أسباب سرطان القولون والمستقيم
إن السبب الرئيسي وراء الإصابة بسرطان القولون والمستقيم (بالإنجليزية: Colorectal Cancer) لا يزال غامضًا، إلا أن هناك عدة عوامل قد تزيد من احتمالية الإصابة، والتي سيتم تناولها بشكل مفصل لاحقًا. يُعتقد أن سرطان القولون ينتج عن حدوث طفرات في المادة الوراثية (DNA) لخلايا القولون أو المستقيم، تتسبب في فقدان هذه الخلايا القدرة على تنظيم عملية النمو والانقسام. وهذا يؤدي إلى نمو الخلايا بشكل غير منتظم وخارج السيطرة، مما يتسبب في تكوين الأورام. من المهم الإشارة إلى أن العديد من هذه الخلايا قد تموت أو يتم القضاء عليها بواسطة الجهاز المناعي قبل أن تتحول إلى أورام، ولكن هناك حالات أخرى تتمكن فيها هذه الخلايا من الهروب من الجهاز المناعي وتنمو بشكل غير منضبط.
عادةً ما تبدأ مراحل تطور سرطان القولون بتشكيل السلائل (بالإنجليزية: Polyps) في الغشاء المخاطي المبطن للأمعاء. يتم تشكيل هذه السلائل نتيجة للنمو السريع للخلايا وتراكمها، وتظهر تلك الخلايا تحت الميكروسكوب بشكل غير طبيعي. لكن، تبقى هذه الخلايا محصورة ضمن السلائل عموماً ولا تمتلك القدرة على الانتشار. على الرغم من أن السلائل ليست سرطانية في حد ذاتها، إلا أن هناك احتمالًا لتحولها إلى سرطانات، وهذا الخطر مرتبط بحجمها وطبيعتها. بشكل عام، يُعتبر خطر تحول السلائل إلى سرطانات أعلى إذا كان حجمها يفوق 1 سم، فقد كان هناك أكثر من سليلتين أو ظهرت علامات خلل التنسج (بالإنجليزية: Dysplasia). تستغرق عملية تحول السلائل إلى سرطانات عدة سنوات؛ إذ إن معظم حالات سرطان القولون تنشأ من السلائل التي ظلت موجودة لفترة تتراوح بين 5 إلى 15 سنة. لذا، يوصي الأطباء بإجراء الفحوصات الدورية للكشف المبكر عن سرطان القولون، مما قد يساعد في تقليل خطر تطويره من خلال إزالة هذه السلائل الحميدة عبر إجراء يُعرف بتنظير القولون (بالإنجليزية: Colonoscopy).
عوامل خطر سرطان القولون
تُستخدم عبارة “عوامل الخطر” (بالإنجليزية: Risk Factor) للإشارة إلى أي من العوامل التي قد تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان القولون. كما تم ذكره سابقًا، فإن وجود أي من هذه العوامل قد يزيد من خطر الإصابة بهذا النوع من السرطانات. ومن الجدير بالذكر أن بعض هذه العوامل يمكن التحكم بها، بينما البعض الآخر لا يمكن التحكم به، مثل: العمر، العِرق، والعوامل الوراثية. يجب التنويه إلى أن وجود عوامل الخطر لا يعني بالضرورة الإصابة بالسرطان، في حين أن عدم وجود أي من هذه العوامل لا يعني عدم الإصابة بالمرض.
عوامل الخطر العامة
تشمل عوامل الخطر العامة والمُرتبطة بسرطان القولون ما يلي:
- العمر: يمكن أن يصاب الأشخاص بسرطان القولون والمستقيم في أي سن، ولكن تزداد الاحتمالات مع تقدم العمر. غالبًا ما تحدث الإصابة بعد سن الخمسين. وفقًا للمعهد الوطني للسرطان (بالإنجليزية: National Cancer Institute)، فإن متوسط عمر الأفراد الذين يتم تشخيصهم بسرطان القولون والمستقيم هو 68 عامًا.
- السمنة: تلعب السمنة أو الوزن الزائد دورًا في زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لدى الرجال والنساء، ويعتبر هذا الخطر أكبر لدى الرجال، وغالبًا ما يرتبط بزيادة نسبة الدهون في منطقة البطن. لذلك، من المهم الحفاظ على وزن صحي وتفادي زيادة الوزن.
- مرض السكري: يُعتبر داء السكري (بالإنجليزية: Diabetes) أو مقاومة الإنسولين (بالإنجليزية: Insulin Resistance) من العوامل المساهمة في زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون. يعتبر النوع الثاني من مرض السكري من العوامل المحفزة لتطور سرطان القولون.
- تاريخ مرضي لأمراض الأمعاء الالتهابية: يزداد خطر الإصابة بسرطان القولون لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض الأمعاء الالتهابية مثل داء كرونز (بالإنجليزية: Crohn’s Disease) أو التهاب القولون التقرحي (بالإنجليزية: Ulcerative Colitis)، حيث يؤدي التهاب القولون التقرحي إلى التهابات طويلة الأمد وتقرحات في البطانة الداخلية للأمعاء. هذا يجعل هؤلاء الأشخاص أكثر عرضةً للإصابة بسرطان القولون مقارنة بالأفراد الأصحاء.
- تاريخ مرضي للإصابة بالسرطانات أو السلائل: يرتفع خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لدى الأفراد الذين لديهم تاريخ مرضي بالإصابة بأنواع معينة من السرطانات. على سبيل المثال، النساء اللواتي تعرضن للإصابة بسرطان المبيض (بالإنجليزية: Ovarian Cancer) أو سرطان الرحم (بالإنجليزية: Uterine Cancer) والأشخاص الذين أُصيبوا سابقًا بسرطان القولون. كذلك، يجري التحذير من السلائل التي تتجاوز حجم 1 سم أو تحتوي على خلايا غير طبيعية. كثيراً ما تكون هذه السلائل دون أعراض خاصة، مما يجعل الفحص الدوري في غاية الأهمية، خاصةً للأشخاص الذين تجاوزوا سن الخمسين.
- التعرض للإشعاعات: يمكن أن يساهم التعرض للإشعاعات على منطقة البطن أو الحوض في مرحلة الطفولة في زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون مستقبلاً. ووفق بعض الدراسات، فإن الرجال الذين يتلقون العلاج الإشعاعي بسبب سرطان البروستات أو سرطان الخصية يعتبرون أكثر عرضة للإصابة بسرطان القولون.
عوامل الخطر الجينية
تشمل عوامل الخطر الجينية المتعلقة بسرطان القولون ما يلي:
- العِرق: تزداد احتمالية الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بين الأمريكيين من أصول إفريقية مقارنةً بالأعراق الأخرى، كما يُشخصون عادةً في مراحل متقدمة من المرض.
- تاريخ عائلي: يعد التاريخ المرضي العائلي لسرطان الأمعاء من العوامل التي قد تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان القولون. يتحمل خطر الإصابة عبئًا أكبر إذا وجد شخصٌ أو أكثر من الأقارب من الدرجة الأولى مصابين بسرطان الأمعاء، خاصة إذا تم تشخيصهم قبل أن يبلغوا 55 عامًا.
- الإصابة بالمتلازمات الوراثية: هناك بعض الطفرات الجينية الموروثة التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون، وتعد هذه الحالات نادرة نسبيًا. نذكر من أبرز المتلازمات التي تزيد من احتمالات الإصابة بسرطان القولون ما يلي:
- داء السلائل أو داء البوليبات العائلي (بالإنجليزية: Familial Adenomatous Polyposis – FAP) والذي يتميز بوجود مئات أو آلاف من السلائل في القولون والمستقيم، ويعتبر شكلًا خفيفًا من هذا المرض وجود عدد قليل من السلائل.
- متلازمة لينش (بالإنجليزية: Lynch Syndrome) المعروفة أيضًا باسم السرطان القولوني المستقيمي اللاسليلي الوراثي (بالإنجليزية: Hereditary Nonpolyposis Colorectal Cancer – HNPCC) التي ترفع من خطر الإصابة بسرطان القولون وأنواع أخرى من السرطانات. تتسم هذه السّرطانات بأنها تنمو بسرعة ولا تستجيب بشكل جيد للعلاج الكيميائي.
أنماط الحياة
تشمل أنماط الحياة التي قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون ما يلي:
- عدم ممارسة الأنشطة البدنية: يجعل نمط الحياة الساكن من صعوبة الوقاية من سرطان القولون، لذا يُنصح بالمواظبة على ممارسة الأنشطة البدنية بصورة منتظمة، حيث يفضل أن يمارس الأفراد تمارين معتدلة الشدة لمدة نصف ساعة يوميًا.
- اتباع نظام غذائي غير صحي: يُعتبر النظام الغذائي الغني باللحوم المعالجة واللحوم الحمراء أحد العوامل المحفزة على زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون. تُساهم طرق الطهي مثل القلي أو الشوي على درجات حرارة مرتفعة في تكوين مركبات كيميائية قد تتسبب في زيادة مخاطر الإصابة بالسرطان. يُفضل أن يكون النظام الغذائي غنيًّا بالفواكه، والخضروات، والبقوليات العالية بالألياف، حيث تحتوي هذه الأطعمة على الفيتامينات والمعادن الضرورية التي تساهم في تقليل خطر الإصابة بالسرطانات.
- التدخين واستهلاك الكحول: يُعتبر التدخين وتناول كميات كبيرة من المشروبات الكحولية من العوامل التي ترفع من احتمالية الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. حيث يقلل التدخين من مستويات فيتامين “ج” في الجسم، وهو من مضادات الأكسدة الفعّالة التي تحارب الجذور الحرة التي تُعزز من خطر حدوث السرطانات. لذا، يُنصح بتجنب التدخين والامتناع عن شرب الكحول لتحقيق تقليل فعّال لخطر الإصابة بسرطان القولون.