قصائد وشعر مكتوب باللغة العربية

قصيدة “نحن عشاق الحياة” لعبد العزيز جويدة

نحن جميعًا عشاق الحياة،

عشاق السُنبُل، والجداول،

والمياه.

نحن عشاق المآذن، والكنائس،

والإله.

نحن عشاق الطفولة، والبراءة، والسذاجة،

والعبادة والصلاة.

نحن عشاق التراب،

وعشقنا دائمًا لبيتٍ لا نرى سواه.

نحن عشاق البنادق، والخنادق،

والحدائق، والفنادق، والأعلام،

والفلاة.

كلٌ يُفسر ما نقول بما يراه.

هذا حصاني المارد الذي جاء من ظلام الليل البعيد،

حاملاً غاضبًا طوق النجاة.

يا ليلنا الممتد عبر عمرنا،

نحن لسنا حواة.

الكل تاه.

يا آهاتي، من ذا يردكِ في داخلي لتكوني: آه؟!

أنا لا أكره أي شيء في الحياة،

أنا عاشق ومفتون،

واصل في العشق حتى النهاية.

لدي حبيبة،

لا تراني أبداً،

ولها حبيب لا تراه.

أنا عاشق للصباح،

الذي يأتي حاملاً وجه الجميلات،

التي يعبرن فوق الحزن نحو المدرسة.

أنا مؤمن،

كلّي يقين يا وطن،

أن الزمان القادم المجنون ليس زمننا،

هو زمن قادم يحمل أحلامه وفوارسه.

يوماً ستعلو راية،

كُسرت بها الحياة.

سنخوض حربًا ضروسًا مؤلمة ومقدسة.

يا وجه رفاقي في المقهى، سلامٌ،

الليل يجمعنا.

ندور في فلك الكلام،

وأعود وحيدًا،

أحمل روحي على كفي،

وأعبر كل أودية الظلام.

أدس جسمي خلسةً في القبر،

أبقى جالسًا فوق الرخام.

أنا شاهد القبر الذي يرفض النوم.

أنا عاشق،

وأمام بيتي عشر شجرات زيتون،

وفوق السطح برج للحمام.

أنا طيب ومسالم،

وأبي رجل مسن،

والأم صارت قعيدة منذ طفولتي.

قالوا: ابن عمي مات في القدس البعيدة.

جدتي صُلِبت في “بيافا”،

شُوهدت في “القدس”،

تقرأ في الجريدة.

كان السؤال يدور في ذهني،

ماذا سأفعل وأنا أشاهد كل يوم مجزرة؟

هم يقتلون لنا الحياة،

وهناك ألف دسيسة، ومكيدة، ومؤامرة.

ماذا سأفعل وأنا أشاهد كل بيت في طريقي

يستحيل لمقبرة؟

ماذا سأفعل والمدارس تختفي

من فوق هذه الأرض،

والأطفال يُقتلون على المقاعد

دون أدنى ضجة؟

والهاربون من الهموم يلوحون

ويصرخون:

مستسلمون…

فتَدوسَهم وسط الطريق مجزرة.

سقطت جميع الأسئلة،

ومُنجمون يخبرون أن دورك قادم للمقصلة.

ماذا سأفعل والجنازات التي كانت تمر

تذيبني،

وتتدحرج حياتنا كأسخف مهزلة؟

ماذا سأفعل يا زمن الوَلوَلة؟

أنا عندما قررت الشهادة لم أكن ضد الحياة،

بل كنت ضد البقاء على هذه الحياة

بلا حياة مستقبلية.

إما الكرامة والشموخ،

أو تتحول إلى قنبلة.

أختار موتي،

أختار عنف الزلزال.

إنني أرفض أن أموت،

والكل يهرب من حولي،

يختفي في الهروب.

أنا ذاهب إلى الموت،

لقد حسمت المسألة.

أملي شروطي شامخًا

ومتحديًا،

لأكون أول فارس

يغزو دروب الغيب،

ينتفض السكون لصوت أعنف الجلجلة.

هذي شروطي كي أموت،

وأي موت دون موتٍ أبتغيه،

لن أقبل.

لن أقبل.

لن أقبل.

قصيدة “عذل العواذل حول قلبي التائه” للمتنبي

عَذْلُ العَواذِلِ حَوْلَ قَلبي التّائِه،

وَهَوَى الأحِبّةِ مِنْهُ في سَوْدائِهِ.

يَشْكُو المَلامُ إلى اللّوائِمِ حَرَّهُ،

وَيَصُدُّ حينَ يَلُمْنَ عَنْ بُرَحائِهِ.

وبمُهْجَتي، يا عَاذِلي، المَلِكُ الذي،

أسخَطتُ أعذَلَ مِنكَ في إرْضائِهِ.

إنْ كانَ قَدْ مَلَكَ القُلُوبَ، فإنّهُ،

مَلَكَ الزّمَانَ بأرْضِهِ وَسَمائِهِ.

ألشّمسُ مِنْ حُسّادِهِ وَالنّصْرُ من،

قُرَنَائِهِ وَالسّيفُ مِنْ أسمَائِهِ.

أينَ الثّلاثَةُ مِنْ ثَلاثِ خِلالِهِ،

مِنْ حُسْنِهِ وَإبَائِهِ وَمَضائِهِ؟

مَضَتِ الدّهُورُ وَمَا أتَينَ بمِثْلِهِ،

وَلَقَدْ أتَى فَعَجَزْنَ عَنْ نُظَرَائِهِ.

قصيدة للشافعي

دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ،

وطب نفساً إذا حكمَ القضاءُ.

وَلا تَجْزَعْ لنازلة الليالي،

فما لحوادثِ الدنيا بقاءُ.

وكنْ رجلاً على الأهوالِ جلداً،

وشيمتكَ السماحة والوفاءُ.

وإنْ كثرتْ عيوبكَ في البرايا،

وسَركَ أن يكونَ لها غِطَاءُ.

تَسَتَّرْ بِالسَّخَاء فَكُلُّ عَيْب،

يغطيه كما قيلَ السَّخاءُ.

وَلا تر للأعادي قط ذلا،

فإن شماتة الأعدا بلاء.

ولا ترجُ السماحة من بخيلٍ،

فما فِي النَّارِ لِلظْمآنِ مَاءُ.

وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَأَنِّي،

وليسَ يزيدُ في الرزقِ العناءُ.

وَلا حُزْنٌ يَدُومُ وَلا سُرورٌ،

ولا بؤسٌ عليكَ ولا رخاءُ.

وَمَنْ نَزَلَتْ بِسَاحَتِهِ الْمَنَايَا،

فلا أرضٌ تقيهِ ولا سماءُ.

وأرضُ الله واسعةً ولكن،

إذا نزلَ القضا ضاقَ الفضاءُ.

دَعِ الأَيَّامَ تَغْدِرُ كُلَّ حِينٍ،

فما يغني عن الموت الدواءُ.

قصيدة “ما الدنيا بدار بقاء” لأبي العتاهية

لعَمْرُكَ، ما الدّنيا بدارِ بَقَاءِ،

كَفَاكَ بدارِ المَوْتِ دارَ فَنَاءِ.

فلا تَعشَقِ الدّنْيا، أُخيَّ، فإنّما،

يُرَى عاشِقُ الدُّنيَا بجُهْدِ بَلاَءِ.

حَلاَوَتُهَا ممزَوجَة بمرارة،

ورَاحتُهَا ممزوجة بعناء.

فَلا تَمشِ يَوْمًا في ثِيابِ مَخيلَة،

فإنَّكَ من طينٍ خلقتَ ومَاءِ.

لَقَلّ امرُؤٌ تَلقاهُ لله شاكِراً،

وقلَّ امرؤٌ يرضَى لهُ بقضَاءِ.

وللّهِ نَعْمَاءٌ عَلَينا عَظيمَة،

وللهِ إحسانٌ وفضلُ عطاء.

ومَا الدهرُ يوماً واحداً في اختِلاَفِهِ،

ومَا كُلُّ أيامِ الفتى بسَوَاءِ.

ومَا هُوَ إلاَّ يومُ بؤسٍ وشدة،

ويومُ سُرورٍ مرَّة ورخاءِ.

وما كلّ ما لم أرْجُ أُحرَمُ نَفْعَهُ؛

وما كلّ ما أرْجوهُ أهلُ رَجاءِ.

أيَا عجبَا للدهرِ لاَ بَلْ لريبِهِ،

يخرِّمُ رَيْبُ الدَّهْرِ كُلَّ إخَاءِ.

وشَتّتَ رَيبُ الدّهرِ كلَّ جَماعَة،

وكَدّرَ رَيبُ الدّهرِ كُلَّ صَفَاءِ.

إذا ما خَليلي حَلّ في بَرْزَخِ البِلى،

فَحَسْبِي بهِ نأْيًا وبُعْدَ لِقَاءِ.

أزُورُ قبورَ المترفينَ فَلا أرَى،

بَهاءً، وكانوا، قَبلُ، أهل بهاءِ.

وكلُّ زَمانٍ واصِلٌ بصَريمَة،

وكلُّ زَمانٍ مُلطَفٌ بجَفَاءِ.

يعِزُّ دفاعُ الموتِ عن كُلِّ حيلة،

ويَعْيَا بداءِ المَوْتِ كلُّ دَواء.

ونفسُ الفَتَى مسرورَة بنمائِهَا،

وللنقْصِ تنْمُو كُلُّ ذاتِ نمَاءِ.

وكم من مُفدًّى ماتَ لم يَرَ أهْلَهُ،

حَبَوْهُ، ولا جادُوا لهُ بفِداء.

أمامَكَ، يا نَوْمانُ، دارُ سَعادَة،

يَدومُ البَقَا فيها، ودارُ شَقاء.

خُلقتَ لإحدى الغايَتين، فلا تنم،

وكُنْ بينَ خوفٍ منهُمَا ورَجَاء.

وفي النّاسِ شرٌّ لوْ بَدا ما تَعاشَرُوا،

ولكِنْ كَسَاهُ اللهُ ثوبَ غِطَاءِ.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *