كيف تطور الجدول الدوري الحديث؟ ومن هو مبتكره؟ الجدول الدوري هو ترتيب منظم للعناصر الكيميائية، حيث يتم تنظيمها وفقًا لعددها الذري وتوزيعها الإلكتروني وخصائصها الكيميائية المتكررة. لقد شهد الجدول الدوري العديد من التطورات على مر العصور، حتى وصل إلى شكله الحالي، ومن خلال هذا المقال سنتناول التسلسل الزمني لتطور الجدول الدوري.
تطور الجدول الدوري الحديث ومبتكره
على مر الزمن، مر الجدول الدوري بتغيرات هامة من قبل عدد من العلماء حتى أصبح الجدول الدوري الذي نعرفه اليوم. فيما يلي نستعرض مراحل تطور الجدول الدوري:
1- عام 1789
ظهر الجدول الدوري لأول مرة في التاريخ عام 1789، على يد الكيميائي الفرنسي “أنطوان لافوازييه”، الذي قام بتقسيم العناصر الكيميائية إلى مجموعتين: مجموعة العناصر الفلزية ومجموعة العناصر اللافلزية.
2- عام 1829
بعد مرور أربعين عامًا على تأسيس الجدول، لاحظ الفيزيائي الألماني “جوهان ولفانج دوبرينير” التشابه الكبير بين الخصائص الفيزيائية والكيميائية لعدد من العناصر. بناءً على ذلك، قام بترتيب العناصر في ثلاثيات، حيث يضم كل ثلاث عناصر معًا، معتمداً في ذلك على زيادة الوزن الذري.
من خلال هذا التقسيم، تبين لجوهان دوبرينير العلاقة الوثيقة بين الخصائص الفيزيائية مثل الكثافة والوزن الذري للعنصر الأوسط مقارنة بالعنصرين الآخرين.
3- عام 1860
شهد هذا العام تقدمًا ملحوظًا في تصنيف العناصر، حيث تم نشر أول قائمة تتضمن العناصر الكيميائية وكتلها الذرية في مؤتمر الكيمياء الأول الذي عُقد في ألمانيا. تم اعتماد الرقم 1 كوزن ذري عنصري للهيدروجين، مما أدى إلى محاولة تعيين الأوزان الذرية لبقية العناصر مقارنةً بالهيدروجين. على سبيل المثال، كان وزن الكربون 12 مرة أكبر من وزن الهيدروجين، وبالتالي تم تعيين وزنه الذري بمقدار 12.
4- عام 1862
في هذا العام، أجريت دراسات متعددة حول العناصر الكيميائية وخصائصها، من ضمنها دراسة قام بها الجيولوجي الفرنسي “أكسندر بيغير”، حيث تمكن من تحديد الوزن الذري وإعادة ترتيب العناصر بناءً على تشابه الخصائص في نموذج أطلق عليه النظام الحلزوني.
5- عام 1864
في هذا العام، وجد الكيميائي البريطاني “جون نيولاندز” أن هناك تشابهًا في الخصائص الكيميائية والفيزيائية لكل ثمانية عناصر في القائمة. وبناءً على ذلك، أعاد ترتيب العناصر وفقًا لكتلتها الذرية، وقد عُرف هذا الاكتشاف بقانون الأوكتاف، رغم أنه لم تكن هناك معرفة بالغازات النبيلة في تلك الفترة.
6- عام 1869
قام الكيميائي الروسي “ديميتري مندلييف” بتطوير النموذج الأساسي للجدول الدوري الحديث، مع ترك فراغات للعناصر التي لم تكن معروفة بعد، مما مكنه من التنبؤ بخصائص بعض العناصر المفقودة. وقد أدى هذا إلى فهم أعمق للاختلافات في الخصائص الكيميائية والفيزيائية بين عناصر نفس المجموعة.
7- عام 1870
أكمل الكيميائي الألماني “لوثر ماير” العمل الذي بدأه مندلييف، حيث أنشأ نسخة محدثة من الجدول الدوري تتشابه بشكل كبير مع جدول مندلييف، مع ترك فراغات للعناصر غير المكتشفة، على الرغم من عدم تمكنه من التنبؤ بخصائصها. مع مرور الوقت، تم اكتشاف العناصر التي توقعها مندلييف، مثل:
- في عام 1875، تم اكتشاف عنصر الغاليوم.
- في عام 1879، تم اكتشاف عنصر السكانديوم.
- في عام 1886، تم اكتشاف عنصر الجرمانيوم.
8- عام 1894
اكتشف العالم “ويليام رامزي” في الفترة بين عامي 1894 و1898 العناصر النبيلة، والتي تشمل غازات الأرجون والهيليوم والنيون والزينون والكريبتون. وقد حصل رامزي على جائزة نوبل عام 1904 تقديراً لهذا الاكتشاف.
من خلال هذا الاكتشاف، أدرك رامزي أن هذه العناصر تشكل مجموعة جديدة داخل الجدول الدوري، والتي أطلق عليها مجموعة الغازات النبيلة، مما كان خطوة هامة في دعم صحة الجدول الدوري الذي وضعه مندلييف.
9- عام 1913
حدد الفيزيائي الإنجليزي “هنري موسلي” العدد الذري لكل عنصر معروف في ذلك الوقت، وأدرك أن ترتيب العناصر وفقًا لزيادة العدد الذري سيكون أكثر دقة عند إدراجه في الجدول الدوري.
10- عام 1928
استخدم الكيميائي الفرنسي “تشارلز جانيت” الأنماط الرياضية للتحقق من عدد الإلكترونات للعناصر المعروفة آنذاك، وجمع العناصر في مجموعات تُعرف باسم المدارات الذرية، وهي الفئات الرئيسية في الجدول الدوري الحديث.
11- عام 1944
اقترح العالم “جلين سيبورج” فرضية سميت فرضية الأكتينيد ونشر نسخته من الجدول الدوري عام 1945، التي تشمل السلسلة اللانثيدية والأكتينيدية، والتي تشكل الصفين السفلين في الجدول الدوري الحديث.
12- الجدول الدوري الحديث (حاليًا)
في نهاية المطاف، يمثل الجدول الدوري الحديث نتيجة للتطورات التي شهدها على مر السنين. يستند الجدول الدوري الحالي إلى نماذج العلماء ديميتري مندلييف وجوليوس ماير، معتمدًا على الفراغات للعناصر المفقودة، وتوقعت وجود عناصر مثل الغاليوم والجرمانيوم، مصنفة وفقاً لخصائصها الكيميائية.
حصل الجدول الدوري للعلم مندلييف على تقدير العلماء دوليًا، ونتيجة لذلك، تم تسمية العنصر 101 باسم مندليفيوم تكريمًا له. يحتوي الجدول الدوري الحديث على 118 عنصرًا مرتبة وفقًا للعدد الذري ورقم التكافؤ، مما يساعد في اشتقاق العلاقات بين خواص العناصر الكيميائية المختلفة، والتنبؤ بالخصائص الكيميائية للعناصر الجديدة أو غير المكتشفة.