حياة سكان بلاد الشام خلال الفترة العثمانية

تتميز جمهورية سوريا بموقع جغرافي فريد، إذ تقع بين ثلاث قارات رئيسية: آسيا وأفريقيا وأوروبا، وتمتد على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. تحدها من الجنوب منطقة سيناء وتيه، مما جعلها مطمعًا للكثير من الدول عبر التاريخ. في هذا المقال، سنستعرض كيفية احتلال الدولة العثمانية لبلاد الشام.

أحوال بلاد الشام ومصر قبل العهد العثماني

ارتبطت بلاد الشام ارتباطًا وثيقًا بمصر، التي كانت تواجه تهديدات من عدة دول. هذا الأمر كان له تأثير كبير على بلاد الشام. عاشت مصر فترة قوية خلال الدولة الحديثة بفضل الحملات العسكرية للملك رمسيس الثاني وتحتمس الثالث، التي امتدت من مصر إلى بلاد الأناضول.

وقد شهدت بلاد الشام نزاعات متعددة بين حكامها. في عصر الإسكندر المقدوني، اندلعت صراعات بين السلوقيين في آسيا الصغرى والبطالمة في مصر، بالإضافة إلى الفرس والبيزنطيين. ولم تتوقف هذه النزاعات، بل استمرت حتى تقاتل العباسيون والفاطميون والطولونيون في مصر على السيطرة على الشام.

عقب انهيار الدولة الفاطمية في مصر بيد صلاح الدين الأيوبي، الذي ضم الشام ومصر وجنوب شرق الأناضول والحجاز وقبرص، كان الجزء الشمالي من الشام هو الأكثر عرضة للخطر. ولذلك، عملت الدولة المملوكية على حماية هذه الحدود من خلال تعزيز نفوذها في الأناضول نظرًا لوجود العديد من القلاع، مثل قلعة قرمان وقلعة رمضان وذو القدر.

احتلال الدولة العثمانية لبلاد الشام

واجهت بلاد الشام فترة من الضعف الشديد في نهاية عهد الملك قانصوه الغوري. حيث فشل نائب الملك في مواجهة الجيش العثماني، الذي قاده سليم العثماني من مصر إلى حلب. وقد طلب سليم من أحد رسله خداع رسول الدولة المملوكية بخصوص اتفاقية سلام، ونجح بالفعل في تحقيق ذلك.

خاض سليم معركة قاسية ضد الجيش المملوكي، وتعرض قانصوه للخيانة من بعض الأمراء مثل جان بردي الغزالي صاحب دمشق. كما تمكن سليم من هزيمة الجيش المصري في معركة مرج دابق، قبل أن يتوجه إلى حلب. شهدت البلاد فوضى عارمة وهرب العديد من الأمراء، حتى نجح العثمانيون في السيطرة الكاملة على بلاد الشام في رمضان لعام 922 هـ.

استمر النظام المتبع في البلاد كما كان في العهد المملوكي، وتولى جان بردي الغزالي ولاية دمشق. ومع ازدياد التوتر في أوساط الدولة العثمانية بعد وفاة سليم، قرر الانفصال عنهم بمساعدة بدو الشام وأمراء لبنان، مُتوجًا نفسه بلقب الملك الأشرف.

نهاية مأساوية لدمشق في العصر العثماني

انتهى العصر العثماني في دمشق نهاية مأساوية نتيجة لعدم اهتمام الحكام بالبلاد، وتركزهم على المصالح الشخصية وجمع الضرائب من المواطنين. شهد الحكام مصائر مأساوية؛ إذ عُزل البعض وندب غيرهم إلى الخارج، بينما تعرض العديد للقتل.

من بين هؤلاء الحكام، إسماعيل باشا الذي تم سجنه وتجميد ممتلكاته بعد عدة سنوات من الحكم. كما تعرضت عائلة سليمان باشا للإهانة والعنف، حيث واجهت نساء عائلته ذلًا وقهرًا شديدًا، بالإضافة إلى مصادرة أمواله.

تم نقل أسعد باشا الأعظم إلى حلب بعد عزله من ولاية دمشق، ثم انتقل إلى ولاية سيواس التركية. اتُهم بجريمة محاولة اغتيال الحجاج بالتعاون مع بدو الشام، لكن تمكن من الفرار حتى قُتل في أنقرة. وتمت مصادرة جميع ممتلكاته.

قدّر الرحّالة الفرنسي قسطنطين دو فولني ثروة أسعد باشا بعشرة ملايين ليرة ذهبية، لكن وفقًا لمعلومات ميخائيل الدمشقي، كان التقدير الحقيقي لممتلكاته وممتلكات خدمه يتجاوز مئة ألف كيس.

ختامًا، تناولنا مرحلة تاريخية هامة في التاريخ العربي، متطرّقين إلى أوضاع سوريا قبل الاحتلال العثماني، والذي كان مدفوعًا بموقعها الاستراتيجي القريب من مصر، كما أبرزنا النهاية المأساوية التي عاشتها دمشق في فترة الحكم العثماني.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *