ويبتعد عن الغيبة والنميمة وقطع الأرحام.
- يدعم حسنات المسلم، كما ورد عن أبو الدرداء -رضي الله عنه- بإيراده عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “ألا أُخبركُم بأفضلَ من درجةِ الصيامِ والصلاةِ والصدقةِ؟ قالوا: بلى. قال: إصلاحُ ذاتِ البَيْنِ، فإنَّ فسادَ ذاتِ البَيْنِ هي الحالقةُ”. في إشارة إلى أن فساد العلاقات يذهب بالأجر والحسنات نتيجة النزاعات.