تعتبر أبيات شعر الشوق تعبيرًا فنيًا يختزنه كل من عاش تجربة الحب والشوق العميق. إنه لأمر مؤلم أن يكون هناك حبًا يفصل بينك وبينه المسافات، بينما لا تزال الذكريات تسيطر على قلبك.
شعر الشوق
أبيات شعر الشوق تعكس مشاعر الحنين والاشتياق التي يعبّر عنها الشعراء بأوزان وقوافي مميزة، وغالبًا ما تصدر عن عواطف عميقة نتيجة الفراق أو الاشتياق. من بين أبرز الشعراء الذين كتبوا عن الشوق نجد المتنبي، وأحمد شوقي، وأمرؤ القيس، حيث أن لديهم العديد من الأبيات التي تتناول هذا الموضوع الشائق.
نماذج من شعر الشوق
يمر الجميع بفترات يشعر فيها الزمن بفاصل بينه وبين أحبابه، مما ينتج عنه عبارات تعكس هذه الحالة بمشاعر صادقة. ومن ضمن أبيات الشوق التي نظمها أحمد شوقي:
- اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي اُذكُرا لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي وَصِفا لي مُلاوَةً مِن شَبابٍ صُوِّرَت مِن تَصَوُّراتٍ وَمَسِّ عَصَفَت كَالصِبا اللَعوبِ وَمَرَّت سِنَةً حُلوَةً وَلَذَّةُ خَلسِ وَسَلا مِصرَ هَل سَلا القَلبُ عَنها أَو أَسا جُرحَهُ الزَمانَ المُؤَسّي كُلَّما مَرَّتِ اللَيالي عَلَيهِ رَقَّ وَالعَهدُ في اللَيالي تُقَسّي.
وقد تناول أيضًا حبه الكبير وشوقه لمصر في العديد من الأبيات، منها:
يا ساكني مِصرَ إنّا لا نَزالُ على عَهْدِ الوَفاءِ وإنْ غِبْنا مُقِيمِينَا هَلاَّ بَعَثتُمْ لنا من ماءِ نَهرِكُمُ شيئًا نَبُلُّ به أَحْشاءَ صادِينَا كلُّ المَناهِلِ بَعدَ النِّيلِ آسِنَة ما أَبْعَدَ النِّيلَ إلاّ عَنْ أَمانِينَا.
أفضل ما قال الفرزدق في الشوق
يعد الشاعر الفرزدق من الشعراء المعروفين بإبداعهم في التعبير عن مشاعرهم، حيث قال في إحدى قصائده معبرًا عن شوقه:
أَهاجَ لَكَ الشَوقَ القَديمَ خَيالُهُ
مَنازِلُ بَينَ المُنتَضى وَمُنيمِ
وَقَد حالَ دوني السِجنُ حَتّى نَسيتُها
وَأَذهَلَني عَن ذِكرِ كُلِّ حَميمِ
عَلى أَنَّني مِن ذِكرِها كُلَّ لَيلَةٍ
كَذي حُمَةٍ يَعتادُ داءَ سَليمِ
إذا قيلَ قَد ذَلَّت لَهُ عَن حَياتِهِ
تُراجِعُ مِنهُ خابِلاتِ شَكيمِ
ذا ما أَتَتهُ الريحُ مِن نَحوِ أَرضِها
فَقُل في بَعيدِ العائِلاتِ سَقيمِ
فَإِن تُنكِري ما كُنتِ قَد تَعرِفينَهُ
فَما الدَهرُ مِن حالٍ لَنا بِذَميمِ
لَهُ يَومُ سَوءٍ لَيسَ يُخطِئُ حَظُّهُ
وَيَومٌ تَلاقى شَمسُهُ بِنَعيمِ.
نلاحظ أن الشاعر هنا استخدم ألفاظاً تضرب في صميم المشاعر، مما يدفع القارئ للتفكر في الحالة العاطفية التي يعيشها.
آيات الشوق عند قيس بن ذريح
في قصيدة قيس بن ذريح يظهر الشوق جليًا في عباراته:
أَجِدَّكِ يا حَماماتٍ بِطَوقٍ
فَقَد هَيَّجتِ مَشغوفًا حَزينا
أَغَرَّكِ يا حَماماتٍ بِطَوقٍ
بِأَنّي لا أَنامُ وَتَهجَعينا
وَأَنّي قَد بَراني الحُبُّ حَتّى
ظننت وَما أَراكِ تَغَيَّرينا
أَرادَ اللَهُ مَحلَكِ في السُلامى
إِلى مَن بِالحَنينِ تَشَوَّقينا
وَلَستِ وَإِن حَنَنتِ أَشَدَّ وَجدًا
وَلَكِنّي أُسِرُّ وَتُعلِنينا
وَبي مِثلُ الَّذي بِكِ غَيرَ أَنّي
أَحُلُّ عَنِ العِقالِ وَتَعقِلينا
أَما وَاللَهِ غَيرَ قِلىً وَبُغضٍ
أُسِرُّ وَلَم أَزَل جَزِعًا حَزينا
لَقَد جَعَلَت دَواوينُ الغَواني
سِوى ديوانِ لَيلى يَمَّحينا
فَقِدمًا كُنتِ أَرجى الناسِ عِندي
وَأَقدَرَهُم عَلى ما تَطلُبينا
أَلا لا تَنسِيَن روعات قَلبي
وَعِصياني عَلَيكِ العاذِلينا.
نرى هنا عذوبة الشوق التي تتجلى في مشاعر الشاعر القوية، حيث يصبح الشوق عبئًا حادًا يجعله يشعر وكأن قلبه سيفطر.
قصائد الشوق عند نزار قباني
يمتلئ إرث الشاعر نزار قباني بالعديد من القصائد الرائعة، حيث غالبًا ما يتغزل في زوجته بلقيس، حتى بعد رحيلها، معبرًا عن اشتياقه لها في الأبيات التالية:
بلقيس..
كانت أجملَ الملكاتِ في تاريخِ بابل
بلقيس..
كانت أطولَ النّخلاتِ في أرض العراق
كانت إذا تمشي
تُرافقها طواويسٌ
وتتبعها أيَائِل
بلقيس.. يا وجعي
ويا وَجعَ القصيدةِ حينَ تلمسها الأنامِل
هل يا ترى
من بعدِ شَعْركِ سوف ترتفعُ السّنابل؟
يا نَيْنَوَى الخضراء
يا غجرِيّتي الشّقراء
يا أمواج دجلة
تلبسُ في الرّبيع بِساقها
أحلى الخَلاخل
نرى هنا أن نزار قباني متيم بزوجته حتى بعد وفاتها، حيث يكتب بعفوية وشغف عاطفي بعيدًا عن التعقيدات الشعرية.
أروع ما قال محمود البارودي في الشوق
شاعر الشوق أحمد شوقي لا يمكن غض الطرف عن تأثيره في هذا النوع من الشعر، حيث نظم الأبيات التالية التي تعكس حال كل من كان متجذران في الشوق:
أَبَى الشَّوْقُ إِلَّا أَنْ يَحِنَّ ضَمِيرُ
وَكُلُّ مَشُوقٍ بِالْحَنِينِ جَدِيرُ
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَرءُ كِتْمَانَ لَوْعَةٍ
يَنِمُّ عَلَيْهَا مَدْمَعٌ وَزَفِيرُ
خَضَعْتُ لأَحْكَامِ الْهَوَى وَلَطَالَمَا
أَبَيْتُ فَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيَّ أَمِيرُ
أَفُلُّ شَبَاةَ اللَّيْثِ وَهْوَ مُنَاجِزٌ
وَأَرْهَبُ لَحْظَ الرِّئْمِ وَهْوَ غَريرُ
وَيَجْزَعُ قَلْبِي لِلصُّدودِ وَإِنَّنِي
لَدَى الْبَأْسِ إِنْ طَاشَ الْكَمِيُّ صَبُورُ
وَمَا كُلُّ مَنْ خَافَ الْعُيُونَ يَرَاعَةٌ
وَلا كُلُّ مَنْ خَاضَ الْحُتُوفَ جَسُورُ
وَلَكِنْ لأَحْكَامِ الْهَوَى جَبَرِيَّةٌ
تبوح لَهَا الأَنْفَاسُ وَهْيَ تَفُورُ
وَإِنِّي عَلَى مَا كَانَ مِنْ سَرَفِ الْهَوَى
لَذُو تُدْرَأ في النَّائِباتِ مُغِيرُ.