يُعتبر شهر رمضان من الشهور التي ينتظرها الصحابة بشغف. كيف كان الصحابة يستقبلون هذا الشهر المبارك؟ إنه شهر الخيرات والبركات، حيث تُرفع فيه الدعوات، وقد فضّله الله سبحانه وتعالى على غيره من الأشهر. وقد كان الصحابة والسلف الصالح يدركون هذه الفضائل، لذا نسعى عبر موقعنا لعرض كيفية اجتهادهم في الطاعات والعبادات خلال هذا الشهر الفضيل.
رمضان في عيون الصحابة
خصَّ الله سبحانه وتعالى شهر رمضان عن سائر الشهور، بحيث يرتبط بالعبادة من صيام، وصلاة، وزكاة، ويُعتبر شهر الجود والكرم، حيث أنزل فيه القرآن الكريم، وهو شهر العتق من النيران، وتفتح فيه أبواب الجنة وتُغلق أبواب النار، وتُسلسل فيه الشياطين.
يحتوي هذا الشهر المبارك على ليلة تعد من أعظم ليالي السنة، والتي ينتظرها الجميع، لكنها تكون في العشر الأواخر من رمضان، وهي ليلة القدر.
وقد جاء في الحديث الشريف ما يوضح فضل وشرف هذا الشهر، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا كان أوَّلُ ليلةٍ من شهر رمضان نظر الله عز وجل إلى خلقه، وإذا نظر الله عز وجل إلى عبده لم يُعذِّبه أبدًا، ولله عز وجل في كل ليلة ألفُ ألفِ عتيق من النار” [الراوي: أبو هريرة] [الراوي: الألباني].
مظاهر استقبال الصحابة لشهر رمضان
كان الصحابة والسلف الصالح يتطلعون إلى رمضان بحرارة، حيث يعد بالنسبة لهم شهرًا للتنافس في الطاعات والخيرات. وكانت لهم أحوال خاصة مع هذا الشهر المبارك، وبالتالي سنوضح عبر السطور التالية كيف كان الصحابة يستقبلون رمضان.
1- ارتباطهم بالقرآن الكريم
يُعرف شهر رمضان أيضًا بشهر القرآن، حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم: “شهر رمضان الذي أُنزِل فيه القرآن” [سورة البقرة، الآية 185].
لذا كان الصحابة يحرصون على قراءة القرآن خلال هذا الشهر، وكان عثمان بن عفان من الخلفاء الراشدين يُختم القرآن يوميًا. أما الأسود بن يزيد، فكان يُختم القرآن كل ليلتين، وفي غير رمضان كان يكمله كل ست ليال.
كما كان للشافعي رحمه الله ستون ختمة في رمضان، وكان يخصصها بدون صلاة. بينما كان الزهري يقضي وقته في قراءة القرآن بدلًا من الحديث ومجالس العلماء، فسبحان الله كيف كانت علاقتهم بالقرآن الكريم. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أهل القرآن.
2- قيام الليل
يعتبر قيام الليل عبادة جليلة تعمل على جهاد النفس ضد النوم والكسل ووساوس الشيطان، حيث يتوجه المؤمن للوقوف بين يدي ربه. وهو دأب الصالحين وتجارة المؤمنين مع الله. يُروى عن قيام الليل: “لم أجد شيئًا من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل” [السحن البصري]. وقال أيضًا: “إذا لم تقدر على قيام الليل، وصيام النهار، فاعلم أنك محروم مكبل بخطيئتك” [الفضيل بن عياض].
3- العطاء والصدقات
عند الحديث عن كيفية استقبال الصحابة لشهر رمضان، يكون الرسول صلى الله عليه وسلم هو القدوة الحسنة. تدل الأحاديث الشريف على جود رسول الله وكرمه خلال هذا الشهر المبارك: “كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخيرات، وأجود ما يكون في شهر رمضان، لأن جبريل كان يلقى النبي في كل ليلة من رمضان، حتى ينسلخ، ويعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقاه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة” [الراوي: عبد الله بن عباس] [المحدث: البخاري].
في الختام، نستعرض كيف كان الصحابة يستقبلون شهر رمضان. لقد كانوا مثالًا يُحتذى به في الجود والكرم في عبادتهم وطاعتهم لله عز وجل.