نشيد الجبار
سأعيش رغم الألم والأعداء،
كالنسور فوق القمة الشماء.
أرنو إلى الشمس المضيئة هازئاً،
بالسحب، والأمطار، والأنواء.
لا أرمق الظل الكئيب ولا أرى،
ما في قرار الهوة السوداء.
وأسير في دنيا المشاعر حالماً،
غرِداً – وتلك سعادة الشعراء.
أُصغي لموسيقى الحياة، ووحيها،
وأذيب روح الكون في إنشائي.
وأصيخ للصوت الإلهي، الذي،
يحيي في قلبي ميت الأصوات.
وأقول للقَدَر الذي لا ينثني،
عن حرب آمالي بكل بلاء.
لا يطفئ اللهب المؤجّج في دمي،
موج الأسى، وعواصف الأرزاء.
فاهدم فؤادي ما استطعت، فإنه،
سيكون مثل الصخرة الصماء.
لا يعرف الشكوى الذليلة والبكاء،
وضراعة الأطفال والضعفاء.
ويعيش جبّاراً يحدق دائماً،
بالفجر.. بالفجر الجميل النائي.
املأ طريقي بالمخاوف، والدجى،
وزوابع الأشواك، والحصباء.
وانشر عليه الرعب، وانثر فوقه،
رجم الردى، وصواعق البأساء.
سأظل أمشي رغم ذلك، عازفاً،
قيثارتي، مترنماً بغنائي.
أمشي بروح حالمة، متوهجة،
في ظلمة الآلام والأدواء.
النور في قلبي وبين جوانحي،
فعلام أخشى السير في الظلماء؟
إنّي أنا الناي الذي لا تنتهي،
أنغامه، ما دام في الأحياء.
وأنا الخضم الرحب، ليس تزيده،
إلا حياة سطوة الأنواء.
أما إذا خمدت حياتي، وانقضى،
عمري، وأخرست المنية نائي.
وخبا لهيب الكون في قلبي الذي،
قد عاش مثل الشعل الحمراء.
فأنا السعيد بأنني متحول،
عن عالم الآثام والبغضاء.
لأذوب في فجر الجمال السرمدي،
وأرتوي من منهل الأضواء.
وأقول للجمع الذين تجشموا،
هدمي وودوا لو يخرب بنائي.
ورأوا على الأشواك ظلي هامداً،
فتخيلوا أنني قضيت ذمائي.
وغدوا يشبون اللهيب بكل ما،
وجدوا، ليشوا فوقه أشلائي.
ومضوا يمدّون الخوان، ليأكلوا،
لحمي، ويرتشفوا عليه دمي.
إنّي أقول لهم ووجهي مشرق،
وعلى شفاهي بسمة استهزاء:
إن المعاول لا تهدّ مناكبي،
والنار لا تأتي على أعصائي.
فارموا إلى النار الحشائش والعبوا،
يا معشر الأطفال تحت سمائي.
وإذا تمردت العواصف، وانتشى،
بالهول قلب القبة الزرقاء.
ورأيتموني طائراً، مترنماً،
فوق الزوابع، في الفضاء النائي.
فارموا على ظلي الحجارة، واختفوا،
خوف الرياح الهوج والأنواء.
وهناك في أمن البيوت، تدارسوا،
عُثّة الحديث، وميّت الآراء.
وترنّموا ما شئتم بشتائمي،
وتجاهَروا ما شئتم بعدائي.
أما أنا فأجيبكم من فوقكم،
والشمس والشفق الجميل إزائي.
من جاش بالوحي المقدس قلبه،
لم يحتفل بفداحة الأعباء.
ألا أيها الظالم المستبد
ألا أيها الظالم المستبد،
حبيب الظلام، عدو الحياة.
سخرت بأنات شعب ضعيف،
وكفك مخضوبة من دمائه.
وسرت تشوّه سحر الوجود،
وتبذر شوك الأسى في رُباه.
رويدك! لا يخدعنك الربيع،
وصحو الفضاء، وضوء الصباح.
ففي الأفق الرحب هول الظلام،
وقصف الرعود، وعصف الرياح.
حذار! فتحت الرماد اللهيب،
ومَن يَبذر الشوك يجني الجراح.
تأمل! هناك أنّى حصَدت،
رؤوس الورى وزهور الأمل.
ورويت بالدم قلب التراب،
وأشربته الدمع حتى ثمل.
سيجرفك السيل، سيل الدماء،
ويأكلك العاصف المشتعل.
أيها الحب أنت سر بلائي
أيها الحب أنت سر بلائي،
وهمومي، ورععتي، وعنائي.
ونحولي، وأدمعي، وعذابي،
وسقامي، ولوعتي، وشقائي.
أيها الحب أنت سر وجودي،
وحياتي، وعزتي، وإبائي.
وشعاعي ما بين دجور دهري،
وأليفي، وقُرَّتي، ورجائي.
يا سلاف الفؤاد! يا سمَّ نفسي،
في حياتي، يا شدتي! يا رخائي!
ألهيبٌ يثور في روضة النفس،
أم أنت نور السماء؟
أيها الحب قد جرعت بك الحزن،
كؤوساً، وما اقتنصت ابتدائي.
فبرح حق الجمال، يا أيها الحب،
حنانك بي! وهوّن بلائي.
ليت شعري! يا أيها الحب، قل لي:
من ظلام خلقت، أم من ضياءِ؟