أهمية ضبط اللسان في الإسلام

حفظ اللسان

يتطلب الحديث عن أهمية حفظ اللسان في الإسلام توضيح التعريف المقصود بحفظ اللسان، حيث إن:

  • يعتبر اللسان من النعم العظيمة التي منحها الله سبحانه وتعالى للإنسان، فهي ليست فقط للأكل والشرب، بل أيضًا للتعبير عن الأفكار والمشاعر، والتواصل مع الآخرين.
  • لذا، فإن حفظ اللسان يعني أن يتحدث الإنسان بكلام الخير، وأن يتحلى بالعبارات الطيبة، مع الابتعاد عن القول القبيح أو أي حديث قد يسيء للآخرين أو يسبب لهم الأذى.
  • وينبغي أن يتجنب الفرد أيضًا الغيبة والنميمة والأحاديث غير المرغوبة، التي تتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي وأخلاق المجتمع.
  • والمسلم مسؤول أمام ربه عن كل كلمة ينطق بها، حيث وضع الله تعالى ملائكة لرصد كل ما يصدر عنه، ليحاسب عليه في الآخرة.
  • تتنوع آفات اللسان، ويجب على المسلمين الحذر منها مثل الغيبة والنميمة والشهادة الزور، والكلام الذي لا يعود عليه بفائدة، فضلاً عن الكذب وسب الآخرين وذمهم، وأيضاً نشر الفتنة والثناء على الذات بما ليس في الحقيقة.

أهمية حفظ اللسان في الإسلام

  • أمر الله تعالى المؤمنين بالحفاظ على ألسنتهم من كل سوء، حيث دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك، مشيراً إلى أن عواقب عدم حفظ اللسان قد تكون العقاب والهلاك. لذا، عند التطرق إلى أهمية حفظ اللسان في الإسلام، نجد النقاط الآتية:
  • يعد حفظ اللسان من الأمور التي تُرضي الله عز وجل، وعلى كل مسلم مؤمن يسعى لنيل رضا الله الرحمن الرحيم أن يسعى لحفظ لسانه، والتركيز على ذكر الله للابتعاد عن لغو الحديث.
  • يساهم حفظ اللسان في إنقاذ الإنسان من نار جهنم، ويجنبه عذابها الذي قد يكون نتيجة لكلمات ينطق بها.
  • من فوائد حفظ اللسان أيضًا أن الفرد لا يتفوه بكلام كاذب أو يسيء إلى الآخرين، حيث إن الأحاديث السيئة تؤدي غالبًا إلى القلق والصراعات بين الناس.
  • لقد روى معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قال: (يا رسول الله، هل سنحمل وزر ما نقول؟ قال: وهل يُكَبُّ الناسَ على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم).
  • كما يُعتبر حفظ اللسان من أنواع الصدقات، حيث ورد عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصدقة، صدقة اللسان)، وفسرها بقوله: الشفاعة للإنسان، وإحسانه إلى الآخرين.
  • عدم إلقاء الشخص نفسه في المهالك وتجنب جلب الشقاء لنفسه بكلماته يبرز أيضًا أهمية حفظ اللسان، لذا ينبغي الحذر من الكلام حتى إذا كان مباحًا.
  • يعتبر حفظ اللسان أحد عوامل الاستقامة الإيمانية، وهو أساس صلاح القلب وبقية جوارح الجسم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يَسْتَقِيمُ إيمانُ عبدٍ حتى يَسْتَقِيمَ قلبُهُ، ولا يَسْتَقِيمُ قلبُهُ حتى يَسْتَقِيمَ لسانُهُ).
  • يظهر حفظ اللسان أيضًا على أنه دلالة على إسلام الشخص وحسن سيرته، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مِن حُسنِ إسلامِ المرءِ تركَه ما لا يَعنيه).
  • بالإضافة إلى ذلك، يعد حفظ اللسان من الأمور التي تعزز درجات المؤمن عند الله، وتعيده إلى الخيرات في يوم الدين، كما قال الرسول: (إنَّ في الجنَّةِ غُرفًا يُرَى ظاهرُها من باطنِها وباطنُها من ظاهرِها، لمن أطاب الكلامَ وقدم العون للناس وخدمهم في الليل والناس نيام).

حفظ اللسان في القرآن الكريم

تشمل آيات القرآن الكريم دعوات عديدة للمسلمين لحفظ اللسان، وقد وضحت أهمية ذلك، ومن ضمن تلك الآيات:

  • قال الله تعالى في سورة ق الآية 18: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، كما أوضح ابن كثير أن كل ما يخرج من فم الإنسان ستحاسب عليه.
  • حيث أوجد الله تعالى مراقبين لكل إنسان لرصد أقواله، فلا شيء يمر دون أن يُسجل، كما استشهد بما ورد في سورة الانفطار الآيات 10-12: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ. كِرَامًا كَاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ).
  • كما أشار الشنقيطي إلى أن الآيات تعني أن لكل إنسان ملك ينطق بأقواله، وتحتفظ بكل كلمة تُنطق.
  • أيضًا من الأدلة القرآنية قوله تعالى في سورة إبراهيم الآية 24-27:
    • (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء. تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ. يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ).

حفظ اللسان في السنة النبوية

وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على حفظ اللسان ومنعه من الحديث إلا في الأوقات الضرورية، لتفادي الضرر على النفس والآخرين. وأبرز مبادئ الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن ما يلي:

  • عن أبي موسى الأشعري قال: (سألتُ: أيُّ المسلمين أفضلُ؟، قال: “مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدِهِ).
  • وكما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت)، وقد أوضح النووي في شرحه أهمية الكلام المفيد والذي يحقق الأجر.
  • وإذا لم يكن هناك فائدة، ينبغي على الفرد الامتناع عن الكلام إن كانت كلماته قد تضر أو تثير الجدل، كما أشار ابن عبد البر إلى أهمية الالتزام بالصمت وإدراك أن قول الخير هو أفضل.
  • أيضًا، روى معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال لرسول الله: “أخبرني بعمل يوصلني للجنة ويباعدني عن النار”، فأجابه النبي بأسس الإسلام وبعض الأمور الأخرى، ثم قال: “ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟” ثم اختار لسانه وقال: “كف عليك هذا”، وأجابه معاذ: “يا نبي الله، هل سنحمل وزر ما نتحدث به؟”، فقال: “ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يُكَبُّ الناسَ في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم”.
  • وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه).
  • عن سهل بن سعد قال: (قل: من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة).

آفات اللسان

الكذب

  • يعد الكذب من أخطر آفات اللسان، حيث يؤدي إلى فقدان الثقة والاحترام من الآخرين، بالإضافة إلى خلق أجواء من الشك والريبة.

الغيبة والنميمة

  • تمثل الغيبة والنميمة آفات سامة تؤثر سلبًا على العلاقات وتسبب الفرقة والفتنة بين الناس. تحتاج هذه الآفات إلى تفكير وتحليل سيء للنية، مما يؤدي إلى تشويه صورة الشخص أمام الآخرين.

إفشاء الأسرار

  • إفشاء الأسرار يعكس عدم احترام للخصوصية وقد يؤدي إلى انهيار الثقة بين الأفراد، لذا من الضروري أن يتحلى الشخص بالاحترام للخصوصية.

السب واللعن

  • تعتبر ممارسة السب واللعن من السلوكيات السلبية التي تؤدي إلى انعدام الوئام وزيادة التوتر بين الأفراد.

الكلام فيما لا يعني

  • هذا النوع من الكلام يشمل القضايا العشوائية وغير المفيدة، مما يؤدي إلى إهدار الوقت والخلق من الفوضى.

المراء والجدال

  • ينبغي تجنب الجدال العقيم، حيث إنه يسبب الاحتقان والتوتر في العلاقات.

فوائد حفظ اللسان

تتمثل فوائد حفظ اللسان في العديد من الجوانب الإيجابية، منها:

السعادة في الدنيا

  • يساعد حفظ اللسان في خلق بيئة إيجابية وصحية في الحياة، ويسهم في تجنب النزاعات والخلافات.

النجاة في الآخرة

  • يعكس حفظ اللسان أحد العوامل المهمة في العبادات الإسلامية، حيث يساعد على تجنب المعاصي ويساهم في تحقيق رضا الله تعالى.

حفظ الأوقات فيما يجلب الخير للناس

  • من خلال حفظ اللسان، يستثمر الفرد وقته في الأنشطة المثمرة والمفيدة، كالمشاركة في الأعمال الخيرية ومساندة المحتاجين.

كيفية حفظ اللسان

يمكن لشخص أن يحفظ لسانه من خلال السيطرة على الكلمات والتعبيرات، ومن ضمن هذه الطرق:

  • التفكير قبل التحدث:

    • ينبغي التفكير جيدًا قبل التحدث لتفادي الكلمات السلبية أو غير الملائمة.
  • تجنب النقد اللاحق:

    • لا يجب عقب الكلام توجيه النقد غير المبرر، لما له من أثر سلبي على الآخرين.
  • التفكير قبل الرد:

    • قبيل الرد على موقف معين، من المهم التفكير لعدم الانزلاق في ردود فعل عاطفية.
  • الابتعاد عن الجدالات العقيمة:

    • احرص على تجنب المشاركة في الجدالات التي لا تؤدي إلى الفائدة.
  • التحدث بالحقيقة والوضوح:

    • من الأفضل السعي دائمًا للتعبير بوضوح ودقة، مما يساعد في بناء الثقة مع الآخرين.
  • الاستماع بتركيز:

    • عند الاستماع للآخرين يجب أن يكون الشخص متفانيًا في قوة التركيز.

أسئلة شائعة حول أهمية حفظ اللسان

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *