أقوال السلف حول شهادة الزور
تعتبر شهادة الزور من الذنوب الكبيرة التي تؤدي إلى انتهاك الحقوق، سواء كانت في الأرواح أو الأموال أو الأعراض. ومن الأقوال التي تبرز حرمة شهادة الزور لدى السلف الصالح ما يلي:
- قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “تعد شهادة الزور بمثابة الشرك، وقرأ قوله: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)”.
- فسّر ابن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى: (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) بأنه “الافتراء على الله وكذب القول”.
- روى ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه جاء رجل من العراق إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: “جئتك لأمر ليس له رأس ولا ذنب”، فقال عمر: “ما هو؟” قال: “ظهر الزور في أرضنا”، فقال عمر: “والله لا يُعتقل مسلم بلا شاهد عدل”.
- ذكر ابن جرير الطبري في تفسيره لقوله تعالى: (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) اتقوا قول الكذب وادعاء الباطل على الله في مثل قولكم: (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى)، وتوجيهكم الملائكة كبنات الله، وهذا كله كذب وزور وشرك.
- قال ابن كثير رحمه الله في سياق قوله: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ): “اللام هنا تعني الشمول، لذا عليكم تجنب الرجس الذي هو الأوثان، وقد تم الربط بينها وبين قول الزور الذي يعد شرك بالله”.
آيات وأحاديث تُنكر شهادة الزور
آيات قرآنية تُدين الزور
توجد آيات قرآنية تشير إلى قبح الزور رغم عدم ذكر شهادة الزور بشكل صريح، ومنها:
- قوله تعالى: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾، حيث تعني اجتنبوا أن تكونوا في جانب والزور في جانب آخر بعيد.
- قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً﴾؛ أي يبتعدون عن مجالس الباطل ولا يقربونها بتاتًا.
أحاديث نبوية تُندد بالزور
ومن الأحاديث النبوية التي تُظهر حرمة شهادة الزور ما يلي:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟ ثَلَاثَةً، قالوا: بَلَى يا رَسُولَ اللَّهِ، قال: الإشْرَاكُ باللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ – وَجَلَسَ وَكانَ مُتَّكِئًا فَقالَ – أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، قالَ: فَما زَالَ يُكَرِّرُهَا حتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ)؛ وهذا يعني أن الصحابة كانوا يتخوّفون على النبي -صلى الله عليه وسلم- لكثرة ما كرّر التحذير من شهادة الزور حتى تمنّوا لو أنه سكت برحمته لهم.
- شهادة الزور تُعد من الكبائر، حيث سُئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الكبائر فأجاب: (الإشْرَاكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، وشَهَادَةُ الزُّورِ).
- قال النبي -صلى الله عليه وسلم- محذراً من قول الزور: (مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به والجَهْلَ، فليسَ لِلَّهِ حاجَةٌ أنْ يَدَعَ طعامَهُ وشَرابَهُ).
- يعتبر ظهور شهادة الزور من علامات الساعة، وفقًا لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ بين يدي الساعةِ شهادةَ الزورِ وكتمانَ شهادةِ الحقِّ).
تعريف شهادة الزور
تعني الشهادة العلم بالأمر وبيانه، وتتضمن أيضًا الحلف واليمين. في الاصطلاح، تعني إثبات الحق بالإخبار الصادق أمام القضاء. ويعود أصل كلمة “زور” إلى الجذر اللغوي الذي يدل على الميل عن الحق إلى الباطل، فشهادة الزور تعني الشهادة الكاذبة التي تضر بالحقوق سواء في النفس أو المال، أو التي تُحلل ما هو محرم أو تُحرم ما هو حلال.
حكم شهادة الزور
تُعتبر شهادة الزور من الكبائر، وتجمع بين مجموعة من الذنوب العظيمة، منها:
- كبير من كبائر الكذب والافتراء.
- كبير من كبائر الظلم.
- كبير من كبائر أكل المال الحرام.
- كبير من كبائر تحليل ما حرم الله -تعالى- أو تحريم ما أحل الله -تعالى- في النفس والمال والأعراض.
- كبير من كبائر إقامة الشهادة لأغراض غير مرضية لله تعالى.