يُعتبر علم الصرف من الفروع الأساسية للغة العربية على مر العصور، حيث حظي باهتمام كبير من قبل العلماء والمختصين في اللغة. وقد أُطلق عليه بعض الباحثين لقب علم التصريف.
مصدر هذه التسمية يعود إلى التفسير القرآني الذي ورد في قوله تعالى “وتصريف الرياح”. في هذه المقالة، سنتناول أهمية علم الصرف ومصادره.
تعريف علم الصرف
- علم الصرف يعد فرعًا رئيسيًا من فروع اللغة العربية، وقد حظي باهتمام كبير من العلماء على مختلف العصور.
-
يمكن تعريف علم الصرف اصطلاحياً بأنه ذلك العلم الذي يتناول دراسة تحويل الفعل الماضي أو أصل الكلمة إلى أبنية متنوعة.
- وذلك فيما يخص حالة الكلمة وتركيبها، مثل اسم الفاعل واسم المفعول.
- يشمل هذا العلم دراسة عدد الحروف والتشكيل، لتحقيق المعنى الدقيق الذي تُعبر عنه الكلمات، ولا يتحقق ذلك إلا من خلاله، كما يُعرف أيضاً بأنه علم حال بناء الكلمة التي ليست مبنية أو معربة.
مؤسس علم الصرف
- تشير المصادر اللغوية إلى أن تأسيس علم الصرف يعود لأحد علماء اللغة البارزين من الكوفة، لكن لم يُعرف اسمه بشكل واسع إذ اندثر ذكره، وهو معاذ بن مسلم.
- كان يُعرف بأبي مسلم، وقد عُرف بلقب الهراء بسبب مهنته في بيع الأقمشة القادمة من هرات. وُصف بأنه راوٍ للحديث، وأديب، ونحوي.
وقد أشار الشاعر سهل بن أبي غالب الخزرجي إلى شهرة معاذ بن مسلم وطول عمره في قول:
إن معاذ بن مسلم رجل
ليس لميقات عمره أمد
قد شاب رأس الزمان واكتمل
الدهر وأثواب عمره جدد
قل لمعاذ إذا مررت به
قد ضج من طول العمر الأمد
توفي معاذ بن مسلم عام 187 هـ.
القواعد الصرفية في اللغة العربية
الكلمات الخاضعة لقواعد الصرف يمكن تصنيفها إلى نوعين: الأفعال المُتصرفة، والتي تتغير صيغتها، والأسماء المُعربة.
تعريف الأسماء المُعربة
الأسماء المُعربة هي تلك التي تتغير نهاياتها بحسب موقعها في الجملة، سواء كانت مرفوعة أو منصوبة أو مجرورة. علامات الإعراب تُقسم إلى نوعين:
- العلامات الأصلية التي تشمل الضمة، الفتحة، والكسرة.
- العلامات الفرعية والتي تشمل الألف، الواو، والياء، ويتضمن ذلك استخدام الكسرة بالنيابة عن الفتحة في جمع المؤنث السالم.
جديرٌ بالذكر أن جميع الأسماء مُعربة باستثناء:
الضمائر
- (أنا، نحن، أنت، أنتِ، أنتما، أنتن، أنتم، هو، هي، هما، هن، هم).
أسماء الإشارة
- (هذا، هذه، هذان، هاتان، هؤلاء).
الأسماء الموصولة
- (الذي، التي، اللذان، اللتان، اللائي، اللاتي).
ظرفا الزمان والمكان
- (فوق، تحت، أعلى، أسفل، بين، الآن، صباحًا، مساءًا، ظهرًا، يمينًا، يسارًا، وغيرها من الظروف).
الأسماء المبنية
تشمل الأسماء المبنية أسماء الأفعال، والأعداد المركبة، وأسماء الشرط، وأسماء الاستفهام.
-
الأسماء المُعربة قد تكون إما مرفوعة أو مكسورة أو منصوبة.
- على سبيل المثال الاسم المقصور الذي ينتهي بألف مقصورة، أو الاسم الممدود الذي ينتهي بألف زائدة مع الهمزة مثل جرداء وصحراء.
- بالإضافة إلى الأسماء التي تنتهي بياء أصلية مثل الداعي.
- يمكن تقسيم الأسماء المُعربة أيضًا حسب الجنس إلى مؤنثة ومذكرة.
- أما من حيث العدد، فتقسم إلى مفرد، مثنى (مذكر أو مؤنث)، أو جمع بأنواعه.
تصريف الأفعال
يمثل تصريف الأفعال جانبًا مهمًا من علم الصرف، حيث يساعد على فهم كيفية اشتقاق آلاف الكلمات، بدءًا من الفعل الماضي الذي يعتبر نقطة انطلاق لباقي التصريفات مثل اسم المفعول واسم الفاعل بالإضافة إلى الصفة المشبهة وصياغة المبالغة، مع إمكانية تحويل الفعل من الماضي إلى الأمر أو المضارع.
- أولاً: الفعل الماضي يمكن أن يكون خاليًا من حروف الزيادة، وقد يكون ثلاثيًا أو رباعيًا أو خماسياً أو مزيداً أو مجردًا.
- ثانيًا: يجب أن يكون الفعل ومعموله إما متعديًا أو لازمًا.
- ثالثًا: عند وجود الفعل في الجملة، يصبح معلومًا، أما إذا تم حذفه سواء في جواب أو وجوب، فيصبح مبنيًا للمجهول.
أهمية علم الصرف
علم الصرف يصنف من أبرز فروع اللغويات، وقد حظي بدراسة واهتمام كبير من قبل العلماء عبر العصور. تزايد هذا الاهتمام مع انفتاح الثقافات والحضارات، مما أدى إلى توسيع المفردات المستخدمة في اللغة العربية نطقًا وتركيبًا. تكمن أهمية علم الصرف فيما يلي:
- يسهم في الحفاظ على اللغة من الأخطاء أثناء المحادثات وصياغة الجمل.
- يوضح الفروق بين الأسماء الأعجمية والعربية.
- يمكن الدارسين من التفريق بين معاني الكلمات وأشكالها، والتدقيق في أصل الكلمة والزيادات الموجودة فيها.
- يساعد في التعرف على الضوابط القواعدية الخاصة باللغة، مما يسهل على الدارسين البحث في المعاجم.
- يفتح المجالات لفهم معاني ومفردات القرآن الكريم.
أهمية علم الصرف في اللغة العربية
- يسر على غير الناطقين باللغة العربية من المسلمين تعلم اللغة وتلاوة القرآن.
- مع دخول شعوب غير عربية، بدأ اللحن في القرآن الكريم، وهنا يأتي دور علم الصرف في المحافظة على نقاء القراءة.
- يمكن بكل سهولة تحديد الحروف الأصلية والزيادات في الأفعال والأسماء ومشتقاتها.
- يساعد في تصحيح الأخطاء اللغوية الشائعة، مثلما اعترض أبو الأسود الدؤلي على أحدهم عندما قال “سقطت عصاتي”، ووجهه ليقول “سقطت عصاي” بسبب عدم قابلية التأنيث لكلمة عصا.
-
من أهم وظائف علم الصرف توضيح الدلالات اللفظية، مما يسهل النطق للكلمات.
- كما يُخفف من ثقل الألفاظ، مما يساعد اللغة العربية على الاستمرار على مر العصور مقارنةً باللغات الأخرى.
- من ضمن مميزات علم الصرف تسهيل النطق للكلمات، فهو المسؤول عن تعديل تلك الكلمات الصعبة، مثل كلمة “شدد” لأصلها “شدد”.
- وفقا لعلم الصرف، تم إدغام الحرفين لتيسير النطق، وقد أكد الإمام الزركشي أهمية هذا العلم في كتابه “البرهان في علوم القرآن”، حيث قال: “العلم بالصرف أهم من معرفة النحو في تعريف اللغة”.
- يُعزز علم الصرف اللغة بقواعدها الصرفية وبنياتها الاشتقاقية، مما يسهل على المتحدثين التعبير عن أنفسهم بشكل أدق.
هذا يُظهر كيف أن أسماء الفاعل والمفعول تلعب دورًا رئيسيًا في توضيح الأفعال في الجملة.
الفرق بين الصرف والنحو
- يعكف علمي الصرف والنحو على تكامل بعضهما البعض، ومع التطورات المعرفية واللغوية التي تشهدها الحركة الأدبية والعلمية، بدأ كل علم في التميز تدريجيًا عن الآخر.
- يختص علم النحو بكل ما يتعلق بالأسماء والأفعال من حيث الإعراب والبناء، بينما يركز علم الصرف على دراسة تصريف الأفعال ومشتقاتها والأسماء المعربة.