الدعاء هو عبادة محببة إلى الله عز وجل، يمثل توسل وخضوع الإنسان لمطلق القدر الإلهي. يعدّ الدعاء من علامات الإيمان الراسخ، ويمتد به الأمر إلى عدة أنواع ولكل نوع خصائصه، وسنستعرض تلك الأنواع في هذا المقال.
أنواع الدعاء
يمكن تصنيف الدعاء إلى ثلاثة أنواع رئيسية، وهي كالتالي:
دعاء العبادة
- دعاء العبادة يُعرف بأنه عبادة خالصة لله تعالى.
- من الأمثلة على هذا النوع نجد الصلاة، الذبح، الصيام، الحج والعمرة، بالإضافة إلى الشهادتين التي تعتبر كلها مظاهر التعبد لله سبحانه وتعالى.
- كل هذه الأشكال تُعتبر عبادة ووسائل التقرب إلى الله.
- يمكن وصف دعاء العبادة بأنه تعبير عن طاعة المسلم وتقرّبه من ربه، إذ يتجلّى ذلك في امتثال أوامره واجتناب نواهيه، وهو يسعى لتحقيق الجزاء والثواب من الله عز وجل.
- قال الله تعالى: “قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”.
- كما قال الله تعالى: “وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ”.
- وقال الله أيضًا: “وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ”.
- وأيضًا: “قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ ۖ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيم”.
- وهذا يبرز أهمية الإخلاص لله في الدعاء والعبادة، مما يعزز العلاقة بين المؤمن وربه.
دعاء المسألة
- دعاء المسألة هو أحد أنواع الدعاء، وهو يتضمن طلب مسلم لما يمنع الضرر أو يجلب المنفعة.
- أطلق عليه هذا الاسم لأنه يتعلق بطلبات يُعين فيها الداعي ربه في تحقيق ما يرغب فيه من قضاء حاجاته.
- من أمثلة دعاء المسألة: “اللهم ارحمني”، “اللهم اغفر لي”، “اللهم أنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا”.
- كما جاء في القرآن: “وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ”.
- ومن الممكن أن يتم دعاء المسألة بين الإنسان وغيره دون أن يعتبر ذلك شركًا، كطلب “أعطني ماءً”، “أعطني طعاماً”.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من سأل بالله فأعطوه، ومن استعاذ بالله فأعيذوه، ومن دعاكم فأجيبوه. ومن صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه”.
- دعاء المسألة هو وسيلة للاتصال بالله لأنه وحده القادر على تلبية هذا الطلب.
- قال الله تعالى: “وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”.
- كما قال تعالى أيضًا: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اَطْمَأَنَّ بِه وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخَسَرانُ الْمُبِينُ”.
دعاء المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب
- دعاء المسلم لأخيه في الله دون علمه يعتبر من أنواع الدعاء الهامة.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: “ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب، إلا قال الملك: وَلَكَ بمثل”.
- إن الدعاء لأخيك المسلم يعكس مشاعر الحب الإنساني، ويُظهر أن الخير سيصل إلى الداعي كذلك وليس فقط للمدعو له.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.
- وفي رواية عن عائشة رضي الله عنها، قالت: “لما رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم طيب نفس، قلت: يا رسول الله ادع الله لي. فقال: “اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر”. فضحكت عائشة حتى سقط رأسها في حجرها من الضحك، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: “أيسرك دعائي؟”، فقالت: وما لي لا يسرني دعاؤك؟، فقال: “والله إنها لدعائي لأمتي في كل صلاة”.
تعريف الدعاء
- يمكن تعريف الدعاء على أنه ما ينادي به الإنسان ربه، وهو طلب العبد من الله ما يريده في حياته.
- يعدّ الدعاء من أعظم العبادات التي يُمارسها المؤمن، حيث قال تعالى:
- “ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تَفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ”.
- كما وعد الله تعالى عباده باستجابة دعائهم، حيث قال: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”.
أوقات الدعاء
- توجد أوقات تستجاب فيها الدعوات، ويحرص المؤمن على الدعاء فيها.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- “ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر. يقول: مَن يدعوني، فأستجيب له، مَن يسألني فأعطيه، مَن يستغفرني فأغفر له”.
- الثلث الأخير من الليل.
- عند انتهاء كل صلاة.
- يوم عرفة.
- عند هطول المطر.
- وفي يوم الجمعة في آخر ساعات العصر، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- “إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة، فقال: فيه ساعة، لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي، يسأل الله شيئًا، إلا أعطاه إياه وأشار بيده قللها”.
- وأيضاً ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بأن “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد”.
- دعوة الصائم، ودعوة المسافر تُعتبر أيضاً من الأوقات المستحبة للدعاء.
المستحب عند الدعاء
- توجد آداب وشروط ينبغي على الداعي مراعاتها:
- من خلال معرفته بأن كل أموره بيد الله، القادر على استجابة دعائه.
- قال الله تعالى في كتابه: “قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءَ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”.
- عدم الشك في قدرة الله على استجابة الدعاء.
- يجب أن تكون نية الداعي خالصة لوجه الله تعالى.
- من المستحب الدعاء بأسماء الله الحسنى.
- قال الله تعالى: “وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يَلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”.
المكروه عند الدعاء
- الاستعجال في استجابة الدعاء.
- ارتكاب المعاصي والذنوب المتعددة.
- كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يتمنَّينَّ أحدٌ منكم الموت لضرٍّ نزل به، فإن كان لا بد متمنياً للموت:
- فليقل: اللهم أحييني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي”.
الفرق بين الاستغاثة والدعاء
الاستغاثة والدعاء هما أسلوبان تتوسل من خلالهما المؤمن إلى الله تعالى، إلا أنهما يختلفان في المعنى والغاية:
-
الاستغاثة:
- المعنى: الاستغاثة هي طلب المساعدة أو الإنقاذ من الله في حالات الشدة أو الكرب. يُستخدم هذا المصطلح عادة عندما يكون الشخص في أزمة ويحتاج لتدخل إلهي.
- الغاية: الاستغاثة تهدف بشكل خاص إلى النجاة من الخطر أو المحن.
-
الدعاء:
- المعنى: الدعاء هو طلب الخير من الله في كافة جوانب الحياة، سواء كانت طلبات شخصية، روحية، أو اجتماعية. يُعتبر الدعاء وسيلة للتقرب إلى الله وطلب الرزق والتوفيق.
- الغاية: يشمل الدعاء طلبات متنوعة مثل الصحة، الهداية، النجاح، والعطاء.