أرحب بكم في عالم العلم والأدب
أرحب بكم في عالم العلم والأدب،
إذا نشرتم العلم، فستحصدون الثقافة والفخر.
ولا مستقبل لكم إلا بجامعةٍ،
تكون معبراً للطلاب الطموحين وتحتويهم كالأم والأب.
تؤسس الرجال وتبني كل القمم،
من المجد وتؤسس للعزة والانتصار.
اجعلوا القلوب أساساً، فأنا لا أقول لكم،
اجعلوا الأهداف رنانة، لأنني أعتبر المال تافهاً.
وابنوا بأسس شجاعتكم سوراً لها، ودعوا،
كنز العدو، فأنا أعلم السبب.
لا يأس في حال قرأتم ما يُزَيِّنُهُ،
ذاك المسؤول، ويرميكم بغضبه.
انتبهوا ليومٍ لن تفيد فيه المحاصيل،
كل حيٍ سيتلقى جزاء ما اكتسب.
بنى على الأكاذيب أبراجاً شاهقة،
فابنوا على الحق برجاً يلامس النجوم.
واجعلوا ردكم فعلاً لا يمحوه،
قول المفند لا يغير موقفه.
لا تخلدوا للنوم، فهم لن يناموا أبداً،
وطالبوا بحقوقكم، ولكن أظهروا الإحسان.
هل جاءكم خبر القوم الذين تقدموا،
وتركوا ذكرةً للعالمين عجيبة.
تمسكت أمور قرطاج، فارتبطت،
ففيها السفن وأصبح حبلها معقداً.
والحرب في لهيب، والقوم في معركة،
قد أحدث عصف الموت فوقهم.
ومع أن لهم أسباباً للفرح والسرور،
لَو أنَّ أجفانهم كانت لها حكاية.
هنا الطاقات جادَت بما تخبئه،
فاكتفت بما لم تبخل به.
قصَّت غدائر الشعر، واستحقت سفناً،
وأنقذت وطناً واستعادت عزة.
رأت جمالها على الأوطان فابتهجت،
ولم تشعر بالندم على ما فقدت.
وزادها ذلك حسناً وهي خالية،
فازدادت مجداً بين من خاضوا الحرب أو ركبوا الأمواج.
برثن يُخاطب الفخر، بلّل الدهر والزمان،
قضى في الأسر مدة، ثم قالوا له،
“ألا حان أن تفدي المجد والمظاهر؟”
فقال وأوضح “إنّا رجالٌ نحتقر المال والنفوذ،
فخذوا القناطير من الذهب، ولا تيأسوا.”
قالوا: حكمت بما لا تستطيع أن تحمله،
فقد نُقدّر حديثك مزاحًا.
بالعلم يبلغ المجد الرفيع
بالعلم تبلغ الأمم أقصى المجد،
فلا رقي لأمة بلا علم.
يا من يُدعى لحضوركم سماع القلوب،
لجودكم شكر كحدائق الربيع.
يستفيد أهل العطاء إن أحسنوا الأهداف،
بالباقيات من النعم والإحسان.
فإن وجدتم كرمًا في غير الفضيلة،
فقد تكون القاتلة بكرم.
معاهد العلم من يسخا؛ فيعمرها،
يبني منارات للمستقبل.
وكل حجر توضع في مدارس،
ستبقى نبراسًا لشعوبها.
شتان بين بيتٍ يستجدي به،
قوى الشعوب وبيتٍ ينقذ ضياعه.
لم يُرهق الشرق إلا عيشه المرير،
والجهل راعيه، والشعوب مثل الغنم.
حسب ذلك ما مضى من غفلةً،
آن له وقت البعث من العدم.
اليوم يمنع من ورد ظمأ،
من ليس باليقظ المستبصر الفهم.
اليوم يحرم أقل رزقٍ طلبه،
فاعمل الفكر ولا تُحرموا الفرصة.
والجمع كالفرد؛ من فاتته معرفة،
استمع إلى غاشيات الظلم والظلم.
تعلموا العلم؛ فلن تدم لكم قامة،
ولا مفر من الآفات والغموم.
ربوا أولادكم، فقد صرنا إلى زمنٍ،
تطاير فيه الناس مثل النسور.
إن مشيتم زحفا؛ فلا كرات مقبلة،
منكم قادنا وما منجاة بعد.
يا روحًا أشرف من فداء وطنه،
بموته بعد جهدٍ وعناء.
كانني أراكم في البلاد مرفرفين،
بتجاهلنا، وكأن الصوت لم ينطق.
ففي أذاننا ما كنت تلقين،
في مثل مقامنا من طيب القول.
وفي القلوب اهتزاز من نورك وقد،
جلاه أنوار البرق في الليل.
أوصينا بتراثٍ نمت صاحبته،
عتبه اضطرارًا وعين الزمان لم تنم.
سمعاً وطاعةً بلا ضعف ولا ملل،
لمن يستجاب له الصوت من القدم.
الدار زاهرة كالعهد، العامرة،
والقوم عندهم حسن الظن بهم.
العلم نور في ظلمة الحياة
العلم نور يهدي في ظلمات الحياة،
يوضح لنا الأمور.
فكم ذليل وجد به اعتزازًا،
وكم محزون وجد به سرورًا.
يعزز العقول هدىً ورشادًا،
ويرتفع بالنفوس شعورًا.
إذا ما كانت في بلدانهم أناسٌ،
ولم بنوا للعلم بيوتًا.
فإن ثيابهم كأكفان موتى،
وما بيوتهم إلا قبورٌ.
وحَق لمثلهم العيش ضنك،
وأن يدعوا دنيتهم ثبورًا.
أرى لب العلا أدبًا وعلمًا،
بغيرهما العلا أصبحت قشورًا.
أأبناء المدارس؟ إن نفسي،
تؤمل فيكم الأمل الكبير.
فسقيا للمدارس؛ من جنات،
قد نبتت منكم زهورًا.
ستكتسب البلاد بكم علواً،
إذا وجدت لها منكم سندًا.
فإن دجت الخطوب بين الجانبين،
طلعتُم في دجنتها أقمرا.
وأصبحتم بها حصنًا للعزة،
وكنتم حولها سورًا للمجد.
إذا ارتوت البلاد بفيض علم،
فيكون عجز أهلها قد أضحى قيادًا.
ويقتوى من يكون بها ضعيفًا،
ويغتني من يعيش بها فقيرًا.
لكن ليس منتفعًا بعلمٍ،
أتت من غير إنشاء الشخصية.
فإن عماد بيت المجد خلق،
حكى بشمخته عبيرًا.
فلا تستفيدوا من التعليم إلا،
إذا هذبتمو الطبع الشرير.
إذا ما العلم متجملًا بحسن خلق،
فإنه يفتح للأهل خيراً كثيراً.
ومتى فاز أغزرنا علومة،
فاز الأكثر عنايةً.
أأبناء المدارس، هل تستمعون،
إلى من تسألون عنه خبيرا؟
إلا هل تسمعون؟ فعندي،
حديثًا عن ماضيكم خطيرًا.
ورأي في تعاونكم صواب،
وقلبًا من تخاذلكم كسيرًا.
قد تبدل الزمان بنا، فقد ونحت،
بكثير من الأمم نتجاوز.
وساء خطر الأيام حتى،
حمدنا السكون والأمان.
وكم من فأرة عمياء أصبحت،
تتنادى عندنا كأسدٍ شديد.
فكيف نتأمل في الأوطان عزًا،
وما سوء مصيرها باقٍ.
ولم يكن بعضنا لبعض،
على ما حدث من هموم ظاهرة.
ألسنا المنظمين لعقود المجد،
نزين بها العصور والأقوام؟
إذا ازدادت الخطوب على بنين،
غمروا فيها بعزائم.
لتسطروا أسماءكم بالمجد
بقوة العلم ترتفع الأمم،
لأن الحكم في الدهر منسوب للقلم.
كم بين ما تقوله الأسياف من جروح،
وبين ما تُنتجه الأقلام من حكم.
لو أنصفتهم، لكان الفضل بينهم،
بقلم قد في المداد، لا في سفك الدم.
فاعكف على العلم؛ ستحقق في منزلة،
محفوفة بالعز والكرم.
فليس يجني ثمار الفخر، من يقطف،
فقط صادق الهمم.
لو لا تداول الأفكار، ما بكينا،
خزائن الأرض بين السهل والعلم.
كم أمةٍ طوت أشباحها، ونفذت،
وأرواحها تعيش في عالم الكلم.
فانظر إلى الأهرامات تلك، تجد،
غرائب لا تراها النفس في الحلم.
صرحان؛ ما جرت الأفلاك إلا،
على مشابهةٍ في الشكل والعظم.
تشمل حكمًا غامضة، قد غابت،
لكنها حقائق باقية باقية.
قومٌ طوتهم يد الأيام، لذلك ارتقوا،
وذكرهم لا يزال حيًا.
فكم بها صور كادت تخاطبنا،
بصوتٍ بلا لسانٍ ناطق.
تعدل “هرمس” آيات تدل على،
فضلٍ عظيمٍ، ومجدٍ راسخٍ.
آيات فخرٍ، ظهر نورها،
فغدت مذكورةً بلغة العرب والعجم.
وتألق بينهما لهبٌ متجهٍ،
للشرق، يراقب مسار النيل من الأمم.
وكأنه ينتظر وثبته، مستعدًا،
ليرعى غنيمته، لم يغفُ.
رمزٌ يدل على أن العلوم إذا،
جالت بمصر؛ من السكون أخرجت.
فاستيقظوا يا أبناء الأوطان، وانتصبوا،
للعلم فهو مدار العدل في الوقت.
ولا تظنوا ازدهار المال، واعتبروا،
فالعلم أفضل ما يعتز به ذو النفس.
فالجاهل محتقر، ورغم ذاك،
فالعالم محترمٌ وكريم.
شيدوا المدارس؛ فهي غرسٌ، إن على،
أفنانها أثمرت من النعم.