أقسام الإيجاز في فن البلاغة العربية

أقسام الإيجاز في البلاغة

يتوزع الإيجاز في البلاغة إلى فئتين رئيسيتين: إيجاز الحذف وإيجاز القصر. فيما يلي توضيح لمفاهيمهما مع أمثلة توضيحية.

إيجاز الحذف

تعبير “إيجاز الحذف” يشير إلى عملية حذف كلمة أو جملة أو أكثر من النص بغرض الاكتفاء بدلالة غيرها من السياق أو الحالة المحيطة، حيث توجد قرينة في السياق توضح للقارئ المعنى المقصود. هذا النوع من الحذف لا يؤثر على المعنى العام للجملة.

يُعتبر إيجاز الحذف، بالضرورة، نسبيًا، إذ يمكن أن يوجد في سياقات تتطلب الإطناب والتفصيل، بينما يُستخدم الحذف في أجزاء معينة. كما يُعد إيجاز الحذف بلاغة في حد ذاته، حيث يمنح النص قوة وجاذبية، ويعمل على تحفيز خيال القارئ لتصور المعاني المحذوفة.

أنواع الإيجاز بالحذف

يمكن تقسيم إيجاز الحذف إلى عدة أنواع، وهي:

  • النوع الأول: حذف الجمل

النمط الذي يتم فيه حذف جُمل كاملة من النص، وينقسم هذا النوع إلى قسمين:

  • حذف الجملة المفيدة

ويمثل هذا النوع الجمل التي تحمل معنى مكتفيًا بذاتها. يُعتبر هذا الشكل من الحذف الأكثر بلاغة وجاذبية، حيث يظهر كثيراً في القرآن الكريم، ومن مثال ذلك قوله تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا). يبدو من المعنى أن أصحاب الجنة قد نالوا نعيمها، مما يجعل الحذف هنا أكثر تأثيرًا من الذكر.

  • حذف الجمل غير المفيدة

هذا النوع يحتوي على أربع حالات، تشمل:

  1. حذف السؤال المقدّر، وذلك بإعادة الأسماء والصفات أو الاستئناف بدون إعادة الأسماء والصفات. مثال ذلك هو قول الله سبحانه وتعالى: (وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا، وَلاَ يُنقِذُونِي*إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ*إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ*قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ*بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).
  2. الاكتفاء بالسبب عن المسبب، وبالمسبب عن السبب.
  3. الإضمار بشرط التفسير، باستخدام أسلوب الاستفهام أو بإجراء نفي وإثبات أو بطرق أخرى.
  4. حالات عدم وجود سبب أو مسبب.
  • النوع الثاني: حذف المفردات

في هذا النوع يتم حذف مفردة من الكلام، وينقسم هذا إلى قسمين:

  • حذف الفاعل

وهذا يعتمد على الاكتفاء بدلالات فعلية دون ذكر الفاعل. كمثال على ذلك قول حاتم الطائي:

أَماوِيُّ قَد طالَ التَجَنُّبُ وَالهَجرُ ** وَقَد عَذَرَتني مِن طِلابِكُمُ العُذرُ

  • حذف الفعل وجوابه

ينقسم حذف الفعل وجوابه إلى قسمين، أحدهما يعتمد على دلالة المفعول. ومن الأمثلة قوله سبحانه وتعالى: (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا).

أما القسم الثاني، فهو الذي لا يظهر فيه جزء الفعل بسبب وجود حرف منصوب يدل عليه، مثل قوله تعالى: (وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا).

إيجاز القصر

شكل إيجاز القصر يمثل النوع الثاني من الإيجاز، ويركز على تقليص الألفاظ في الجمل مع تكثيف المعاني بدون حذف. يُظهر هذا النوع من الإيجاز البليغ في العديد من الآيات في القرآن الكريم. ومن الأمثلة على ذلك:

  • قوله تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ).
  • قوله الله تعالى: (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ).
  • قوله الله تعالى: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ).

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *