تعتبر بر الوالدين من أبرز القيم الاجتماعية والدينية التي دعا إليها الإسلام، حيث يُعتَبَر الوالدان محور الحياة، ونعلم أن رضا الله سبحانه وتعالى يتطلب رضا الوالدين.
أهمية بر الوالدين
- يحرص الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم على توضيح مكانة الوالدين وأهمية برهما كأحد أعظم الأعمال التي يجب أن نلتزم بها للحصول على رضاهما وعدم عصيانهم.
- إن الاهتمام بالوالدين وتلبية احتياجاتهما ينعكس إيجابيًا على حياتنا؛ إذ إن دعواتهم مستجابة، مما يؤثر بشكل مباشر على تسهيل أمور حياتنا.
- تعد المعاملة الطيبة للوالدين والابتعاد عن كل ما يزعجهما من أفضل الأعمال، حيث إن طاعتهما تُعتبر طاعة لله ورسوله.
- كما أن الحياة تحتاج دومًا إلى من يدعمنا ويقوي عزيمتنا، ومن المؤكد أن الأبوين هما السند الأبرز، حيث تُسهم كلماتهم الحكيمة في توفير الطمأنينة والسلام الداخلي، ونتعلم من تجاربهم كيفية مواجهة التحديات.
- علينا إدراك أن كل قول وفعل يُنسب إلينا تجاه الوالدين سيعود بآثاره الإيجابية أو السلبية على أولادنا في المستقبل، لذا ينبغي أن نحرص على حسن معاملتهم ولطف الحديث معهم.
لم يتركنا ديننا الكريم سُدًى، بل بدلًا من ذلك حثَّنا على بر الوالدين، حيث أوضح القرآن الكريم العديد من الآيات التي تبيّن حقوقهما، ومنها:
- (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) [الأحقاف:15].
- (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) [الإسراء:23].
- (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [العنكبوت:8].
كيفية إحسان الوالدين
توجد عدة طرق وأساليب يمكن من خلالها تحقيق بر الوالدين، ويجب أن ندرك أن هذه القيمة لا تقتصر فقط على حياتهما، بل تمتد إلى ما بعد وفاتهما. ومن أبرز الوسائل التي يمكن من خلالها إرضاءهما:
برهما باللسان
- عليك أن تخصص لهما معاملة خاصة، لأنهما بحاجة لذلك. لا تطيعهم في أمر يعارض أوامر الله، لأن ذلك لا يعتبر طاعة.
- احرص على مخاطبتهما بكلام لطيف، وكن صبورًا عند استفسارهما عن شيء، حيث تذكَّر كيف كانا صبورين عليك في شبابك لتصحيح أخطائك.
برهما بالعمل والجوارح
- احرص على الاستماع إليهما وعدم مقاطعتهما أثناء الحديث، فهذا من أدب الحديث الذي دعا إليه الإسلام.
- قم بجعل نفسيتهما سندًا لك، واسعى لإدخال السرور إلى قلبيهما كما فعلا معك عندما كنت طفلًا. ومكافأة الإحسان بالإحسان واجبة.
- تجنب رفع الصوت عليهما أو القيام بأي تصرف قد يزعجهما، وذكِّر نفسك دائمًا بآيات القرآن: (فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ).
- من يعظم الأثر البعدي لبر الوالدين هو أن هذا البر يستمر حتى بعد وفاتهما، من خلال الدعاء لهما والصدقات وزيارة أحبائهما.
فضل وثمرات بر الوالدين في الدنيا والآخرة
تشمل بعض الفوائد التي يمكن الحصول عليها من بر الوالدين ما يلي:
- يتمتع الابن البار بمكانة عالية في المجتمع نتيجة دعوات والديه له.
- يكتسب حب الناس، فالله إذا أحب شخصًا وضع محبته في قلوب الناس.
- يؤثر بر الوالدين إيجاباً على حياة الإنسان من حيث سعة الرزق وطول العمر.
- يعمل بر الوالدين على مغفرة الذنوب وزيادة الحسنات، ويؤدي إلى الفوز برضا الله ودخول الجنة.
- كذلك، يكافئ بر الوالدين أجر الجهاد في سبيل الله.
بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم أهمية بر الوالدين في عدة أحاديث نبيلة، من أبرزها:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صَحابتي؟ قال: أمُّك، قال: ثم من؟ قال: أمك؟ قال: ثم من؟ قال: أمُّك، قال: ثم من؟ قال: أبوك) رواه مسلم.
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم أيُّ العملِ أحبُّ إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قُلْتُ: ثم أيّ؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أيّ، قال: الجهاد في سبيل الله) رواه البخاري.
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (يا نبيَّ الله! أيُّ الأعمالِ أقرب إلى الجنَّة؟ قال: الصَّلاةُ على مواقيتها، قلتُ: وماذا يا نبيَّ الله؟ قال: برُّ الوالدين، قلتُ: وماذا يا نبيَّ الله؟ قال: الجهاد في سبيل اللَّه) رواه مسلم.
- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رضى الرَبِّ في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد) رواه الترمذي وحسنه الألباني.
مكانة بر الوالدين
- يتمثل بر الوالدين في إحسان معاملتهما، سواء من خلال الأقوال أو الأفعال، والحرص على تنفيذ أوامرهما قدر الإمكان ما لم تتعارض مع أوامر الله.
- يُعتبر بر الوالدين عبادة عظيمة تقرب العبد من الله، وتعد من أهم العوامل المؤدية إلى دخول الجنة وكسب محبة الله، كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حينما سأله أحد صحابته رضي الله عنهم: (يا نَبِيَّ اللهِ، أيُّ الأعْمالِ أقْرَبُ إلى الجَنَّةِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى مَواقِيتِها، قُلتُ: وماذا يا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: برُّ الوالِدَيْنِ، قُلتُ: وماذا يا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ).