النبي الذي تُوفيت روحه في السماء الرابعة، يتم ذكره في العديد من الآيات والسور القرآنية، وقد وصفه الله تعالى بأنه واحد من الأصدقاء. كما أن الله سبحانه وتعالى قد رفعه إلى مرتبة عليا. ولكن ما الذي أهلّ هذا النبي الكريم للحصول على هذه المنزلة المنيعة، ولماذا وُفِّيَت روحه في السماء الرابعة بدلاً من الأرض كما هو الحال مع بقية البشر من بني آدم؟ سنستعرض كل ذلك والمزيد من المعلومات الهامة في السطور التالية.
اسم النبي الذي تُوفيت روحه في السماء الرابعة
- يدعى في التوراة، وبالتحديد في سفر التكوين، أخنوخ بن يارد بن مهلائييل بن قينن بن أنوش، وهو من نسل شيث ابن آدم.
- يُشار أيضاً إلى أنه إدريس بن يارد بن مهلائييل، وينتهي نسبه إلى شيث من نسل آدم، واسمه بالعبرانية هو خنوخ، والذي يُترجم إلى العربية باسم أخنوخ، وهو أحد أجداد النبي نوح.
- يُعتبر إدريس من أوائل الأنبياء، وهو أول نبي تتجلّى فيه النبوة من أبناء سيدنا آدم، بعد سيدنا آدم والنبي شيث عليهما السلام.
- يُعتبر إدريس النبي الوحيد الذي قُبضت روحه في السماء.
مولد النبي إدريس ونشأته
- توجد اختلافات حول مكان مولد ونشأة نبي الله إدريس، فبعض المصادر تشير إلى أنه وُلِد في فلسطين، بينما يرى آخرون أنه وُلِد في بابل، وهناك من يذكر أنه وُلِد في مصر.
- استفاد من علم شيث بن آدم في مراحل طفولته، حيث عاش آدم حوالي ثلاثمائة وثمانية أعوام.
- عندما بلغ إدريس سن الرُشد، منحوه الله النبوة، فبدأ يُخاطب الناس يحثهم على ترك الفساد والعودة إلى شريعة آبائهم، ولاقى القليل من الاستجابة من قومه في حين عارضه الكثير.
- أمر إدريس أتباعه بالرحيل إلى مكان آخر، فاستجابوا له وخرجوا حتى وصلوا إلى مصر، وعند وصوله للنيل، بدأ يسبح الله ويحمده.
- ظل نبي الله إدريس على الأرض لمدة اثنان وثمانين عاماً.
صفاته وإنجازاته
صفات إدريس عليه السلام
- تميز نبي الله إدريس بقلة الكلام وكثرة الصمت، وكان صاحب فكر وحكمة.
- دعا إلى مكارم الأخلاق وزهد الدنيا، مشدداً على أن العالم فاني وليست دار بقاء.
- حث قومه وأهله على الصلاة والصيام، وأكد عليهم وجوب التطهر من الجنابة، كما طالبهم بالابتعاد عن المسكرات.
- علّمه الله أكثر من اثنين وسبعين لغة مختلفة ليتمكن من دعوة البشر بمختلف لغاتهم إلى دين الله.
إنجازاته
- كان أول من قام بإحداث نقلة حضارية وسياسية في زمانه.
- أول من تحدث عن علم الهندسة وتعليم الطب وعلم الحساب.
- وكذلك الفلك وعلم النجوم والفيزياء والكيمياء.
- كان أول من استخدم الموازين والمكاييل.
- أول من كتب بالقلم وخاط الثياب من الصوف وشعر الحيوانات، وعلم ذلك لقومه.
- كان لباسهم يعتمد بشكل أساسي على جلد الحيوانات، وكان إدريس يسبح الله مع كل غرزة يخيطها.
- أسس قواعد السياسة المدنية وأرسى أسس تمدين المدن، حيث بنا قومه ما يقرب من مائة وثمانية وثمانين مدينة في عهده.
أقوال النبي إدريس عليه السلام
- تميّز بالحكمة ورجاحة العقل، واهتم بإلقاء المواعظ ذات التأثير الإيجابي.
- بعض من هذه الأقوال أُدرجت في كتاب الموتى لدى قدماء المصريين.
- من أشهر أقواله: “خير الدنيا حسرة، وشرها ندم”.
- كما قال: “السعيد من نظر إلى نفسه أولاً وشفعت له أعماله الصالحة عند ربه”.
- أضاف أيضاً: “الصبر مع الإيمان يورث الظفر”، وهي الحكمة المنقوشة على فص خاتمه.
- أوصى بأن تُخلص النية عند الدعاء، وعند الصيام والصلوات، وتجنب الأرباح الدنيئة، وضرورة ترك أداة الجهل والعمل السيئ.
- كتب أيضاً: “لا يمكن أن يجتمع حب الحياة وحب الآخرة في قلبٍ واحد”.
- وأشار إلى أن “حياة الروح هي الحكمة”، وأوصى بالابتعاد عن الحلف بالله كذباً.
وفاة النبي إدريس
توجد عدة روايات حول وفاة نبي الله إدريس، نذكر منها الآتي:
- تناول ابن وهب حديث جرير بن حازم عن الأعمش، حيث سأل ابن عباس كعباً عن تفسير قول الله لإدريس: “ورفعناه مكاناً عليّاً”.
- ورد كعب بأن الله أوحى إلى إدريس برفع قدر أعماله لتوازي جميع أعمال بني آدم في زمانه.
- طمع إدريس في المزيد من العمل، وعند نزوله استقبله ملك من الملائكة، طلب منه أن يتحدث مع ملك الموت لزيادة أعماله.
- حمل الملك إدريس بين جناحيه وصعدا إلى السماء حتى بلغوا السماء الرابعة.
- استقبل ملك الموت إدريس وسأله عن مكانه، فأجابه بأنه على الأرض.
- تعجب ملك الموت من ذلك، حيث وُكِّل بمهمة قبض روح إدريس في السماء الرابعة وإذ بذل تساؤل حول كيفية ذلك وهو على الأرض.
- في النهاية، قبضت روح إدريس في السماء، مما يفسر قول الله: “ورفعناه مكاناً عليّاً”.
وفاة النبي إدريس
- قال ابن عباس في تفسيره لقوله: “ورفعناه مكاناً عليّاً”: إنه قد رُفع إلى السماء السادسة وقُبضت روحه هناك.
- هذا كما ذكّر الضحاك، إلا أن الحديث الأكثر شيوعاً يثبت إنه قُبضت روحه في السماء الرابعة.
- وقال مجاهد وغيرهم ذلك أيضاً.
- وعبر الحسن البصري عن رؤية أن النبي إدريس –عليه السلام- قد رُفع إلى الجنة.
- كما أشار ابن أبي نجيح إلى حديث مجاهد، بأن إدريس عليه السلام رُفع ولم يمت مثل سيدنا عيسى عليه السلام.
- خلال رحلة الإسراء، رآه النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع جبريل.
- روى أنس رضي الله عنه، أنه عندما مر جبريل مع النبي في السماء الرابعة، سلّم جبريل على إدريس قائلاً: “مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح”.
- فسأل النبي من هو، فأجابه جبريل: “هذا إدريس”.
علاقة النبي إدريس بأسطورة أوزوريس
- كان نبي الله إدريس مقيمًا في منطقة معينة لفترة ممتدة.
- تتواجد العديد من الروايات القديمة التي تشير إلى أن إدريس هو الإله المعروف في عقيدة الفراعنة باسم أوزوريس.
- ولوحظأنه الإله المصري الوحيد الذي لم يتم صنع تمثال له على هيئة حيوان، بل كان دائماً يمثل على شكل إنسان.
- تتشابه إنجازات إدريس مع تلك المنسوبة إلى أوزوريس.
- قد يكون هناك حقيقة في هذه الرواية حيث قام المصريون القدماء بتحريف إنجازات إدريس بعد وفاته وتصويره كإله وفقاً لمعتقداتهم في تلك الفترة.
- ومع ذلك، يجب عدم الخلط بين الأساطير التي لا تتناسب مع شريعة وتعاليم الله بالنسبة للنبي إدريس وبينه وبين أوزوريس الملك المصري.