تُعتبر استراتيجية “فكر زاوج شارك” مفهومًا مبتكرًا يهدف إلى تعزيز تعلم الطلاب من خلال تحفيزهم على التفكير النقدي، كبديل فعّال عن أساليب الحفظ والاستظهار بدون تفاعل حقيقي. هذه الاستراتيجية تشجع على استغلال العقل وإعمال الفكر بشكل فعال.
تعود جذور هذه الطريقة إلى مفهوم التعلم التعاوني، الذي طوره الباحث Frank Lyman في عام 1985.
استراتيجية فكر زاوج شارك
تستند هذه الاستراتيجية إلى تعزيز التعاون ومساعدة الطلاب بعضهم البعض داخل الفصل الدراسي، مما يساهم في بناء روح المشاركة الجماعية. تتضمن الاستراتيجية مجموعة من الخطوات الأساسية وهي:
(فكر) وتعني التفكير
تبدأ هذه المرحلة بطرح المعلم سؤالاً على الطلاب بعد إكمال شرحه للمادة. ثم تُمنح الطلاب فرصة للتفكير في الإجابة الصحيحة بشكل فردي.
كل طالب مسؤول عن التفكير وإيجاد الإجابة بمفرده، وبعد الانتهاء من تلك الخطوة، يقوم بتدوين بعض الملاحظات على ورقة جانبية.
يجب على المعلم طرح نوع من الأسئلة يتطلب التفكير العميق، وليس تلك التي تُجاب بنعم أو لا. تشهد هذه المرحلة عادة انتهاء سريعاً، حيث تستغرق حوالي دقيقة واحدة.
(زاوج) وتعني المزاوجة
في هذه المرحلة، يتم تقسيم الطلاب إلى أزواج، بحيث يتكون كل فريق من شخصين. بعد ذلك، يتحاور الطلاب حول الإجابات الخاصة بهم، ويتبادلوا وجهات النظر.
ومن الضروري أن يتوصل الزوجان إلى إجابة واحدة تُعتبر الأقرب للصواب. هنا، يتعين على المعلم الانتقال بين الطلاب لتبادل الأفكار وتوجيههم نحو الإجابات الصحيحة.
يمكن تطبيق هذه الخطوات أيضًا في فترة التعلم عن بعد من خلال الإنترنت، وعادة ما تحتاج هذه الخطوة إلى حوالي خمس دقائق كحد أقصى.
(شارك) وتعني المشاركة
يطلب المعلم من كل زوج من الطلاب عرض إجابتهما وأفكارهما بصوت عالٍ أمام زملائهم في الفصل.
ثم يقوم المعلم بتدوين هذه الإجابات على اللوح الدراسي أو عبر وسائل التدوين المتاحة في حال كان الدرس عبر الإنترنت، لضمان معرفة جميع الطلاب بالإجابات الصحيحة.
مرحلة التقويم النهائي
تعتمد هذه المرحلة على تقييم الطلاب، من خلال إجراء امتحانات أو مناقشات بسيطة لقياس مستوى استيعابهم ولتحديد أدائهم الأكاديمي.
دور المعلم الأساسي في هذه الاستراتيجية
يُعتبر دور المعلم جوهريًا في تطبيق هذه الاستراتيجية بشكل صحيح، ويتضمن:
- تخطيط الدرس بدقة واحترافية.
- التفكر في مجموعة من الأسئلة المناسبة التي يمكن طرحها للطلاب.
- إعداد خطة زمنية لتوزيع الوقت على كل خطوة من الخطوات.
- تقديم شرح مبسط للطلاب حول الاستراتيجية وأهدافها وكيفية تطبيقها بفاعلية.
- تسمية المجموعات المكونة من طالبين لتسهيل المناداة والنقاش.
دور الطلاب في تنفيذ الاستراتيجية
يعتبر الطلاب العنصر الثاني المهم في تطبيق هذه الاستراتيجية، وتتمثل خطواتهم فيما يلي:
- عند سماع السؤال، يبدأ الطالب بالبحث عن إجابات منطقية بطريقة هادئة.
- يساعد كل طالب زميله في تبادل الآراء والإجابات.
- تُختار الإجابة الأكثر منطقية بالنسبة للسؤال المطروح.
- يسجل كل طالب إجاباته هو وشريكه استعدادًا لمشاركة النتائج مع باقي الطلاب.
مميزات هذه الاستراتيجية
تمتاز هذه الطريقة بعدد من الخصائص التي تجعلها وسيلة مثالية للتعلم عبر التعاون والمشاركة، وأهمها:
- خلق دافع قوي وحافز إيجابي لتعلم المعارف المفيدة.
- تعزيز ثقة الطلاب بأنفسهم وقدرتهم على الاعتماد على الذات.
- تشجيع التعاون بين الطلاب وزيادة التحصيل العلمي.
- تعزيز التفكير النقدي وتعزيز القدرة على تذكر المعلومات.
- تعليم الطلاب أهمية التعاون ومساعدة الآخرين.
- تيسير تبادل الأفكار ومعرفة الإجابات الصحيحة.
- إتاحة الفرصة للطلاب لتصحيح إجاباتهم وفهم ما هو صحيح.
آراء المعلمين حول تطبيق الاستراتيجية
لدى المعلمين رأي خاص في تنفيذ هذه الاستراتيجية في الفصول الدراسية، إذ يرون:
- أنها وسيلة لتمكين الطلاب من التعاون والتشارك بنشاط.
- تمنح الطلاب الخجولين فرصة للتعبير عن أنفسهم بجرأة.
- تساهم في تقليل التوتر المحيط بالطلاب.
تأثير اتباع استراتيجية (زاوج فكر شارك) على التعليم
لا شك أن تطبيق هذه الاستراتيجية يؤثر بشكل إيجابي على العملية التعليمية من خلال الخطوات التي تم ذكرها، حيث يتمثل التأثير في:
- تعزيز حماس الطلاب للتعاون وتبادل الأفكار والمناقشات، مما يسهل استيعاب المواد التعليمية.
- محاولة الطلاب تحسين صورتهم أمام زملائهم بسبب مرحلة التقييم.
- مساعدة الطلاب على الالتزام بالنظام أثناء تأدية المهام.
تحديات تطبيق الاستراتيجية
يواجه المعلمون بعض السلبيات والتحديات خلال تطبيق هذه الاستراتيجية، ومنها:
- قد لا تعكس إجابات الطلاب حقاً آرائهم الشخصية.
- قد يؤدي اختيار الطلاب عشوائيًا إلى عدم سماع بعض الأفكار وانعدام المساواة بينهم.
- تزايد القلق والتوتر بسبب الاستخدام العشوائي في التدريبات.
- قد يتزايد مستوى التوتر بين الطلاب، مما يؤثر سلبًا على تحصيلهم الدراسي.
دراسات مبتكرة حول الاستراتيجية
أُجريت دراسات هامة لتحديد سلوكيات الطلاب الذين استخدموا هذه الاستراتيجية، ومن بين هذه الدراسات:
الدراسة الأولى:
Ngozi 2009
استهدفت هذه الدراسة تقييم أثر التعاون بين الطلاب في إنجاز المهام العلمية خلال المرحلة الثانوية. تم تقسيم الطلاب إلى ثلاث مجموعات، حيث اتبعت كل مجموعة استراتيجية تعلم مختلفة، بما في ذلك (فكر، زاوج، شارك).
دامت فترة التدريب على هذه الاستراتيجيات حوالي أحد عشر أسبوعًا، وفي مرحلة التقييم، حصلت استراتيجية (فكر، زاوج، شارك) على المركز الثاني.
الدراسة الثانية: دراسة الحربي 2009
تم تطبيق هذه الاستراتيجية في مدينة المدينة المنورة في إحدى المدارس الإعدادية، بهدف تقييم جودة استخدام هذه الاستراتيجية في تعلم المواد العلمية وتنمية المهارات.
اعتمدت الدراسة على مجموعتين من الطلاب، أساسية وتجريبية، وأظهرت النتائج بعد التحليل الإحصائي تفوق المجموعة التي استخدمت استراتيجية “فكر، زاوج، شارك”؛ حيث أثرت بشكل إيجابي على تطوير المعرفة وتنمية مهارات التعلم.