تُعتبر رفيدة بنت سعد أو كعيبة بنت سعد، المعروفة باسم رفيدة الأسلمية، أول ممرضة في التاريخ الإسلامي. ولدت في المدينة المنورة، وعاشت في أواخر العصر الجاهلي وتWitnessed ظهور الإسلام.
لقد كانت أول جراحة وممارسة للتمريض في الإسلام، حيث عملت في مجال الطب خلال فترات السلم والحرب، وكانت تسعى دائمًا لتدريب أمهات المؤمنين على معالجة الجرحى.
رفيدة الأسلمية: أول ممرضة في الإسلام
- يطلق عليها اسم رفيدة الأسلمية أو الأنصارية، كما يُعرف باسم كعيبة بنت سعد الأسلمية. وتُشير معظم المصادر إلى أنها تنتمي إلى:
- قبيلة أسلم بن أفصي، وهم أبناء إلياس بن مضر، ويعتبرون إخوَة خزاعة من بني مزيقياء.
- ولا زال بعض أفراد تلك القبيلة مقيمين في مكة والمدينة المنورة، مع وجود بعضهم في وادي حجر.
- اسمها “رفيدة” يعني النصيب أو العطية الصغيرة، بينما “كعيبة” هو تصغير لكلمة “كعب”، وهو العظم الموجود خلف القدم.
- وتصفها مصادر أخرى بأنها ابنة سعد الأسلمي، الطبيب الذي علمها فنون الطب.
- وفقًا لما ذكره زهير حمدان في كتابه (أعلام الحضارة العربية الإسلامية)، فإن والدها كان سعد الأسلمي، الطبيب الذي قام بتعليمها.
- في حين أشار صلاح عبد الغني محمد في كتابه (الحقوق العامة للمرأة) إلى أن والدها كان طبيبًا ومُعالجًا لقومه وكاهنًا في منطقة يثرب، وقد كانت رفيدة تساعده قبل أن تعتنق الإسلام.
حياة رفيدة الأسلمية
- لا توجد معلومات كثيرة عن تفاصيل حياتها، لكن المعروف أنها وُلِدت في المدينة المنورة (المعروف سابقًا باسم يثرب).
- عاشت في كنف عائلتها وقبيلتها حتى هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبداية إسلام العديد من الصحابة.
- فقد كانت من أوائل المبايعين للرسول في المدينة.
- كما ذكر ابن سعد البغدادي وابن حبيب أنها استقبلت النبي عند دخوله المدينة، ومن المعروف أن لديها خيمة خاصة لعلاج جرحى المعارك الإسلامية.
- قال ابن حزم الأندلسي: “رفيدة الأسلمية كانت امرأة صالحة تهتم بالمرضى وتعالج الجرحى”.
- شاركت في غزوة الخندق، حيث أُقيمت لها خيمة داخل المسجد النبوي.
- كانت تحتوي على الأدوية والأعشاب والعلاجات اللازمة لمداوة الجرحى.
- خلال هذه الغزوة، أصيب الصحابي سعد بن معاذ بسهم، وتم إدخاله إلى خيمتها للعلاج.
- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر من زيارة خيمة رفيدة للاطمئنان على حالة سعد وغيرهم من الجرحى.
- يقول عاصم بن عمر بخصوص محمود بن لبيد:
- “عندما أصيب سعد، تم نقله إلى المرأة التي تدعى رفيدة، وكان النبي يسأل عن حاله كلما مر بجانبه.”
- قال ابن إسحاق: “أقام رسول الله سعد بن معاذ في خيمة لرفيدة في مسجده لتقديم الرعاية للجرحى، حيث كانت تتولى بنفسها خدمتهم”.
جهود رفيدة في مجال التمريض
- نشأت رفيدة في عائلة لها ارتباط مباشر بمجال الطب، حيث كان والدها سعد الأسلمي طبيبًا ومعلمًا، وقد استفادت منه كثيرًا في التعلم.
- لم يقتصر عملها على مداواة جرحى المعارك مثل غزوة خيبر والخندق، بل كانت طبيبة للمرضى في المدينة المنورة.
- وبالرغم من أن ممارسة الجراحة وبتر الأعضاء عادة ما كانت مقتصرة على الأطباء الرجال، إلا أنها تألقت في هذا المجال، مما أدى إلى إنشاء خيمة خاصة لها في العديد من الغزوات.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بنقل الجرحى إلى خيمتها التي شُبّهت بالمستشفى الميداني.
- ولم تتوقف إسهاماتها عند تقديم الإسعافات، بل كانت سندًا للجند حيث قدمت مسكنًا يحميهم من الظروف الجوية القاسية.
- يشير يوسف الحاج أحمد إلى أن نساء المسلمين المتطوعات لمساعدة الجرحي كن يرافقن زوجة رسول الله في الغزوات، حيث كان النبي يعطيهن الفرصة للاختيار ما بين مرافقة زوجته أو العودة إلى أهلها.
- واشتهرت رفيدة بأسلوبها العظيم في تقديم الرعاية للجرحى خلال عهد النبي.
الدور الحاسم الذي لعبته رفيدة
- أظهرت رفيدة الأسلمية مهارات طبية وإيثار إنساني أثناء السلم والحرب، فهي لم تقدم فقط الرعاية الجسدية بل أيضًا الاجتماعية.
- كانت تعتني بالأيتام والأطفال المحتاجين، كما لم تغفل الأسر الفقيرة وذوي الاحتياجات الخاصة.
- عملت على تدريب العديد من النساء على مجالات الطب والرعاية الصحية، ومن بينهن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر.
- وصف محمد حامد محمد كيفية دخول رفيدة إلى ساحة المعركة لإنقاذ الجرحى، حيث كانت تأخذ معهم كافة مستلزماتها وأدواتها.
- ساهمت في تشكيل فريق مكون من ممرضات لكي تقوم بتوزيع المهام فيما بينهن، وكانت على ثقة كبيرة بإمكاناتها.
- حرصت على وقف النزيف عندما تم إصابة سعد بن معاذ، لكنها لم تنزع السهم حتى لا يتزايد النزيف.
- نظراً لثروتها، كانت تنفق من مالها الخاص وقيل إنها تمتلك أول خيمة طبية في التاريخ.
التطورات في مجال التمريض الإسلامي
- لقد عرب الإسلام المرأة وخلع عليها أهمية في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية، حيث شاركت في العديد من المجالات، وكانت عنصرًا فاعلًا داخل الأسرة.
- عدّت المرأة شريكة رئيسية للرجل في مختلف الأبعاد الاجتماعية، وعندما كانت مهنة الطب محصورة بالرجال قبل الإسلام، كانت مقتصرة على الطب الشعبي التقليدي.
- بفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أُدخلت المرأة في مهنة التمريض، والتي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من العمل الاجتماعي.
- برزت مهنة التمريض النسائي بشكل كبير منذ تلك الفترة، حيث مارست النساء مهنة التمريض بفنّ ومهارة، خاصة خلال الحروب الإسلامية.
- من بين الممرضات المشهورات آنذاك: الشفاء بنت عبد الله، أسماء بنت عميس، عائشة بنت أبي بكر، أميمة بنت قيس الغفارية، ونسيبة بنت كعب المازنية.
استمرار انعكاسات اسم رفيدة الأسلمية
- في عام 2016، تأسست في الرياض جمعية رفيدة لصحة المرأة، وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى تحسين صحة المرأة.
- كما توجد جمعية رفيدة للمرأة الرائدة جنوب المغرب، المرتبطة بمنتدى الزهراء للمرأة المغربية.
- قد أُطلق اسم رفيدة على العديد من المدارس في السعودية والكويت ومصر والأردن وفلسطين.
- تأسست كلية رفيدة الأسلمية للتمريض والقبالة في الأردن عام 1991، وتم ضمها في عام 2012 إلى معهد المهن الطبية المساندة في عمان.
- تحمل الآن اسم كلية رفيدة الأسلمية للتمريض والقبالة والمهن الطبية المساندة، حيث انضم إليها حوالي 730 طالبة وطالب في عام 2013.
- كما تم تسمية مبنى كلية القبالة والتمريض في جامعة الأغا خان في باكستان باسمها أيضًا.
- في عام 1978، قررت جامعة الدول العربية منح جائزة رفيدة الأسلمية لأوائل خريجي مدارس ومعاهد التمريض في الدول العربية.
- كما خصصت المنظمة العربية للهلال الأحمر جائزة وسام رفيدة الأسلمية للمتفوقين في الجمعيات الوطنية العربية.
رفيدة: أول ممرضة في التاريخ
- تشير بعض السجلات إلى فلورنس نايتينجيل كرائدة التمريض الحديث، لكن رفيدة الأسلمية كانت تمارس مهنة التمريض منذ عام 620 ميلادية.
- أسست هذه المهنة في الإسلام قبل نحو 1200 عام من فلورنس نايتينجيل، مما يؤكد أنها كانت الرائدة في مجال التمريض الإسلامي.
- بجانب ذلك، اعتبرت الممرضة العسكرية الأولى والجراحة الأولى في العصر الإسلامي.
- كذلك، يشار إلى أبقراط بوصفه مؤسس البيمارستانات عبر العصور، بينما الخليفة الوليد بن عبد الملك أنشأ أول بيمارستان كامل في التاريخ الإسلامي.
- كان يهدف هذا البيمارستان لعلاج العميان والمجذومين في عام 706 ميلادي (88 هجري). ومع ذلك، فإن خيمة رفيدة التي أعدها رسول الله في غزوة الخندق تُعتبر الأولى من نوعها في التاريخ الإسلامي.