زدني بتعاظم الحب فيك تحيّراً
زدني بتعاظم الحب فيك تحيّراً
وارحم حشاً مشتعلاً بسبب هواك
وإذا سألتك أن أراك حقيقة
فاسمح لي ولا تجعل جوابك “لن ترى”.
يا قلبي، أنت قد وعدتني في حبّهم
صبراً، فاحذر أن تضيق أو تتضجر.
إن الغرام هو الحياة، فمت بأسى
فحقك أن تموت وتُعذر.
قل للذين تقدموا قبلي ومن
بعدي ومن أصبح يشهد أشجاني
عني خذوا وبي اقتدوا ولي استمعوا
وتحدثوا بصبابتي بين الورد.
ولقد جلست مع الحبيب وبيننا
سر أرقّ من النسيم إذا سرى.
وأعطت عيني نظرة طمحتها
فغدوت معروفاً وكنت منكراً.
فدهشت بين جماله وجلاله
وغدا لسان الحال عني مخبراً.
فأدر لحاظك في محاسن وجهه
تلقَ جميع الحسن فيه مصوّراً.
لو أن كل الحسن يكمل صورة
ورآه كان مهللاً ومكبراً.
شربنا على ذكر الحبيب مدامة
شربنا على ذكر الحبيب مدامة
سكرنا بها قبل أن يُخلق الكرم
لها البدر كأس وهي شمس تديرها
هلال، وكم يبدو إذا مزجت نجماً.
ولولا شذاها ما اهتديت لحانها
ولو لا سناها ما تصوّرتها الوهم.
ولم يُبْقِ منها الدهر غير حُشاشة
كأن خفاها في صدور النُهى كتم.
فإن ذكرت في الحي أصبح أهله
نشوان ولا عار عليهم ولا إثم.
ومن بين أحشاء الدنان تصاعدت
ولم يبقَ منها في الحقيقة إلا اسم.
وإن خطرَت يوماً على خاطر امرئ
أقامت به الأفراح وارتحل الهم.
ولو نظر النادمان ختم إنائها
لأسكرهم من دونها ذلك الختم.
ولو نضحوا منها ثرى قبر ميت
لعادت إليه الروح وانتعش الجسم.
ولو طرحوا في فئة حائط كرمها
عليلاً وقد أشفى لفارقه السقم.
ولو عبقت في الشرق أنفاس طيبها
وفي الغرب مزكوم لعاد له الشم.
ولو خضبت من كأسها كف لامس
لما ضل في ليل وفي يده النجم.
ولو جليت سراً على أكمه غداً
بصيراً ومن راوٍ وقها تسمع الصم.
ولو أن ركباً يتجه نحو أرضها
وفي الركب ملسوع لم يضرّه السم.
ولو رسم الرقي حروف اسمها على
جبين مصاب جن أبرأه الرسم.
ويكرم من لم يعرف الجود كفه
ويحلم عند الغيظ من لا له حلم.
يقولون لي: صفها فأنت بوصفها
خبير، أجل إن عندي بأوصافها علم.
صفاء ولا ماء ولطف ولا هواً
ونور ولا نار وروح ولا جسم.
فلا عيش في الدنيا لمن عاش صاحياً
ومن لم يمت سكراً بها فاتته الحزم.
على نفسه فليبكِ من ضاع عمره
وليس له فيها نصيب ولا سهم.
قلبي يُحدثني بأنك مُهلكي
قلبي يُحدثني بأنك مُهلكي
روحي فداك، عرفت أم لم تعرف.
لم أقضِ حق هواک إن كنت الذي
لم أقضِ فيه أسى ومثلي من يفي.
ما لي سِوى روحي، وباذل نفسِه
في حب من يهواه ليس بمسرف.
فلئن رضيت بها فقد أسعفتني
يا خيبة المسعى إذا لم تسعف.
يا مانع طيب المنام ومانح
ثوب السقام به ووجد المتلف.
عطفاً على رمقي وما أبقيت لي
من جسمي المضنى وقلبي المدنف.
فالوجد باقٍ والوصال مماطلي
والصبر فانٍ واللقاء مسوّف.
لم أخلُ من حسد عليك فلا تُضع
سهري بتشنيع الخيال المرجف.
واسأل نجوم الليل هل زار الكرى
جفني وكيف يزور من لم يعرف.
لا غرو إن شحت بغمض جفونها
عيني وسحّت بالدموع الدرف.
فلعل نار جوانحي بهبوبها
أن تنطفئ وأود أن لا تنطفئ.
يا أهل ودي، أنتم أملي ومن
ناداكم يا أهل ودي قد كفي.
عودوا لما كنتم عليه من الوفا
كرماً فإنني ذلك الخل الوفي.
وحياتكم، وحياتكم قسماً وفي
عمري بغير حياتكم لم أحلف.
لو أن روحي في يدي ووهبتها
لمبشري بقدومكم لم أنصف.
لا تحسبوني في الهوى متصنعاً
كلفي بكم خلقٌ بغير تكلف.
أخفيت حبكم فأخفاني أسى
حتى لعَمري كدت عني أختفي.
أنت القتيل بأيّ من أحببته
فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي.
قل للعذول: “أطلت لومي طامعاً”
أن الملام عن الهوى مستوقف.
دع عنك تعنيفي وذق طعم الهوى
فإذا عشقت فبعد ذلك عنفِ.
برح الخفاء بحب من لو، في الدجى
سفر الِلتّلامَ لقلت يا بدر اختفِ.
وإن اكتفى غيري بطيف خياله
فأنا الذي بوصوله لا أكتفي.
أو كان من يرضى بخدي موطئاً
لو وضعته أرضاً ولم أستنكف.
غلب الهوى فأطعت أمر صبابتي
من حيث فيه عصيت نهى معني.
مني له ذل الخضوع ومنه لي
عز المنعم وقوة المستضعف.
ألف الصدود ولي فؤاد لم يزل
مذ كنت غير وداده لم يألف.
كل البدور إذا تجلى مقبلاً
تصبو إليه وكل قد أهيف.
فالعين تهوى صورة الحسن التي
روحي بها تصبو إلى معنى خفي.
إن زار يوماً يا حشاي تقطعي
كلفاً به أو سار يا عين اذرِفي.
ما للنوى ذنبٌ ومَنْ أهوى معي
إن غاب عن إنسان عيني فهو في.
صدُ حمى ظمئي
صدّ حمى ظمئي لماك لماذا
وهواك قلبي صار منه جذاذا.
إن كان في تلفي رضاك صبابة
ولك البقاء وجدت فيه لذاذا.
كبدي سلبت صحيحة فامنن على
رمقي بها ممنونة أفلاذا.
يا رامياً يرمى بسهم لحاظه
عن قوس حاجبه الحشا إنفاذا.
أنّى هجرتَ لهجري واشٍ بي كمن
في لومه لؤمٌ حكاه فهاذا.
وعليّ فيك من اعتدى في حجره
فقد اغتدى في حجره ملاذ.
غير السلو تجده عندي لائمي
عمّن حوى حسن الورى استحواذا.
ياما أميلحه رشاً فيه حلا
تبديله جالي الحلي بذاذا.
أضحى بإحسان وحسن معطياً
لنافع، ولأنفسٍ أخذاذا.
سيفاً تسل على الفؤاد جفونه
وأرى الفتور له بها شحاذا.
فتكاً بنا يزداد منه مصوراً
قتلي مساور في بنييزدادا.