الحضارة
تعبر الحضارة عن مجموعة من الظواهر العلمية، والأدبية، والفنية، والاجتماعية التي تميز مجتمعاً معيناً. وقد أشار ألبرت أشفيتسر في كتابه “فلسفة الحضارة” إلى أن الحضارة هي تقدم روحي ومادي للمجتمع والأفراد. وفي السياق ذاته، يرى عدد من المفكرين المسلمين أن الحضارة تمثل نظام حياة متكامل، يبرز من خلال مظاهره المادية والأخلاقية.
أقدم حضارة في التاريخ
تعتبر حضارة بلاد الرافدين الأقدم في العالم، وهي واحدة من حضارات الشرق الأدنى القديم. نشأت هذه الحضارة في أواخر الألف الرابع قبل الميلاد، حول نهري دجلة والفرات، وهما من أكبر الأنهار في العراق. لقد ساهمت المياه الوفيرة للنهرين في تعزيز الزراعة واستقرار السكان، مما دفعهم لتطوير التكنولوجيا البحرية لصناعة السفن لتسهيل النقل. كما استخدموا القطران لحماية بيوتهم وقواربهم. ومن أبرز إسهامات السومريين في مدينة أور، ابتكار طريقة مبتكرة في ولحام صفائح الذهب. تعددت الممالك في بلاد الرافدين، حيث ظهرت ممالك مثل السومريين، والأكاديين، والآشوريين، والبابليين، ومن أبرز ملوكهم الملك البابلي حمورابي، الذي عُرف بتشريعاته، والملك آشور بانيبال، والملك سرجون الأكادي.
الحضارة السومرية
تعود نشأة الحضارة السومرية إلى الألف الرابع قبل الميلاد، رغم أن أصلهم الجغرافي لا يزال موضع جدل، حيث يعتقد بعض العلماء أن السومريين نشأوا في المناطق الجبلية شمال وشرق العراق. استقر السومريون في ضفاف نهري دجلة والفرات، وكانت عاصمتهم هي سومر. تعتبر الفترة التي عاشتها الحضارة السومرية وقتاً لزراعة مستقرة في بلاد الرافدين.
الحضارة الأكادية
جاء الأكاديون من شبه الجزيرة العربية في أوائل الألف الثالث قبل الميلاد. يُعتقد أن الأكاديين والسومريين عاشوا جنباً إلى جنب. وتزعم عائلة سرجون الأكادي، ملك الأكاديين، حكمها لمدة خمسة وخمسين عاماً، حيث أجرى إصلاحات كبيرة شملت الجيش ونظام الحكم، وكان فن العمارة في عهده في أوج تطوراته. ومن الملوك البارزين في الحضارة الأكادية كان الملك نرام سين، الذي حكم حوالي أربعين عاماً.
الحضارة البابلية
تأسست الحضارة البابلية على يد الملك حمورابي، الذي تبنّى أشهر التشريعات في القانون الإنساني. وقد امتدت الرقعة الجغرافية لهذه الحضارة من الخليج العربي إلى أعالي نهر الفرات، ومن صحراء سوريا إلى جبال زاغروس. في عام 1901م، تم اكتشاف مسلّة حمورابي المنقوشة باللغة الأكادية، التي تم ترجمتها إلى العديد من اللغات، وهي الآن موجودة في متحف اللوفر. شهدت الحضارة البابلية توحيد الطوائف المختلفة تحت قوانين الملك حمورابي، التي تُعتبر مرجعًا قانونيًا هامًا في بلاد الرافدين.
الحضارة الآشورية
تقع العاصمة الآشورية القديمة، آشور، على ضفاف نهر دجلة، وهي تعد واحدة من أبرز ممالك شمال وادي الرافدين منذ عام 2500 قبل الميلاد. تولى الحكم في المملكة الآشورية عدد من الملوك، ومن بينهم الملك آشور ناصر بال الثاني، الذي نقل العاصمة إلى مدينة نمرود. وقد أظهرت الاكتشافات الأثرية قصور الآشوريين، بما في ذلك تاج ذهبي مزين بتفاصيل دقيقة لنبات العنب وعناقيده. انهارت الإمبراطورية الآشورية في عام 612 قبل الميلاد بعد تدمير مدنها الكبرى.
إنجازات حضارة بلاد الرافدين
تعتبر حضارة بلاد الرافدين من أعظم الحضارات على مر العصور، ومن أبرز إنجازاتها في المجالات التالية:
- الزراعة: استخدمت حضارة بلاد الرافدين نظام الري المتقن، حيث أنشأ أهلها قنوات تربط بين نهري دجلة والفرات لري أراضيهم. وقد لعبت النخلة دوراً مركزياً في الزراعة، حيث تُعد واحدة من أقدم وأهم الأشجار التي زرعت في المنطقة.
- القوانين والتشريعات: للشرائع القانونية دور جوهري في استدامة الدولة، ومن هنا ظهرت العديد من القوانين ذات الطابع المدني، مثل قانون حمورابي، الذي يُعد بمثابة الأساس لقوانين بلاد الرافدين.
- الأدب والفلسفة: كانت حضارة بلاد الرافدين رائدة في الكتابات الفلسفية التي تناولت موضوعات كونية، وقد أبدع السومريون في طرح أفكار تطرقوا فيها للأصول الأساسية للأشياء، مع تركهم ملاحم أدبية مثل ملحمة جلجامش وقصة الطوفان.
- العلوم وعلم الفلك: يُنسب الفضل للبابليين في تطوير علم الجبر، حيث توصلوا إلى فهم الأساسي للأعداد والمعادلات. كما كانوا من أوائل المهتمين بعلم الفلك الرياضي ومراقبة الظواهر الفلكية.
فيديو حول منتوس والفراعنة
تتساءل عن الشوكولاتة، وحلويات النعناع، وأدوات الزينة؟ اكتشف في هذا الفيديو الزمان الذي تعود إليه هذه العناصر: