أحبك أحبك وهذا توقيعي
- كما قال الشاعر نزار قباني:
هل لديك أدنى شك أنك أجمل امرأةٍ في العالم؟
وأنتِ الأهم في هذا الوجود.
هل تحتاجين دليلًا على أنني عندما وجدتك،
أدركت أنني امتلكت مفاتيح الكون؟
هل لديك شك في أن لمسة يديك،
قد غيرت كل شيء حولي؟
هل تحتارين في أن دخولك قلبي،
هو أعظم حدث في التاريخ وأجمل خبر؟
هل لديك شك في هويتك،
يا من تسكنين في عيوني؟
يا امرأة تكسرين جدار الصمت حين تمرين.
لا أفهم ما يحدث لي،
لأنكِ أول حب لي،
وكأنني لم أحب أحدًا قبلك.
أنتِ ميلادي، ولا أتذكر أني كنت قبل وجودك.
أنت غطيائي، وقبل حنانك لا أتذكر أنني عشت.
وكأني، أيتها الملكة،
قد خرجت من بطنك كالعصفور.
هل لديك شك أنك جزء من كياني،
وأني سرقت النار من عينيك،
وأجريت أخطر ثوراتي؟
أنت الوردة، الياقوتة، الريحانة،
وأنت السلطانة،
والشرعية بين جميع الملكات.
يا سمكة تسبحين في ماء حياتي،
يا قمرًا يضيء كل مساءٍ من نافذة الكلمات.
يا أعظم إنجاز بين جميع إنجازاتي،
يا آخر وطن أولد فيه،
وأدفن فيه أفكاري.
يا امرأة الدهشة، يا امرأتي،
لا أعلم كيف ألقتني أمواج القدر إلى قدميك،
ولا كيف مشيت نحوك.
يا من تتزاحم كل طيور البحر
لكي تستوطن في أحضانك.
كم كان حظي عظيمًا عندما وجدتك،
يا امرأة تدخل في تكوين الشعر.
أنت دافئة كالرمال،
رائعة كليلة القدر.
منذ أن طرقت بابي، بدأ عمري.
كم أصبح شعري جميلًا،
عندما تطرب بالأحضان بين يديك.
كم صرت غنيًا وقويًا،
لأن الله أهداني إياك.
هل لديك شك أنك شعاع من عيني؟
يداك امتداد لضوء أيادي،
هل لديك شك أن كلماتك تخرج من شفتي،
وأني فيك وأنت فيَّ؟
يا نارًا تلتهم كياني،
يا ثمرة تملأ أغصاني.
يا جسدًا يقطع مثل السيف،
ويضرب كالبراكين.
يا نهداً يعبق كحقول التبغ،
ويركض نحوي كحصان.
قولي لي،
كيف أنقذ نفسي من أمواج الفوضى؟
قولي لي،
ماذا أفعل فيك، وأنا في حال إدمان؟
قولي لي ما الحل، فأشواقي،
تجاوزت حدود الهذيان.
يا ذات الأنف الإغريقي،
وذات الشعر الإسباني،
يا امرأة لا تتكرر في آلاف الأزمان،
يا امرأة ترقص حافية القدمين في شرياني.
من أين أتيت، وكيف وصلت،
وكيف عصفتي بوجداني؟
يا إحدى نعم الله على،
وغيمة حب وحنان.
يا أغلى لؤلؤة في يدي،
آهٍ، كم أكرمني ربي.
قراءة في وجه حبيبتي
- من قصائد محمود درويش في الغزل:
وحين أحدق بك،
أرى مدنًا ضائعة،
أرى زمنًا قرمزيًا،
أرى أسباب الموت والعظمة،
أرى لغة لم تُدوَّن،
وآلهة تتجول،
أمام المفاجأة الرائعة.
وتنتشرين أمامي،
صفوفًا من الكائنات بلا أسماء.
وما وطني سوى تلك العيون،
التي لا تعرف للأرض جسدًا.
وأسهر فيك على خنجر،
واقف أمام طفولتي،
وهو الموت مفتتح الليلة علينا.
وأنتِ جميلة،
كعصفورة نادمة.
وحين أحدق فيك،
أرى كربلاء،
ويوتوبيا،
والطفولة،
وأقرأ قائمة الأنبياء،
وسفر الرضا والرذيلة.
أرى الأرض تلعب،
فوق رمال السماء،
أرى سبب اختطاف المساء
من البحر،
والشرفات البخيلة.
النصيف
- كما يقول النابغة الذبياني:
لقد سقط النصيف، ولم تردِ إلقاءه،
فتناولته وأنتِ تحمين يدي،
بأصبعٍ مزهر، كأنه غصنٌ عانقَ الأغصان.
نظرت إليك برغبة لم تُقضَ،
كنظرة السقيم إلى وجوهه المستنيرة.
تجلّيت بين الأهداب كالشمس،
يوم تطلُّ بأشعتها الذهبية.
أو دُرّة صدفية، غواصها
بهجةٌ تستحق السجود.
أو دمية من مرمر، مرفوعة
من لؤلؤٍ متسلسل ومترادف.
لو عرضت لها، لأدرك الرهبان،
عبادةً مصممةً، متعلقة.
ترنمت بجمالها وحديثها،
وليتمنى أن يدركها ويهديها الرشد.
أحبك أكثر
- يتغزل محمود درويش في قصيدته بالأرض والوطن:
تكبر، تكبر،
فمهما يكن مما جادت به الأقدار،
ستظلين، في عيني ولحمي، ملاكًا.
وستبقين كما شاء لنا حبنا، أراك،
نسيمك عنبر،
وأرضك سكر،
وأنا أحبك أكثر.
يداك خمائل،
ولكنني لا أستطيع الغناء،
مثل كل البلابل،
فإن السلاسل،
تعلمتني أن أقاتل،
أقاتل .. أقاتل،
لأني أحبك أكثر.
غنائي خناجر ورد،
وصمتي طفولة رعد،
وزنبقة من دماء
فؤادي،
وأنت الثرى والسماء.
وقلبك أخضر،
وجزر الهوى فيك مد.
فكيف إذن لا أحبك أكثر،
وأنت كما شاء لي حبنا أن أراك،
نسيمك عنبر،
وأرضك سكر،
وقلبك أخضر،
وغني طفل هواك،
على حضنك الحلو،
أنمو وأكبر.
أشاقك من عبل الخيال المبهج
- كما يقول عنترة بن شداد:
أشاقك من عبل الخيال المبهج،
فقلبك فيه لهيبٌ يتوهج.
فقدتُ التي غابت، فبتُّ معذبًا،
وتلك التي احتضنتك عني، للبين هودج.
كأن فؤادي يوم ودعتك،
كانت عبيليتي مني هاربة تتماوج.
خليلَيَّ، لا أنساكم، بل فداكم،
أبي وأبوها، أين وأين المعراج؟
ألمّا بماء الدحرضين، فكلما،
دية الذين في حبها كنت ألهج.
ديارهم لذة الخدر، عبلة أصبحت،
بها الأربع الهوج العاصف ترهج.
ألا هل ترى إن شط عني مزارها،
وأزعجها عن أهلها الآن مزعج؟
فهل تبلغني دارها شدنية،
هملعة بين القفار تهملج؟
تريك إذا ولت سنامًا وكاهلًا،
وإن أقبلت صدرًا لها يترجرج.
عبيلة، هذا درُ نظمي نظمته،
وأنت من أجله سلكٌ وحسنٌ ومنهج.
وقد سرت، يا ابنة الكرام، مبادرًا،
وتحتي مهري من الإبل أهوج.
بأرضٍ ترّدّى فيها الماء في هضباتها،
فأصبح فيها نباتها يتوهج.
وأورق فيها الآس والضال والغضا،
ونبقٌ ونسرينٌ ووردٌ وعوسج.
لئن أضحت الأطلال منها خوالياً،
كأن لم يكن فيها من العيش مبهج.
فيا طالما مازحتُ فيها عبيلة،
ومازحني فيها الغزال المغنج.
أغني مليح الدل، أحور أكحل،
أزج نقي الخد أبلج أدعج.
له حاجب كالنون فوق جفونه،
وثغر كزهر الأقحوان مفلج.
وردف له ثقل وقد مهفهف،
وخد به ورد وساق خدلج.
وبطن كطيب السابريه لين،
أقب لطيف ضامر الكشح أنعج.
لهوت بها والليل أرخى سدوله،
إلى أن بدا ضوء الصباح المبلج.
أراعي نجوم الليل، وهي كأنها،
قوارير فيها زئبق يترجرج.
وتحتي منها ساعدٌ فيه دملج،
مضيء وفوقي آخر فيه دملج.
وإخوان صدق، صادقين صحبتهم،
على غارة من مثلها الخيل تسرج.
تطوف عليهم خندريس مدامة،
ترى حبابًا من فوقها حين تُمزج.
ألا إنها نعم الدواء لشارب،
ألا فاسقنيها قبلما أنت تخرج.
فنضحي سكارى والمدام مصفف،
يدار علينا والطعام المطبهج.
وما راعني يوم الطعان دهاق،
إلى مثلٍ من الزعفران نضرج.
فأقبل منقضًا علي بحلقه،
يقرّب أحيانًا وحينًا يهملج.
فلما دنا مني، قطعت وتينه،
بحد حسام صارم يتفلج.
كأن دماء الفرس حين تحادرت،
خلوق العذارى أو خباء مدبج.
فويل لكسرى إن حللت بأرضه،
وويل لجيش الفرس حين أعجعج.
وأحمل فيهم حملة عنترية،
أرد بها الأبطال في القفر تنبج.
وأصدم كبش القوم ثم أذيقه،
مرارًا ككأس الموت صبرًا يموّج.
وآخذ ثأر الندب، سيد قومه،
وأضرمها في الحرب نارًا تؤجّج.
وإني لحمال لكل ملِمة،
تخر لها شم الجبال وتُزعج.
وإني لأحمي الجار من كل ذلة،
وأفرح بالضيف المقيم وأبهج.
وأحمي حمى قومي على طول مدتي،
إلى أن يروني في اللفائف أدرج.
فدونكم، يا آل عَبْس، قصيدة،
يلوح لها ضوء من الصبح أبلج.
ألا إنها خير القصائد كلها،
يفصّل منها كل ثوب وينسج.