أنواع التسامح في الدين الإسلامي

تتنوع أشكال التسامح في الإسلام وهو أحد القيم الأخلاقية التي أكد عليها الله سبحانه وتعالى وجاءت ضمن السنة النبوية. يُفترض أن يتحلى كل مسلم بهذه الفضائل وأن يكون متسامحًا مع الآخرين في محيطه.

التسامح يعكس القدرة على التفاهم والعفو عن الإساءة عند الإمكانية. وقد ورد في القرآن الكريم في الآية رقم 13 من سورة المائدة: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).

أنواع التسامح في الإسلام

يُعتبر التسامح من الصفات الأساسية للمسلمين ويتجلى في عدة أشكال، مثل العفو عن الدين أو التسامح مع الإساءات اللفظية، وتفادي العنف. ومن أبرز أنواع التسامح ما يلي:

التسامح الديني

  • يُعتبر الدين الإسلامي من أروع الأديان التي تميزت بسهولة تعاليمها وتسامحها.
    • فمفهوم التسامح الديني يعني منح الحرية لكل فرد ليتبع عقيدته بحرية على أراضي الدول الإسلامية.
  • يُركز التسامح الديني على حقيّة الأفراد في ممارسة شعائرهم الدينية دون تدخل من الآخرين.
    • كما يجب ألا يتعرضوا لأي ضغط أو تمييز من محيطهم حتى وإن كانوا يعيشون معهم في نفس المكان.
  • يشمل التسامح المساواة بين جميع الناس بغض النظر عن دينهم أو معتقداتهم، سواء في نظام الدولة أو الحقوق والمزايا الممنوحة للمواطنين.
  • على المسلم أن يحترم الأديان والمذاهب المختلفة وأن يتجنب النظر إليهم بعين العنصرية.
    • وقد كانت هذه الفضيلة معروفة منذ عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أُطلق على أصحاب الديانات الأخرى مسمى أهل الذمة، وجاء في القرآن والسنة ما يؤكد حقوقهم.

التسامح مع التعددية

  • يُعرف بالتسامح مع التعددية، وقد عاش الناس في فترات سابقة في فوارق عديدة حتى جاء الإسلام ليضع حداً لهذه الفرق.
  • في الجاهلية، كانت هناك تفرقة بين الناس حسب لون البشرة، الدين، أو العرق، بالإضافة إلى العصبية القبلية.
  • في الإسلام، يُعتبر الجميع سواسية كأسنان المشط، ولا يتفاضلون إلا بالتقوى وطاعة الله ورسوله.
  • قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أيُّها النَّاسُ، ألَا إنَّ ربَّكم واحِدٌ، وإنَّ أباكمواحِدٌ…لا فَضْلَ لِعَربيٍّ على عَجَميٍّ، ولا لعَجَميٍّ على عَرَبيٍّ، ولا أحمَرَ على أسوَدَ، ولا أسوَدَ على أحمَرَ؛ إلَّا بالتَّقْوى).
  • يجب على المؤمن أن يقبل الآخرين ومعتقداتهم المختلفة ويدرك أن الفطرة البشرية تقوم على اختلاف الآراء.

التسامح الثقافي

  • هذا النوع من التسامح يشير إلى كيفية تعامل المؤمن مع الآخرين باحترام، خصوصًا خلال الحوار.
    • فالمعرفة تتطور من خلال التواصل، لذا يجب أن يتحلى المؤمن بالأخلاق الحسنة ليكون نموذجًا لدينه.
  • يجب تسوية النزاعات بشكل حضاري باستخدام الحوار لتقريب وجهات النظر حتى يتمكن الآخرون من الاقتناع والتراضي.
  • كانت الحضارات السابقة للإسلام قائمة على الطبقات ووجود فروقات شاسعة بين الناس.
    • لقد زادت ممارسة العبودية في تلك العصور، واعتُبِر أغنى الناس هم أفضلهم، لكن الإسلام أرسى قاعدة التميّز بالعلم والإيمان.

الأسس التي يقوم عليها التسامح في الإسلام

يوجد العديد من المبادئ التي حث عليها الإسلام في المعاملات اليومية وتعتبر من القواعد الأساسية للتسامح، ومن أبرزها:

  • فهم أن التباين في الطبائع والعقائد هو أمر طبيعي، وقد أراد الله تعالى ذلك.
  • كل إنسان يُعتبر مسؤولًا عن تصرفاته، وقد يتحمل عواقب أفعاله سواء كانت جيدة أو سيئة.
  • يُعتبر التسامح مع أصحاب المعتقدات الأخرى من أركان الإيمان في الإسلام.
  • كانت مهمة الرسل هي إبلاغ الدعوة الإسلامية ونشرها بدون ضغط على الآخرين لاعتناق الدين.

التسامح في القرآن الكريم

وقد ذُكر التسامح في العديد من الآيات القرآنية، ومن أهمها:

  • قال تعالى في سورة الشورى الآية رقم 40: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).
  • قال تعالى في سورة النور الآية رقم 22: (ولَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ).

التسامح في السنة النبوية

توجد العديد من الأحاديث النبوية التي تدعو إلى التسامح، ومن أبرزها:

  • عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: (تَعافوا الحُدودَ فيما بَينَكم، فما بَلَغَني مِن حَدٍّ فقد وَجَبَ).
  • عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، قال: (من ترك القصاص وأصلح بينه وبين الظالم بالعفو فأجره على الله).

أمثلة على التسامح في الإسلام

هناك العديد من صور التسامح في الإسلام، ومنها:

عفو سيدنا يوسف عليه السلام عن إخوته

من أبرز صور العفو في الإسلام هو عفو سيدنا يوسف عليه السلام عن إخوته، كما يظهر في قوله تعالى في سورة يوسف: (قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).

عفو النبي عليه الصلاة والسلام عن سهيل بن عمرو في فتح مكة

عفى النبي صلى الله عليه وسلم عن سهيل عندما قال لصحابته: من لقي منكم سهيلًا فلا يسئ لقاءه، فلعمري إن سهيلًا له عقل وشرف وما مثل سهيل يجهل الإسلام، ولكن قدر فكان).

أهمية التسامح للفرد والمجتمع

يمتلك التسامح أهمية كبيرة على مستوى الفرد والمجتمع كما يلي:

  • تعزيز السلم والتعايش الاجتماعي: يسهم التسامح في إنشاء بيئة متلاحمة وسليمة حيث يتواجد الأفراد بسلام وتفاهم رغم اختلافاتهم.
  • تعزيز العلاقات الإنسانية: يساعد التسامح على تدعيم العلاقات الإنسانية المستدامة، حيث يعزز من تقدير الآخرين واحترام اختلافاتهم.
  • تقوية القيم الإنسانية: يُعتبر التسامح قيمة أساسية، ومن خلال تعزيزها يتم دعم الفهم والتسامح في التعامل.
  • الحد من الصراعات والتوترات: يُساهم التسامح في تهدئة الأمور وتقليل التوترات النزاعية.
  • تعزيز الاستقرار والتنمية: تسود قيم التسامح بيئة مستقرة، حيث يشعر الأفراد بالأمان في المضي نحو التطوير.
  • تعزيز النجاح الفردي والجماعي: يخلق التسامح بيئة مؤاتية للنجاح، مما يدعم الأفراد في تحقيق أهدافهم وطموحاتهم.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *