أبرز إنجازات وخدمات عمر بن الخطاب

الإنجازات العبادية لعمر بن الخطاب

أدى الصحابي الجليل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- العديد من الأعمال الجليلة التي خدمت الإسلام والمسلمين، سواء في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- أو بعد وفاته. وتتنوع هذه الأعمال إلى مجالات عدة، ومن أبرز أعماله العباديّة التالية:

جمع القرآن الكريم في عهد عمر

بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- ارتدّت بعض القبائل عن الإسلام، مما أسفر عن نشوب حروب عديدة استشهد خلالها الكثير من حفاظ القرآن. وبعد معركة اليمامة، لاحظ عمر بن الخطاب هذا الوضع وذهب إلى أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما-، خليفة النبي، الذي كلف زيد بن ثابت بجمع القرآن. يروي زيد بن ثابت: “أرسل إليَّ أبو بكر بمقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: إنَّ عمر أتانِي فقال: إن القتل قد استحَرَّ يوم اليمامة بقرَّاء القرآن، وإنني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإنني أرى أن تأمر بجمع القرآن.” وقد استمرّ عمر في جهود جمع القرآن حتى انتهى منه تمامًا، مبرزًا خوفه على ضياعه.

وحرص الصحابة، بقيادة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، على حفظ القرآن الكريم، فاجتهدوا في حفظه في صدور حفاظه وكتّابه. وقد ورد عن جابر بن سمرة أن عمر بن الخطاب كان يقول: “لا يُملِيَنَّ في مصاحفِنا هذه إلا غلمان قريش أو غلمان ثقيف”، نظرًا لأنهم الأكثر معرفة بلغة القرآن.

صلاة التراويح في عهد عمر

تعتبر صلاة التراويح من السنن التي يؤديها المسلمون في شهر رمضان. نظرًا لأنها سنّة وليست فريضة، لم يقم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصلاة جماعة في كافة ليالي شهر رمضان، بل كانت تشمل بعض الليالي فقط، تجنبًا لاعتقاد الناس أنها فريضة. وفي عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، لاحظ عبد الرحمن بن عبد القاري أن الناس يتفرقون في الصلاة، فاقترح جمعهم على قارئ واحد. وبالفعل، جمعهم عمر في هذه الصلاة، مما لاقى قبولًا من الصحابة الذين لم يعارضوه، واعتُبرت بدعة حسنة.

توسيع المسجد الحرام والمشاركة في تعمير المسجد النبوي

عزم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خلال رحلته إلى مكة على توسعة المسجد الحرام وتجديده، كما فعل في المسجد النبوي. كانت عملية التوسعة تَمُرّ عبر ثلاث مراحل: الأولى في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، والثانية في عهد عمر، والثالثة في عهد عثمان -رضي الله عنهما-. وقد شمل المسجد النبوي إضافة دار العباس وبعض الدور الأخرى، وتم تهيئة أرضه بالحصى، بينما أضاف عمر أدوارًا للمسجد الحرام وأحاطه بسور، وقام بإنارة المساجد لتيسير العبادة. كما أمر ولاة الأقاليم ببناء المساجد، وهو ما أدى إلى بناء أكثر من أربعة آلاف مسجد في عهده.

الإنجازات الحضارية لعمر بن الخطاب

عمل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على تأسيس الدولة الإسلامية في مختلف المجالات التي تعزز الحضارة الإسلامية. فقد اهتم بالتعليم، والمنهج الاقتصادي، وعمران المدن، واختيار الولاة، بالإضافة إلى جهوده في مجالات النقل والمحاسبة والقضاء. وقد دوّن العديد من الكُتّاب سيرته وتمجيد أعماله. وفيما يلي بعض التفاصيل:

التطوير العمراني في عهد عمر

لقد قام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بتوسيع المساجد وتجديد الحرمين، ولم يكن ذلك فحسب، بل نقل مقام سيدنا إبراهيم -عليه السلام- إلى موضع مناسب لتيسير الصلاة. كما خصص جزءًا من بيت مال المسلمين للإنفاق على وسائل النقل، وأعدّ عددًا كبيرًا من الجمال لهذه الغاية. فضلاً عن ذلك، أنشأ أماكن تتوفر فيها الماء والطعام للمسافرين، واهتم بالنقل البحري من خلال إصلاح قناة بحرية لتعزيز التجارة بين مصر والجزيرة العربية، وحفر قناة مائية لإيصال الماء إلى البصرة.

استثمر عمر في بعض المدن المهمة وجعلها مراكز للدولة الإسلامية، حيث أنشأ فيها المساجد والأسواق ومرافق لتربية الخيول، مشجعًا المسلمين على الاستقرار فيها كونها منطلقًا للجيوش. وكانت هذه المدن: البصرة، الكوفة، سرت، الفسطاط، التي بُنيت وفق النمط الإسلامي.

بيت مال المسلمين وتدوين الدواوين

أنشأ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بيت مال للمسلمين، حيث احتوت الأموال المستلمة من الزكاة، والجزية، وخُمس الغنائم. استخدم هذه الأموال في إعمار البلاد وسد حاجات الفقراء وتجنيد الجيوش. لتنظيم هذه الموارد، ابتكر نظام الدواوين لتوثيق الشؤون المالية، مما ساعد على إدارة الأموال بكفاءة ومنع أي تلاعب.

نظام الحكم في عهد عمر

أدخل عمر نظام حكم منظم في الدولة الإسلامية، حيث استند إلى مبادئ إسلامية عظيمة. ومن أبرز هذه المكونات:

  • مجالس الشورى: اهتم عمر بن الخطاب بتشكيل مجالس شورى لضمان حماية الدولة وتنظيم أمورها. من هذه المجالس:
    • المجلس الأول: الذي يضم كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار، يلتقون لتبادل الآراء في المسائل الهامة.
    • المجلس الثاني: يجتمع فيه العامة من المسلمين لمناقشة قضايا الأمة، ويُعقد بعد صلاة الجمعة.
    • المجلس الثالث: يختص بالمهاجرين، حيث يناقش فيه الشؤون الإدارية المتعلقة بالفتوحات.
  • الموظفون الإداريون: نظم عمر إدارة الولايات بحيث يكون لكل والي عدد من الموظفين تحت إدارته. وضعت شروط عُيّن بموجبها الولاة، وكانت تتضمن مزايا مثل القوة والرأفة بالناس.

أعمال عمر بن الخطاب الحربية وفتوحاته

أقام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مجموعة من الأجناد في مختلف المناطق المفتوحة لحماية الدولة الإسلامية. عُيّنت هذه الأجناد في مواقع مثل دمشق، الأردن، وفلسطين، وأشرف عليها ولاة مختارون.

  • فتح دمشق: كلّف عمر بن الخطاب أبا عبيدة بن الجراح لقيادة الفتوحات، حيث وضع خطة محاصرة دمشق التي كانت تُعتبر حصن الروم.
  • فتح الأردن: وقع في عهد عمر بن الخطاب تحت قيادة شرحبيل بن حسنة.
  • وقعة فحل: بعد فتح دمشق، قاد أبو عبيدة بن الجراح المعركة ضد أهل فحل.
  • فتوح العراق: قام المسلمون بفتوح العراق بعد وصية أبو بكر، حيث وقعت عدة معارك مثل معركة القادسية.

ومنذ ذلك الحين، فتح المسلمون العديد من البلدان مثل الأهواز، خراسان، وغيرها الكثير، مما ساهم في انتشار الإسلام بشكل ملحوظ.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *