قصائد تمجّد مدينة دمشق

أشعار عن دمشق

وصف قاسيون

عندما احتضنتنا ليالي قاسيُون

غادرنا منازلنا، يتقدمنا الغزال

وبدأ وجه غزالة الأفلاك بالاختفاء

فيما غنّى الليل لنا كأنه طفل رضيع

وقمت وقد أسفر رأس الليل عن شيبٍ

عندما أذّن الأذان، قلت مرحباً

فكنت الأول في الرد، في طاعةٍ

لأن صباح الصبح كان كالسيف البتار

وجناح الليل كان يهاجمنا بكل شراسة

إنه عالم من النضارة والخضرة

فاتن الوشي، عبقري البهاء

احتوى على عالم من البهجة والسرور

وبما يشتهي المرء من الطرب والأوتار

في فراش على الخمائل يتشابه مع النحل

تجري مع النسمات برائحة ساحرة

ويجتمع في الينابيع عجب الألحان

تنادي بوقع الهدير المتدفق

وقصص تعانق القلب والروح

روتها قيثارة الطيور بأصواتها الرقيقة

وأغانٍ تتدفق من زقزوقاتها

ترددت وصداها يتعانق مع تدفق الأنهار

وحقول مزهرة تضم تنوعاً

من الأقاح والنرجس والزهور

تأسِر الأنظار بجمالها الفاتن

وتنساب الأنسجة بين النسيم المنعش

ورائحة الأرجاء تشعل الروح ببهاء

وثمار كأشعة الشمس تعطي الحياة هبة

قد غنّت تلك العجوز الأرقة بالأغصان

  • إنه عالم الفتنة تقريباً في كل تفاصيله

رواء مجدد للأعمار

سلوان الهائمين، نجوى المحبين،

موطن الأرواح والأبصار

تتغنى الحقول نشوانةً من العطر

وتتراقص على ندى الخمائل

أنتِ، يا غوطتي، كنتِ مجال اعتباري

يا نعيمي، ومجمل أفكاري

لقد نهلت نفسي من جمالك

وانتشيت فكري من إشراقتك

عبقت أجواؤك كل السماوات

واحتفلت بأريج الأزهار

أنت ريحانة من الخلج تفوحين

في جنة الأحلام السحرية

  • أما دمشق فهي جنة

يُنسى فيها الوطن الغريب

لله، ما أجمل أيامنا فيك

انظر بعينيك، هل ترى

سوى المحبين والمحبوبين؟

كل منهم يطلب ما يشتهي

من بهجة ونعيم

أرض خالية من أي كدر

أو نظرة تنقص الأمل

في موطن غنّى الحمام

حيث رقصت الأغصان بمرح

تحولت أزهارها إلى روضات

تختال في أجواء من السعادة

  • جنة تُعرف بدير صليبا

جمالها من عطاء الله

شجرٌ يحيط بها ومياه

تجري والروض يُظهر أنواعه

جئنا إلى مقامها يومًا فمضينا

فيها شهراً، كان للذكريات معنى

دعانا الهوى نحو مزة

قرية تينها ذات حلاوة

كلما هبت النسائم،

أخذت الحديقة في حركة مفاجأة

أتيت مع الأصدقاء إليها

بحب عارم يجذب قلوبنا

وتمكث الطيور غنائيةً

تفجر الدموع من عيوننا

وسجم ضلوع الماء في الرياض

والنسمات تداعب الأعشاب بخفه

  • اسألوا عن طلابي في هذا الوادي القديمة

هل كان هناك غير قلبي المتألم؟

أنا، منذ جئت إلى النهر، آخر ليلة

كان لنا ذكراً، ذكرت إنشادي

وسألته عن ضفتيه: أليست لي

أرجوحتي ووسادتي؟

فبكى لي النهر الحنون توجعاً

لمّا رأى هذا الشحوب البادي

للشعر مهدٌ بين السواقي والأوراد

بردى، هل الخلود الذي يترقب

فيك، بين الظلال والمكان؟

قالوا: تُحب الشام؟ قلت: جوانحي

تقطّعت فيها، وقلت: فؤادي

  • يا نسيماً هب فائضاً مفعماً بالمسك

هذه أنفاس泉، عطر جلّق

تكفيني والهوى لم يعطني

برودة أنفاسك إلا شغفاً

ليت ذوي الأحباب لم يُنقضوا

يا حبيب النفس، ذلك الموثق

يا لصبٍ أسرّوا مهجته

بسهوماً أُرسلت كما يكتمل الأمر

وأداروا كأس الأرق بعده

وهو لا يشرب مما ينام به

يا رياح الشوق، قادي نحوهم

عارضاً من سحب عيني دافقاً

وانثري دموعاً قد أزهرت بالأيام

ربما كانت منظومة في اللقاء

أسروا قلبي جميعاً عندهم

بأبي ذاك الأسير الموكل

ليت الأيام المشبوبة قد ثبتت

بينما الفتى أولاه ما خُلق له

  • هنا نهر يُرى النيل عنده

إذا فاض في مصر مثل بعض الجداول

يبدو كأن زنابق الماء فيه نجوم

ترتفع في فضاء الماء رافعة

تشبه فيه عرائس الماء

تضئ على ضفافه غناء الأغصان

إذا قابل النهر الدجى بنجومه

تظهر لنا في قاع الماء صورة الأمل

  • باكرتها والزهر يتلألأ بالندى

في فتيان يتعطرون في الصباح

أهل الندى والشجاعة، حين ينزل بهم

يهبط في أعربي هناك

الشام هي مسقط رأسهم وكم من نجم

هدّاه وكم من بلبل صَدَاح

وطني أعار الخلود بعض فتونه

وأنعم بالأخذ الفاضل للمكارم

وصف دمشق

وكم من ماجدٍ فيها، وكم من عالمٍ بها

فيها يُسقى بغيث السماء عندما يتباطأ

بهم سارت الركبان في كل اتجاه

وعطرهم جلب الناس للبهجة

نواديهم بالعلم والذكر نابضةٌ

وعن الخيرات لا يخطأون

رفعت أموية فيك أسمى دولةً

كانت قواعدها سيوف أبناءك

كم من شموسٍ لا تغرب أنوارها

بين أحضان ناديك

تهوي قلوبهم إليك شغفًا

لولا مشاعر مكة أحكمت بثوبك

وطرحت بصقر قريش عن قلبك حنيناً

إن كانت عواقبها حسنةً، فلا يهامرك

صلاح الدين قد بسطتَ أمامه

أنتِ خالصة للعروبة ووقت الأزمات

كتبتِ الله أن تكوني دمشقاً

بك يبدأ وينتهي التكوين

علّمي فقه العروبة يا شام

فأنتِ البيان والتوضيح

إن نهر التاريخ ينبع في الشام

هل يُمحى التاريخ بطبعٍ هجين؟

قصيدة للشام

عيني على الشام قد جفت مآقيها

أهناك من يهديني دمعةً لأبكيها؟

عيني على الشام، لا من أجل منفعةٍ

ولا لمقابل جُزء من ثوانيها

ولا لجمالٍ في مفاتنها

تثاقلت قوافي شعري عن مرافقتها

ولا من أجل ربوع الخير العامرة

بالياسمين وفلٍ مزدهر فيها

عيني على الشام قد ضاقت مدامعها

تستعرض آلام الشام وهي تحكيها

تحكي حكايات للأمجاد العريقة

تحكي قصص الخير المترسخ فيها

تروي البطولة من ولادتها في الشام

وحطمت كل جبار قد طغى فيها

إن أردتم، فاسألوا عن الطغاة

في الأرض، الذين عاثوا فيها فسادًا

اسألوا تبوك لتحدثكم بما فعلت

صحبُ نبي الله الروم تلومها

والقدس كم صبرت باستقبال فاتحٍ

فاروق الأمة، لله عزته

إن لم يكن للناس عزة إذا تركوا

الدين القدير وعز اليوم حاكيها

سلوا التتار وكم من الأرواح سفكوا

وعن الأ حق ينزف منازلها

هل وجدت للتتار مقبرة في الشام

غير الشام وفي جالوت سكنيها؟

حطين، كم أعليت من شيمٍ

ما شهدت بعد صلاح الدين من يرفعها

شام الخليل ومع كل الأنبياء معاً

رحمةً من الله للإنسان تسقيها

مسرى النبي وخير الخلق كافةً

محمد، الغني بالخيرات يتذكرها

لا خير في الناس إذا انحرفت الشام

وسنة فرقة قد تتنجو وتعليها

لا ضر يردعها أو من سيخذلها

بالحق قامت أسود الشام تحييها

والخيل لا تبكي لفارس نائم

بل البكاء لفأرٍ بات يؤويها

قالوا: أنت البطل، أو أقول أسدٌ

زمجر كما تشتهي شفتك تناديها

فالأسد نامت، ولن تصحى أبداً

والفأر بات ملكاً وطرزاً فيها

يا شام، إن الحق منبلج

محمدٌ قالها والله معطيها

بالشام إيماننا إذا عصفت الفتن

وقد تكفل مولانا بمن فيها

لنلجأ إلى الشام إذا احتدمت النيران

فالملائكة قد أحاطت بأيامها

في الشام ملحمة قد سكنتها

والروم يلعن أدناها أعاليها

يا شام، يا شام، إن الحق منبلج

محمد قالها والله معطيها

عيسى سينزل في البيضاء مرتكزاً

مستأصلاً رقبة الدجال يفنيها

لا تبالي لكيد لا مناص له

ستنتهي فتن قد خاب ساعيها

ولا تفكري بفأر لا خلاص له

فالأسد قامت وعين الله تحميها

سأكتب الشعر للتاريخ ليقرأه

الشام باقية والله حاميها

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *